جيل نشأ بثقافة التواصل الالكتروني واستبدل اللغة العربية بالعامية

> استطلاع/ نوارة قمندان

> باتت اللغة العربية الأصيلة في الوقت الحاضر مهددة بالاختفاء من بين لغات العالم، وأوشكت على الانقراض من ألسنة الناس وأحاديثهم بعد أن حلت محلها اللهجة العامية في عصر الحداثة والتكنولوجيا أو ما بات يعرف بلغة شبكة التواصل الاجتماعي المتجردة من القواعد النحوية واللغوية لسهولة التحدث بها.
لغة عصرية جمعت ما بين الأحرف، والأرقام، والرموز، والعربية، والأجنبية لتضيع في هذه المعمعة لُغة القرآن من على الألسن العربية، وعلى أيدي وألسن أبنائها.
ولمعرفة المزيد من الإيضاح حول أسباب تدني مستوى التحدث باللغة العربية بين أفراد المجتمع أوضح رئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية بجامعة عدن الدكتور عبده يحيى الدباني بالقول: “إن الضعف أو التدني في المستوى التعليمي في التعليم العام والجامعي، وحتى العالي ظاهرة لا تخطئها العين، سواء في اللغة العربية أو في غيرها من العلوم والآداب، وهذا بسبب تدني مستوى الاهتمام بالتعليم بوجه عام من قبل الدولة، فهناك فرق كبير بين ميزانية التعليم وميزانية الأمن والدفاع مثلا، من غير أي نهوض لا بالدفاع ولا بالأمن ولا بالتعليم إلى آخره”.
وأضاف أن “الضعف في اللغة العربية - فضلاً عمّا تقدم - يعود إلى ضعف التعليم في الصفوف الأولى، وعدم الاهتمام بالقراءة والكتابة نظراً لكثرة عدد التلاميذ في الفصل الواحد وندرة المعلم المؤهل، وغير ذلك من الأسباب، بالإضافة إلى عدم استشعار أصحاب الشأن في التربية والتعليم والجامعات وغيرهم بأهمية اللغة العربية في التربية والأخلاق والعلم والثقافة والتفكير والهوية وغيرها، وانجذاب الطلبة المتفوقين إلى التخصصات العلمية كالطب والهندسة وغيرهما من أجل الوظيفة والكسب”.
واختتم كلامه لـ«الأيام» بالقول: “إن اللغة العربية لغة عميقة ورصينة ارتبطت بالدين ونزل بها القرآن الكريم، وتعلمها ليس سهلاً إذ هو بحاجه إلى جهد ومحبة وصبر ومتابعة، ومن الأسباب كذلك في ضعف اللغة أيضاً طغيان اللهجات المحلية، واللغات الأجنبية التي غزتنا على حساب لغتنا الأم”.
**اللغة في ضعف مستمر**
الحكم  بانافع
الحكم بانافع

أما الحكم محمد بانافع - مدير مبيعات - تحدث عن أسباب ضعف استخدام اللغة العربية بالقول: “أنا كثير ما استخدم اللغة الانجليزية، وذلك لأن طبيعة نظام عملي تتطلب مني التحدث بهذه اللغة، لا سيما مع العملاء الأجانب”.
وعن اللغة العربية وأسباب تدنيها قال بانافع: “إن مصير اللغة العربية بات في وقتنا الحاضر في وضع مستمر، وأعاد السبب في ذلك إلى دخول اللغة الإنجليزية التي أصبح لها شعبية كبيرة، وتستخدم بشكل كبير من كافة المستويات وشرائح المجتمع”.
وأضاف أن “وسائل الاتصال الاجتماعي قد لعبت هي الأخرى دوراً كبيراً في إضعاف اللغة العربية على حساب اللهجات العامية واللغات الأجنبية الأخرى”، مختتماً حديثه بالقول: “أوجه رسالة إلى وزارتي الإعلام والثقافة بضرورة تكثف البرامج الخاصة بتعليم اللغة العربية، وكذا بث المسلسلات والمسرحيات الناطقة باللغة العربية الفصيحة، والتي من شأنها أن تعلم الأطفال وجميع فئات المجتمع اللغة الصحيحة السليمة، بالإضافة إلى تكثيف الأنشطة والمسابقات والفعاليات في هذا المجال وبشكل مستمر”.
**الاهتمام باللغات الأخرى هو السبب**

المواطنة لقاء عادل المقطري تحدث عن مصير اللغة العربية والأسباب في ضعف التحدث بها في وقتنا الحاضر بالقول: “إننا بصفتنا عرب يحتم علينا أن نتقن لغتنا تمام الإتقان، وذلك من خلال فهم قواعدها النحوية والإملائية، وذلك لأنها اللغة الأم لنا وهي لغة القرآن دستورنا الأسمى، ولهذا يجب علينا أن نفهمها ونتعلمها لنتقن التحدث بها، ومتى ما أتقنا لغتنا الرئيسة ليس هناك مانع من تعلم لغات العالم الأخرى”.
وأضافت “النبي الأكرم - صلى الله عليه وسلم - حثنا على تعلم اللغات الأخرى فقال: “من تعلم لغة قوم أمن مكرهم”، ولكن ليس على حساب اللغة العربية، كما هو ملاحظ اليوم، حيث هناك اهتمام منقطع النظير لتعلم اللغة الإنجليزية وغيرها في الوقت الذي لايستطيع فيه ذلك الشخص من التحدث بلغته الأم وهنا تكمن المشكلة”.
**لا أهتم باللغة العربية**
هيثم قاسم
هيثم قاسم

أما هيثم قاسم أحمد متحدث اللغة الإنجليزية أوضح عن أسباب اهتمامه بهذه اللغة وعدم الاهتمام بتعلم اللغة العربية الفصحى بالقول: “أنا ممن يستخدون اللغة الإنجليزية باستمرار، وهذا لايعني بأنني لا أحب التحدث باللغة العربية فهي لغة القرآن ومحفوظة، وتبقى هي اللغة الأم، واللغة الإنجليزية هي اللغة الثانوية”.
وأضاف “في الحقيقة لم أفكر يوماً بالتكلم باللغة العربية الفصحى، رغم أنها لغة القرآن، لأنني أشعر بالخجل إن تكلمت بها، وذلك لعدم تداولها بين الناس، ولهذا أفضل التحدث باللغة الإنجليزية لكونها لغة العصر، بالإضافة إلى أنها أصبحت الشرط الأول في أي وظيفة يمكن أن يتقدم لها طالب العمل أو الوظيفة”.

واختتم حديثه بالقول: “إن الحل الأنسب في إعادة مكانة اللغة العربية تتمثل في الاهتمام باللغة العربية الفصحى في المدارس، وتفعل الأنشطة والمسابقات والفعاليات الخاصة بها لتحبيبها لدى هذا الجيل، والذي من شأنه أن يساعد في الاهتمام بها والتحدث بها”.
**سخرية الآخرين**
عبدالغني ثابت
عبدالغني ثابت

أما الطالب عبدالغني ثابت فتحدث عن أسباب عدم تحدثه باللغة العربية واهتمامه باللغات الأخرى بالقول: “في الحقيقة لا أواجه أي صعوبه أثناء تحدثي أو تعلمي للغة العربية، ولكن لم أفكر يوماً بالتحدث بها تجنباً للسخرية من الآخرين”.
وأضاف “أما اللغة الإنجليزية فأنا مرغم لتعلمها، وذلك لأنها أصبحت اليوم لغة مواكبة ولغة العصر، أيضاً أنها أصبحت اللغة الرئيسة لكثير من الوظائف”. ونصح ثابت في ختام حديثه لـ«الأيام» بـ “ضرورة قراءة القرآن الكريم، وتعلم تجويده، فمتى ما أتقن الفرد قراءة القرآن استطاع أن يفهم ويتكلم باللغة العربية الفصحى بطلاقة”.
**أضحت لغة ثانوية**

أما ندى محمد محمود (طالبة جامعية) فقد أعادت تدني مستوى التحدث باللغة العربية إلى أمة القرآن نفسها، والذين تركوا الاهتمام بها وللجوء إلى التحدث باللهجات العامية بسبب الاستخدام الكبير لشبكات التواصل الاجتماعي ولغتها السهلة والمبتذلة في كثير من الأحيان.
وتابعت بالقول: “ونتيجة لاستخدام هذه اللغة الخاصة بشبكة التواصل الاجتماعي من قبل معظم أفراد المجتمع طُمست اللغة العربية، وضعف استخدامها على الألسن لتضحى في وقتنا الحاضر لغة ثانوية، بل إن من يتحدث بها لا يسلم من السخرية والاستهزاء من قبل الآخرين، وهذا في الحقيقة مؤسف جداً بعد أن كانت هذه اللغة مصدر فخر واعتزاز لنا صرنا أول من يسخر وينتقص منها”.
**الجميع ساهم بإضعاف التحدث بها**
بدورها تحدثت المعلمة إرتزاق إسكندر عن هذه الإشكالية التي تواجهها اللغة العربية بالقول: “أصبحت اللغة العربية في وقتنا الحاضر لغة ثقيلة على الآذان، صعبة الفهم، وهذا الأمر يعود إلى انغماس الناس وتحدثهم باللهجة العامية والمصطلحات المستحدثة التي سيطرت على مسامع الناس”.
وتوضح بعض الأسباب التي أدت في ضعف التحدث بها بالقول: “لقد ساهمت وسائل الإعلام في وقتنا الحاضر في إضعاف اللغة من خلال المسلسلات والبرامج التلفزيونية المختلفة، والتي ساهمت بشكل كبير في هذا المجال، وما زاد الطين بلة هو دخول الإنترنت، وظهور شبكات التواصل الاجتماعي: كالفيس بوك، والواتس آب وغيرها التي أصبح يستخدمها الجميع في المجتمع”.
وأشارت إرتزاق إلى أن “الحل الوحيد لإعادة الاعتبار لهذه اللغة يتمثل بإلزام جميع الوسائل الإعلامية المختلفة (المرئية، والمسموعة، والمقروءة) وغيرها بالالتزام باللغة العربية الفصحى، وكذا الاهتمام بها في المدارس منذ الروضة والتمهدي ومن قبل الأسرة لينشأ الفرد منذ صغره على التحدث بهذه اللغة وستعاد لها مكانتها”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى