لطفي أمان في ذكرى وفاته الـ(43)

> د. عبده يحيى الدباني

> ولم يقتصر إبداع لطفي أمان على الشعر الفصيح، ولكنه كان مؤلف أغان مبدع غنى له عدد من فناني عدن مثل: (محمد مرشد ناجي، وأحمد قاسم، وأبو بكر سالم بلفقيه، ومحمد سعد عبد الله) وغيرهم، وفضلاً عن ذلك كان لطفي رحمه الله عازف عود وفنانًا تشكيليًا.
إن نظرة عامة عجلى في شعر لطفي تقودنا إلى أنه قد اهتم بقضايا الإنسان حيثما كان، وهذه نزعة رومانسية مشتركة، ولعل ذلك يعود إلى طبيعة مدينته ذات الثقافة الإنسانية، كما اهتم الشاعر بتجارب الحب المختلفة، ولقد كان واقعيًا في هذه التجارب، كما فاضت دواوينه بشعر الأسرة من زوجة وأبناء وإخوان، وهذا ملمح اجتماعي فريد عند شاعرنا لطفي قلما وجدناه عند شعراء آخرين في اليمن أو في البلاد العربية، وهذا يعود إلى مدنية الشاعر وتحضره ورهافة إحساسه.
لقد غنى لطفي للوطن (الجنوب) الذي كان يرزح تحت نير الاحتلال الإنجليزي، وفي أعماله الكاملة عدد كبير من قصائده الوطنية الثورية صار بعضها أناشيد للثورة والوطن، ولم يسلم شاعرنا من عذابات الغربة، فلقد تجرع كأسها، ولكنها خدمته شاعرًا مثقفًا، وقد وجدت معاناة الغربة طريقها إلى أعماله الشعرية، ولم يكن شعره بعيدًا عن قضايا أمته، فكثيرًا ما تألم في شعره لآلامها، وتغنى بآمالها وأمجادها.
وأحب أن أشير إلى أنني بصدد كتابة بحث في أثر بيئة عدن في شعر لطفي أمان بمختلف جوانبها وبوجه عام، فقد لمست هذا الأثر مترددًا في كل أرجاء شعره وأكثره أثر غير مباشر.
فهنالك في شعره تجد مثلاً روح التفاؤل والبهجة، ونبذ اليأس والحزن، وهذه ثقافة عدنية ملموسة، ومثلما هي عدن مدينة بهيجة الليل مشرقة الأضواء، فقد وجدنا الشاعر أكثر من مفردة الضوء ومرادفاتها، بحيث لا تخلو قصيدة من ذلك رمزًا وواقعًا، فضلاً عن ذلك تجد تعاطف الشاعر مع الفقراء والغرباء، وهذه روح عدنية مشهودة، وطالما انبعثت العطور والزهور من شعره - رحمه الله - وتردد أريجها خلاله، وعبر من خلال حاسة الشم عن عواطف وأفكار وعلاقة عدن بذلك واضحة.
كما جاءت لغته الشعرية رقيقة وسهلة هذبتها الحضارة وطبعتها عدن بطابعها التلقائي الجميل بعيدًا عن التكلف والتعسف وغير ذلك من الخصائص التي مثلت روح عدن أكثر من أن تعكس شكلها الخارجي.
وبعد رحلة حافلة بالعطاء شعريًا وتربويًا ووطنيًا وإعلاميًا وثقافيًا جاوزت الأربعين عامًا بقليل ترجل الشاعر من على صهوة هذه الرحلة الاستثنائية واختاره الله إلى جواره في أحد مستشفيات مصر في 16 ديسمبر 1971م، رحمه الله تعالى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى