تسييس الدين أم تدين السياسة

> عثمان صالح البيضاني

> في عصر ظل فيه كل شيء مبنيا على المصلحة الفردية لا الاهتمام بالمصالح العامة للناس والمجتمع، ونخر هذا الداء حتى وصل إلى مستوى السياسة التي هي فن الممكن، لكن كان إيجار فن الممكن في المصلحة الضيقة لمن يتولون المناصب السياسية، إلا من رحم ربي، فنرى الاختلاف في وجهات النظر بين التكتل السياسي والأحزاب حتى وصل إلى الاختلاف المذموم الذي يصل إلى التراشق بالكلمات والاتهامات والمكايدات في الصحف والقنوات ووسائل الإعلام المتنوعة، ووصل إلى انفجار الوضع والصدام العسكري.
وهذا ما حصل فيما سمي بالربيع العربي، وما قبله وما بعده، فأصبحت السياسة هي كل شيء، وأصبح الناس يلهج بذكرها تيمنا منهم في إنها المخرج الوحيد للشعوب من الصدمات الكارثية، لكن دون جدوى، فهل آن للسياسة أن تترك الدين مقدسا، ولا تجعله ورقة سياسية تعمل وتوظف لحسابها، وخدمة أحزابها السياسية، مما أصبح لكل حزب سياسي قناة أو منبر إعلامي أو صحيفة وخطيب ديني يتكلم باسم الحزب، وينافح عنه، وكأن الدين خادم لهذا الحزب السياسي، فأصبح الدين في هذه الحالة يسمى بالدين المسيس الخاص لهذه الأحزاب، وليس الدين الإسلامي العالمي الذي يجمع في نظامه ودستوره جميع الشعوب على اختلاف ثقافاتهم، ووجهات نظرهم، وحتى لا نضيع بدوامة من الصراع الذهني في عقلية الإنسان في أين يوجد الدين الصحيح إذ يرى كل حزب أنه على الحق، وغيره على الباطل.
فبهذه العقلية ضاع الدين في متاهات السياسة، فالأحرى من الأحزاب السياسية أن تتدين بالتسليم للدين واحترامه، وأن يكون الدين هو السقف الأعلى لا أن يكون الدين كاللبانة تُلاك في الفم ثم ترمى، فالدين الإسلامي له قداسته ومكانته يرجع إليه الكل، حتى والسياسة لتستمد رشدها وعبادتها وأحكامها الدينية والدنيوية من الدين.
**عثمان صالح البيضاني**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى