هل انتهى عهد صرف المرتبات ؟

> عياش علي محمد

>
عياش علي محمد
عياش علي محمد
منظمة الدول المصدَّرة للنفط (أوبك) في دورتها الأخيرة شهدت تجاذبات قوية بين الدول المناصرة لارتفاع أسعار النفط، والدول الأخرى المصرة على استمرار تخفيض أسعار النفط، وافترق الطريقان ولم يصلا إلى حل وسط بينهما رغم أن عدد الدول المؤيدة لارتفاع الأسعار يفوق عدد الدول المشجعة لاستمرار انخفاض أسعار النفط.
إن معدل أسعار النفط انخفض بمقدار 70 % ووصل سعر البرميل الواحد إلى 60 دولارا وربما سيواصل انحداره حتى عام 2015م ليكون في مستوى 50 دولارا بعد أن كانت أسعار النفط قد وصلت إلى 20 دولارا للبرميل الواحد.
أن أقوى الدول المصدرة للنفط كالجزائر وفنزويلا تعيش حالة غير طبيعية جراء انخفاض أسعار النفط، فما بالك باليمن الذي يعيش في ديمومة العجوزات في موازناته السنوية، واختلال التوازن بين الإيرادات والنفقات بحكم طبيعة الاقتصاد في اليمن الذي يعتمد في موارده النقدية على تصدير النفط بواقع 90 - 95 % كما باقي الدول التي تعيش هي الأخرى أوضاعا مماثلة لليمن.
إن البلدان التي تعتمد في صادراتها على النفط بمقدار 90 - 95 % من نسبة اقتصادها القومي، ستلجأ إلى تقليص ميزانياتها لتتناسب مع طوارئ تخفيض أسعار النفط وربما ستشهد ركودا في معالجة البطالة المتزايدة في تلك البلدان، وسيؤثر هذا الانخفاض على حالة الناس، حيث ستنعكس على حياتهم الاجتماعية أوتوماتيكياً بعد ذلك الانخفاض، وقد تلجأ تلك الدول إلى مصادر أخرى تعوض من خلالها مقدار الانخفاض في أسعار النفط مثل البحث عن زيادة قيمة السندات والضرائب والتي بدورها ستدفع أسعار السلع الاستهلاكية نحو الزيادة، وتلك أزمات يتحكم بها أساطين النفط في العالم.
واليمن في اعتقادي أول المتضررين من هذا الانخفاض لاعتمادها القوي على تصدير النفط الذي يعتمد عليه اقتصادها الوطني بنسبة 95 % وافتقار اليمن إلى سياسات احتياطية تساعدها على تجنب أية هزات من هذا النوع، وكعادتها لم تستغل اليمن أسعار النفط عندما كانت مرتفعة بتخصيص جزء من فائض ارتفاع أسعار النفط، في صندوق سيادي تدعم من خلاله أية طوارئ تخص انخفاض أسعار النفط.
وتكمن عشوائية اليمن الاقتصادية في كونها تفتقر إلى وجود خطط اقتصادية خاصة بالسياسات النفطية وأسعارها المتقلبة التي تتأرجح بين الارتفاع والانخفاض وبحكم أنه ليس لدينا أرقام حقيقية خاصة بالسياسات النفطية المتبعة، فإننا نلجأ عادة إلى النظرة العامة في تحليل المؤشرات للتوصل إلى النتائج النهائية، ولا نعرف كيف تلجأ الحكومة إلى تصدير النفط المحلي، واستيراد نفط آخر غيره، وحجم الفائدة أو الخسارة في هذه التجارة، ولا نعرف الحكمة من جراء تصرف الحكومة في سياساتها التسويقية للنفط من خلال تصدير نفطها الثمين واستيراد نفط آخر من بلدان أخرى، ولا نعرف ما الذي أحدثته تلك المقايضة التجارية من فائدة تجارية، حتى في ظل ارتفاع أسعار النفط فإن سياسة هذه التجارة لم تعط مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني من جراء هذه التجارة للحصول على فارق الأسعار، مقلدة بذلك المضاربة النقدية وحرب العملات.
لكننا نرى بوضوح أن سلبيات كبيرة رافقت تلك التجارة، والدليل على ذلك حالة (مصافي عدن) التي تشكو من قلة ما يقدم لها من نفط لتكريره، وسيف ديموغليس بانتظار قطع رقبتها، حيث وصلوا إلى خصخصتها أو اقتلاعها من جذورها كما اقتلعت الصناعات الغذائية في الجنوب وأصبحت العاصمة الاقتصادية بلا اقتصاد، والإعلان غير الرسمي عن عدم مقدرة الدولة على دفع مرتبات موظفيها خلال الأشهر القليلة القادمة لن يكون قابلا للفهم والتفسير إذا ما حسبنا انخفاض أسعار النفط بمقدار 70 % إضافة إلى قائمة العجز السنوي في الموازنة العامة، إضافة إلى نقطة الضعف (عقب أخيل) المتمثلة في عدم قدرة اليمن على إعادة كل العهد المطروحة عندها في البنوك المركزية، وإذا تم إعادتها للدول المانحة لهذه العُهد أو تم سحبها بطرق اضطرارية فإن اليمن قادمة على عهد جديد بعدم المقدرة على دفع المرتبات لموظفيها، ولن يكون ما أعلن عن عدم مقدرة الحكومة على دفع مرتبات موظفيها مجرد إشاعة.. وبمجرد تحليل الوضع الراهن نطلع باستنتاج، ومستوى الفساد المستشري في أجهزه الدولة، نقول باي باي للمرتبات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى