في افتتاح أعمال المجلس الوطني للحزب الاشتراكي..د. ياسين: لا بد من الحل السياسي لمعالجة القضية الجنوبية

> صنعاء «الأيام»

> بدأت أمس بصنعاء أعمال المجلس الحزبي الوطني (الكونفرنس) للحزب الاشتراكي اليمني تحت شعار (دولة اتحادية ديمقراطية من إقليمين تحتكر السلاح ويسودها القانون).
وفي افتتاح أعمال المجلس الحزبي الوطني والتي أطلق عليها (دورة الوفاء للرفيق علي صالح عباد مقبل) تقديراً ووفاءً لدوره في قيادة الحزب بأصعب الظروف بعد حرب 1994، ألقى الدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين لعام للاشتراكي كلمة قال فيها: “إن التحديات التي تنتصب أمام الوطن في صورها الأمنية والاقتصادية والسياسية والوطنية لا تترك أي مجال للمعالجات الترقيعية أو المؤقتة فأما نكون أو لا نكون”.
وأضاف: “على كافة أبناء اليمن أن يدركوا قبل فوات الأوان أننا قد ندفع الثمن باهظا لحروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل سوى أننا أقحمنا فيها لأسباب تتعلق بتسويات لسنا طرفا فيها”، موضحا أن تعقيدات هذه المرحلة تنعكس على النشاط السياسي للقوى السياسية السلمية من منطلق أن المشروع السياسي في اللحظة الراهنة أخذ ينكفئ بتأثير الحروب وأعمال العنف وما يرافقها من شحن ثقافي يستنجد بالطائفية والمناطقية وكل الهويات المفككة للنسيج الوطني.
وأكد الدكتور ياسين أن الحزب الاشتراكي عرف نفسه على أنه حزب وطني ديمقراطي اجتماعي، وأنه حزب العدالة والحرية ومكون رئيس من مكونات الحركة الوطنية اليمنية، وقال: “آن الأوان لتقييم التحالفات والسياسات والانتقال إلى صيغ جديدة من التحالفات التي تفرضها مستجدات الحياة السياسية”.
وأضاف: “إن الحزب لم يكن حالة طارئة يمكن معها تصفيته أو إقصاؤه بسهولة فقد تجذر بقلب النضال الوطني وفي كل محطاته التاريخية، وغدا حضوره في الحياة السياسية مقترنا بتاريخ سياسي تقرر أحداثه ووقائعه كثيراً من المسارات والمعطيات السياسية في اليمن حاضراً ومستقبلاً”.
وتطرق أمين عام الاشتراكي إلى موقف الحزب من الأسلوب الذي تم من خلاله التعامل مع القضية الجنوبية، وقال: “إن ذلك الأسلوب قد تجاوز حقيقة أن قضية الجنوب كانت تحتاج إلى معالجة تنطلق من الطبيعة الخاصة لهذه القضية باعتبارها قضية سياسية، تعد محور بناء الدولة التي لا يجب أن يخضع حلها لمساومات أو مراوغات كتلك التي تمثلت في اللجوء إلى تقسيم الجنوب إلى إقليمين شرقي وغربي”.
وأضاف: “وعلى نحو متسارع بدأت مشاريع الهوية المنكرة ليمنية الجنوب تعيد إنتاج نفسها لتقتحم مسار حل القضية وتربك المشهد مستفيدة من هذا التلكؤ الذي أخذ يفقد المعادلة الوطنية ديناميتها في إنتاج الحل العادل الذي يرضي الشعب في الجنوب ويحافظ على هويته اليمنية”.
وتابع قائلا: “ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن الجنوب نفسه تعرض هو الآخر لرفض هويته من قبل هويات أخرى من داخله ترفض الجميع”، مجددا التأكيد على أهمية “أن تتفق النخب السياسية في الجنوب على قواسم مشتركة دون أية غطرسة أو مخاتلة من قبل أي طرف بفرض خياره على الآخرين كخيار وحيد”.
ومضى يقول: “ولابد لهذه القوى، من وجهة نظرنا، أن تنتج روابط وثيقة بالعملية السياسية دون تحفظ وذلك من منطلق أن هذه العملية تعنيهم وتعني القضية الجنوبية، وفي سياقها فقط يمكن حل القضية الجنوبية، كما أن نجاحها في الحفاظ على كيان الدولة يعد ركناً هاماً في توفير شروط هذا الحل”.
وأوضح أمين عام الاشتراكي قائلا: “أما إذا حدث الانهيار، فإن الجنوب سيجد نفسه تائهاً ومتخبطاً ومنقسماً وسط هذا الانهيار ربما أكثر من الشمال”، مؤكدا “أن تجاهل ورفض العملية السياسية سيخلق الفرصة أمام مشروع العنف الذي ستتولاه قوى جاهزة ومتربصة بالجنوب وباليمن عموماً”.
وقال الدكتور ياسين: “إن التحديات الضخمة التي تنتصب أمام البلاد بصورها الأمنية والاقتصادية والسياسية والوطنية لا تترك أي مجال للمعالجات الترقيعية أو المؤقتة، فأما أن نكون أو لا نكون”، مؤكدا على ضرورة حسم خيارات الحل لجملة هذه التحديات بروح تضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الأخرى”، مبينا أن “البلاد لم تعد تحتمل المزيد من التدهور دون أن يؤدي ذلك إلى تهديد كيان الدولة برمته”.
وقال: “تعرضت الدولة منذ زمن طويل للمصادرة لصالح أطراف بالمعادلة السياسية والاجتماعية وأخذت هذه الأطراف تتناوب إضعاف الدولة من مواقعها في الدولة وفي المجتمع وباستخدام أدوات الدولة نفسها”.
وشدد الدكتور ياسين على ضرورة العودة لمسار العملية السياسية ومغادرة مشروع الحروب فوراً والتوقف عن المؤامرات والاغتيالات والقتل الذي ما زالت تمارسه بعض القوى بهدف إرباك الأوضاع العامة، داعيا القوى السياسية والاجتماعية والدينية بعناوينها المختلفة الى “الالتزام بحقيقة أن خلافها في جوهره هو سياسي واقتصادي، وأن العنوان المذهبي والطائفي أو الملتبس بالحديث عن هويات متناقضة ليس سوى أداة شحن خطير لتحويل الخلافات التي يمكن حلها وفق قاعدة الاتفاق على إدارة رشيدة للمصالح إلى صراع يستأثر فيه المتغلب بكل المصالح”.
من جانبه أشاد الأخ عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، في كلمة لمؤتمر الحزب، بالدور الذي لعبه الحزب الاشتراكي اليمني في صنع ثورة 14 أكتوبر المجيدة والكفاح الفاعل لتحرير جنوب الوطن من الاستعمار البريطاني ومشاركته في ثورة 26 سبتمبر الخالدة والدفاع عنها والنضال الجسور لتحقيق الوحدة اليمنية إلى جانب مناضلي الحركة الوطنية.
جاء ذلك في كلمة رئيس الجمهورية التي ألقاها نيابة عنه في الجلسة الافتتاحية لأعمال المجلس الحزبي للاشتراكي مجاهد القهالي، عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام.
وأضاف رئيس الجمهورية: “إن هذه الدورة سيكون لها الأثر الكبير على رفع مستوى قدرات الحزب الاشتراكي وتجديد نفسه واستحضار ميراثه النضالي لمواجهة التحديات والاضطلاع بدوره الوطني للنهوض بالوطن وبناء المستقبل المشرق”.
وأضاف: “إننا نعمل معا من أجل بناء اليمن الاتحادي الحديث يمن لا غالب ولا مغلوب ونشق طريقنا نحو بناء الدولة المدينة الحديثة القائمة على العدل والأمن والاستقرار والمواطنة المتساوية والحرية والتعددية السياسية والتداول السلمي على قاعدة المبادرة الخليجية واتفاقية السلم والشراكة”.
وتابع قائلا: “منذ تسلمنا قيادة الوطن لم نرث دولة مؤسسات ونظام وقانون ولا جيشا ولا أمنا موحدا، بل ورثنا بركانا يضطرم في إناء مغطى بقشرة خفيفة من الأفراح والمناسبات الشكلية والضجيج الإعلامي، الأمر الذي عكس نفسه على مستوى الأداء السياسي والحكومي والأمن والاستقرار وانتعاش المشاريع الصغيرة على حساب مشروع الوطن الكبير المتمثل في بناء الدولة المدنية الحديثة وفقا لروح الدستور المعبر عن قيم العصر”.
وجدد رئيس الجمهورية التأكيد على أن مخرجات الحوار الوطني التي تأسست على قاعدة المبادرة الخليجية وأكدها اتفاق السلم والشراكة هي المشروع التاريخي الذي يلبي طموحات وآمال وتطلعات الجماهير من أبناء اليمن، مبينا أن تلك المخرجات اكتسبت شرعية شعبية وتأييدا عربيا ودوليا لا سابق له في تاريخ اليمن المعاصر.
واختتم الرئيس كلمته بالقول: “إن وقوف القوى السياسية والحزبية وكافة المكونات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني إلى جانب هذا المشروع هو وقوف مع الوطن وحياة العزة والكرامة لكل أبنائه”.
كما ألقيت في الجلسة الافتتاحية للمجلس الحزبي الوطني للاشتراكي كلمات عن أحزاب اللقاء المشترك ألقاها عبده رزاز وعن المرأة ألقتها محصنة محمد سعيد، وعن التجمع اليمني للإصلاح ألقاها رئيس الدائرة السياسية بالتجمع سعيد شمسان المعمري وعن “أنصار الله” ألقاها حمزة الحوثي، وعن الشباب ألقاها ناصر أحمد شريف وعن جرحى الثورة الشبابية الشعبية والحراك الجنوبي ألقاها الناشط هاني الجنيد.
وقد باركت جميع الكلمات هذه الدورة، معبرة عن الأمل في أن تسهم بتعزيز قدرات الحزب الاشتراكي النضالية على مستوى الساحة الوطنية باعتبار أن الحزب دائما ما يبادر للمشاريع النضالية في كل المنعطفات والعمل السياسي الوطني.
وشددت الكلمات على أهمية تضافر جهود الجميع والتكاتف والتلاحم لإنقاذ الوطن والخروج به من دوامة الأزمات والشروع في بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة الضامنة للحقوق والحريات والمرتكزة على النظام والقانون، مشيدة بالتضحيات التي قدمها أبناء الشعب اليمني رجالا ونساء من شمال الوطن وجنوبه في سبيل الحرية والتغيير.
ودعا المتحدثون جميع القوى والمكونات السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني والمعنيين بالداخل والخارج والشركاء الإقليميين والدوليين إلى سرعة تهيئة الوضع لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والشروع في بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على النظام والقانون والحكم الرشيد والحرية والعدالة المتساوية.
وأكدوا ضرورة تعزيز دور المرأة ووضع مادة صريحة في قانون الانتخابات تتضمن نظام الكوتا ضمن القائمة النسبية وإعطائها حقوقها المشروعة، بالإضافة إلى تفعيل دور الشباب في مختلف المجالات وإشراكهم بمختلف مواقع صنع القرار وبما يكفل النهوض بالوطن.
ومن المقرر أن يناقش المجلس الحزبي الوطني للحزب الاشتراكي اليمني خلال جلساته التي تستمر ثلاثة أيام عددا من الوثائق الرئيسية، منها التقرير السياسي وكذا التقرير التنظيمي وتقرير للرقابة الحزبية وآخر حول المركز المالي للحزب.
كما سيتم الاستماع إلى مداخلات وملاحظات منظمات الحزب في الداخل والخارج والشباب والمرأة والأكاديميين حول تلك الوثائق، وكذا مقترحاتهم المتصلة بسياسات الحزب في المرحلة القادمة حتى المؤتمر العام السادس للحزب.
وسيعمل المجلس الحزبي على تطوير الديمقراطية الداخلية في الحزب قياسا على معطيات تجاربه بالانتقال من ديمقراطية تمثيلية إلى ديمقراطية توافقية، إلى جانب إقرار مبدأ إعادة هيكلة الحزب على قاعدة اتحادية من إقليمين.
كما سيتم توسيع وتجديد عضوية اللجنة المركزية بحيث تصل نسبة المرأة والشباب في قوامها إلى قرابة 70 %، وسيسهم هذا التجديد وبمثل هذه النسبة في تحسين تركيبة اللجنة المركزية وبقية هيئات الحزب القيادية القائمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى