منطقة قور بمقاطرة لحج.. غياب للخدمات الأساسية وفقر يرفع معدل الانتحار بين الأهالي

> استطلاع/ محمد العزعزي

> حيث شظف العيش وانعدام أبسط الخدمات، وغياب الثورة والدولة، تجد نفسك في منطقة قور في مديرية المقاطرة بمحافظة لحج، إحدى العزل المنسية، مازالت تعيش حياة القرون الوسطى بعذابات الناس ومعاناة لا تنتهي، ليضحى وضعها بائساً مأساويا، حيث الحرمان من أبسط الخدمات فلا ماء، ولا كهرباء، ولا ضمان اجتماعي، ولا طريق، ووضع صحي وتعليمي مترد.
«الأيام» زارت هذه المنطقة المنسية والواقعة خلف الجبال العازلة لنقل معاناة هذه المنطقة وخرجت بالمعاناة والهموم الآتية:
ما تزال قرى قور تعيش مجزأة بين المقاطرة بمحافظة لحج إدارياً والوازعية بتعز في الانتخابات النيابية، وهي مقطعة الأوصال بين محافظتين وتضاريسها معقدة تمزقها الأودية السحيقة والأخاديد الانكسارية العميقة محفوفة بالجبال من كل جانب، كما فرضت البيئة المحلية أسواراً عازلة للمنفى الإجباري داخل الوطن.
**مدرسة واحدة**
أصيل عادل محمد سعيد (تلميذ بالصف السابع) تحدث عن الوضع التعليمي في هذه المنطقة بالقول: “لايوجد في هذه المنطقة سوى مدرسة واحدة يتيمة هي مدرسة الروضة الأساسية يتم التعليم فيها إلى الصف السادس فقط وتعاني أيضاً نقصاً حاداً في المعلمين، وهو ما يجبر الطلاب في المستويات الأخرى للذهاب إلى مدارس بعيدة في منطقة القريشة بمديرية الشمايتين سيراً على الأقدام لمدة أربع ساعات، أما البنات فيتسربن من التعليم لبعد المدارس عن القرى في عزلة قور”.
**حرمان من المياه**

خدمة المياه تُعد من أبرز المعاناة التي يشكوا منها أبناء هذه المنطقة.
المواطن محمد طاهر علوان تحدث عن هذه المعاناة بالقول: “قُرانا محرومة من شربة ماء نضيفه حيث لا وجود للآبار الجوفية فيها، وهو ما يجعل أهالي هذه المنطقة يعتمدون على مياه الشرب المكشوفة من العيون، والتي يتم نقلها بواسطة الأطفال، وعلى رؤوس النساء من أماكن بعيدة عن المساكن، الأمر الذي عرض المواطنين للإصابة بالعديد من الأمراض أبرزها أمراض الكلى، والمسالك البولية وذلك لانعدام مياه الشرب النظيفة”.
** صحة غائبة و30 حالة انتحار:
توجد في هذه المنطقة وحدة صحية خلف جبل منيف وبممرض واحد فقط، وهو ما يجبر المواطنين إلى إسعاف مرضاهم بجنائز الموت إلى محافظة تعز والتربة، وتعود هذه الوحدة الصحية إلى قبل 12 عاما حينما قامت فاعلة خير ببنائها على نفقتها الخاصة لتضحى اليوم مجرد أطلال، وهو ما زاد من معاناة أهالي هذه المنطقة الذين يشكون من انتشار عدد الأمراض: كالكلى، والقلب، والشرايين، والملاريا، والتيفوئيد، وأمرض الجلد.
المواطن قائد محمد شمسان أحد أبناء هذه المنطقة يُعاني من مرض المعدة، وسوء التنفس، وضيق ذات اليد، طالب عبر “الأيام” الجهات الرسمية بضرورة وضع حلول عاجلة للوضع المتردي الذي تعانيه الوحدة الصحية في المنطقة وذلك من خلال رفدها بكادر طبي، وصحي.

أما محمد طه أحمد فارع فقال: “إن الفقر الشديد الذي يعاني منه أبناء هذه المنطقة أدى إلى نمو حالات الانتحار أبرزها إقدم ثلاثة أطفال لاتزيد أعمارهم عن 12عاماً إلى هذه الجريمة، بالإضافة إلى إقدام عدد من النساء على حرق أنفسهن في السنوات الأخيرة، وقد سجلت هذه المنطقة أعلى نسبة انتحار بلغت 30 حالة خلال الخمس السنوات الماضية بينهن أربع فتيات في عمر الزهور”.
** طرق وعرة**
المواطن عمران علي عبدالله تحدث عن جانب من هذه المعاناة بالقول: “الطرق التي تربط قرى قور وعرة جداً، تعيق المواطنين من استخدام الحمير في نقل حاجياتهم وأغراضهم من المناطق الأخيرة، الأمر الذي يجبرهم على قطع المسافات سيراً على الأقدام ونقل حاجياتهم على رؤوس النساء والأطفال”.
ويضيف: “الطريق المتوفرة في المنطقة قديمة تم شقها في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي في سبعينات القرن الماضي، كما أن هذه الطريق نتيجة لوعورتها والخراب الذي طالها تغلق في مواسم الأمطار، وما يزيد من معاناة أبناء هذه المنطقة هو تعرض مساكنهم وقراهم لتساقط الصخور باستمرار”.
ويتابع: “إن هذه المنطقة ماتزال في معزلة عن محيطها الجغرافي والاجتماعي، وما يزال أبناؤها في ظلام دامس ويستخدمون الفوانيس كمصدر للضوء، كما أن الحطب يعتبر أهم مصدر للوقود هنا”.
أما الحاج علوان شمسان ثابت فقال: “توجد في العزلة أسلاك وأعمدة ممدودة على الأرض منذ عام 1992م، ولم نجد من ينجز هذا المشروع حتى اليوم، لتضحى الكهرباء في منطقتنا ممنوعة من الصرف”.
** خرَّجت عددا من الكوادر**
من جهته أكد التربوي بشير عبده أحمد لـ«الأيام» أن هذه المنطقة رفدت البلاد بالكوادر العلمية المؤهلة شمالاً وجنوباً، ومن أبرزهم الدكتور عبدالحق سلطان في جامعة صنعاء، والدكتور سلطان علي سيف بجامعة عدن، وعبدالرحمن عبدالله فارع خريج أكاديمية موسكو من روسيا عام 1967م، كما ساهم أبناء قور في الثورة، نال عدد كبير منهم الشهادة ومازال بعضهم مخفياً حتى اليوم في سجون صنعاء.
**ختام**
ما سبق ذكره لايشكل سوى غيض من فيض ونقطة من مطر من معاناة أبناء هذه المنطقة، والتي أضحت قضاياها عالقة، وهمومها منسية لم تلق أي اهتمام من قبل الجهات المعنية في الحكومات المتعاقبة منذ عهد الإمامة حتى يومنا هذا، الأمر الذي جعل ساكني هذه المنطقة يفقدون الأمل في تحسن أوضاهم في المستقبل القريب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى