الدكتور زين اليزيدي.. والرحيل الموجع أبو الشهيد: لا أريد إلا أن يرفع أبناء الجنوب صورة ابني طول العمر ولا يُنسى.. أم الشهيد: حسبي الله ونعم الوكيل وربي منتقم جبار

> تقرير / فردوس العلمي

> عدن تزف كل يوم عريس يعانق جسده ترابها ويحتضن أرضها، ما أصعب الجلوس بين أم وأب في أرذل العمر، فقدا فلذة كبدهما وأول فرحتهما ليس من حديثهم غير “الحمد لله.. حسبي الله ونعم الوكيل”، رددوهما مرارا وتكرارا، حتى خيل إليَّ أنهما نسيا باقي الكلام، وبين أبناء لا يفارق الدمع عيونهم وزوجة فقدت زوجها فتحجرت دموعها في المآقي.
التواجد في منزل شهيد لا تعرفه من قبل والجلوس مع أسرته ليس بالشيء الهين تحتاج إلى قوة قلب وسيطرة على دموعك من السقوط، فما بالك أن تتواجد في منزل شهيد تعرفه حق المعرفة تعاملت معه وتناقشت معه في كثير من القضايا المطروحة على الساحة تتسمر دموعك وتخشى السقوط.
لم أتوقع أن أزور منزل الشهيد الدكتور زين حسين اليزيدي الجار الطيب في هكذا ظرف، وهو تلك الشخصية التي لا تفارقها الابتسامة، فهو رجل اجتمعت فيه الكثير من الشخصيات، فهو الابن والأخ والأب والزوج وهو الأستاذ والمعلم والناصح، كل هذه الشخصيات اجتمعت في الدكتور زين، الذي كان له نصيبا من اسمه، من لا يعرف الدكتور زين محسن اليزيدي فسيرته الذاتية تقول إنه هو القيادي والأكاديمي الجنوبي، المولود في مدينة يافع، في العاشر من شهر أكتوبر عام 1958م.. كان الشهيد أستاذا في الاقتصاد الدولي، التحق بجامعة عدن عام 1986، يحمل بكلاريوس (اقتصاد) من عدن، وماجستير (شركات متعددة الجنسيات) من أوكرانيا، ودكتوراه (استثمار دولي) من الهند، حمل لقب أستاذ جامعي ومحاضر في جامعة عدن.

كان للشهيد الكثير من المساهمات العلمية والمشاركات والبحوث، وكان عضواً في مجلس جامعة عدن ومجلس نقابتها، وعمل كقيادي في الثورة الجنوبية وعضو الهيئة الإشرافية لمخيم الاعتصام الجنوبي المفتوح بخور مكسر، وهو رئيس اللجنة الثقافية بمخيم الاعتصام الجنوبي.. ترك الشهيد زين محسن اليزيدي خلفه سبعة أولاد، ولدين وخمس بنات فقدوا سندهم.
التقت «الأيام» بأسرة الشهيد زين محسن صالح اليزيدي في زيارة حملت الكثير من الوجع والهموم والدموع الحارة.
يقول والد الشهيد محسن صالح اليزيدي البالغ من العمر (75 عاما) الحمد لله (كررها كثيرا).. موت ولدي زين كارثة عظيمة”، واصفا ابنه بالقول: “ليس مثله أحد على وجه الأرض، فلم ينهرني يوما ولم يقل لي كلمة تجرحني، ولم يقصر معي، ولم أسمع منه إلا طيب الكلام طول عمره، فمن لي الآن بعده، حرموني ابني وأخذوه غدرا”، رفع والد د.زين يده إلى السماء، داعيا المولى أن يسكن ولده جنات عدن تجري من تحتها الأنهار، وأن ينتقم الجبار ممن تسبب بموت ولده وحرموه فرحة عمره بالقول: “الله ينتقم ممن أذاقوا ابني السم الذي تسبب في وفاته ويجعل كيدهم في نحورهم وأن يبعدهم من أرضنا ووطننا”.
ويقول بحرقة وألم ودمعه منهمر لتخرج كلماته مبللة بمرارات وجع الفراق: “لا أريد شيئا من دولة تسبب جنودها بقتل ولدي، ولا أريد منها شيئا إلا حق ولدي، وأن يرفع أبناء الجنوب صورة ولدي طول العمر ولا ينسوه، وحسبي الله ونعم الوكيل فهو المنتقم الجبار”.
عبدالله محسن صالح اليزيدي (أخو الشهيد) يقول: “لا نريد شيئا من الدولة إلا أن تتقي نفسها في (1300 شهيد) ومن ضمنها أجمل دكتور في الجنوب هو د. زين محسن صالح الذي يحبه ويحترمه كل أبناء الجنوب كبارا وصغارا”.
الشهيد زين محسن من أسرة شهداء، فابن شقيقته سامح اليزيدي شهيد الشارع الرئيسي بالمعلا، وخاله عبدالله صالح أول شهيد الجبهة القومية، والشهيد منقل الذهب علوي حسين من أقارب الشهيد د. زين، سبقوه بالاستشهاد في سبيل حرية الوطن.
ويضيف أخو الشهيد: “نحن أسرة شهداء لا نرغب بالمال والجاه، كل ما نريده أن نرفع هامة الجنوب”.
ويقول: “د. زين سافر إلى الهند للعلاج في مستشفى (بونا) قبل شهرين ونصف من مقتله ولم يتصل به أحد ولم يسأل عنه أو يتصل به رئيس الجامعة أو أي من كوادر الجامعة أو الدولة إلا بعض الدكاترة الطيبين، وأموال وحقوق د. زين في رقبتهم إلى يوم الدين، فحتى الآن لم تسلم الجامعة مخصص علاجه الـ (2000 دولار)، وفي المقابل نتقدم بالشكر للدكتور هيركل (هندي الجنسية) والأخ محمد سعيد العيسائي وسليم القعيطي والأخ عبد القوي من الضالع فهم من تكفلوا بعلاج د. زين على حسابهم الخاص”.
وعن ما تريده أسرة الشهيد من الدولة قال: “نحن لا نصرح في هذا الأمر، ونعيده إلى اللجنة العليا المختصة بالجيش ونظام الجنوب، فنحن مثلنا مثل الآلاف من أسر شهداء الجنوب وما تختاره اللجنة هو ما سيكون ونحن مستعدون لكل احتمال”.
والد الشهيد د.زين و ابن الشهيد
والد الشهيد د.زين و ابن الشهيد

ترفض أسرة الشهيد التقرير الصادر عن السلطة المحلية بالمحافظة، الذي يقول إن سبب الوفاة كان دخان الإطارات، وتؤكد أن سبب وفاة د. زين هو الغاز السام المحرم دوليا، كما جاء في تقرير الطب الشرعي الصادر من مستشفى الجمهورية، والذي يعد فضيحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ابن الشهيد د. زين (عبدالله) أكبر أولاده وفرحته الأولى يقول: “والدي رحل ومطلبه معروف ونحن سائرون على درب الشهداء د.زين وم. خالد الجنيدي وكل شهداء الجنوب، ونحن نعتبر اغتيال الشهيد د. زين تصفية للكوادر الجنوبية”.
وأضاف: “قضية والدي هي قضية الجنيدي وقضية كل شهداء الجنوب وكل هذه القضايا مصيرها واحد وحلها واحد، وهو ما تقره لجنة الجيش في الجنوب في قضية والدي وكافة شهداء الجنوب، ونحن نمتثل لها، و نرجو من قيادات الجنوب أن تتوحد لكي يتوقف زهق الأرواح على أرض الجنوب”.
تقول هند زين (ابنة الشهيد): “كان هدف أبي التوحد وتوحيد الصف الجنوبي، ولهذا نحن نطالب بتحقيق حلم والدي”.
بينما يطالب حسين (17 عاما) ـ ابن الشهيد زين ـ بأخذ القصاص كما يشرعه ديننا الحنيف، ويقول: “نحن على درب والدي نسير حتى النصر، وما يحصل هو تعمد لتصفية الكوادر الجنوبية ممن هم قادرون على تأسيس دولة الجنوب”.
ويضيف: “لم أتوقع أن أرى جسد أبي وقد اصطبغ باللون الأزرق خلال فترة قصيرة، ويسأل: هل هذا من دخان الإطارات أو من الغاز السام؟”.
أبناء الشهيد عبدالله وحسين وهند زين جميعهم اتفقوا على وقف نزيف دماء الشهداء، وأن على القيادات الجنوبية في الداخل والخارج أن توحد الصف الجنوبي كما كان يسعي له والدهم.
والدة الشهيد بصوت مخنوق موجع قالت: “اللي قتله يقتله ربي”.. ورددت “حسبي الله ونعم الوكيل مراراً وتكراراً”.
وأضافت: “تلقيت خبر وفاة ولدي وأنا في يافع، ونزلت إلى عدن لكي أودع جثمان ولدي”.. ورددت “الحمدلله، الحمدلله”.
أخت الشهيد زين هي أيضا أم الشهيد سامح اليزيدي قالت: “ما جاءنا يكفينا ولدينا أربعة شهداء لم نتوقع أن يفارقنا الشهيد زين بهذه الصورة الموجعة، ولكن قدر الله وما شاء فعل، وتقرير السلطة فاشل جداً، والله سوف ينتقم منهم والنصر قريب بإذن الله تعالى”.
زوجة الشهيد كانت في غرفة منعزلة كونها في حالة عدة ولا يجوز أن تظهر إلا على محارمها جلست على زاوية من سريرها ترتدي ثوب الحزن، وقالت والعبارات تخنقها: “أتمنى أن تتحقق أمنية زوجي الشهيد، فقد كان يتمنى أن تعاد دولته بكل مناطق الجنوب موحدة ولن يتم ذلك إلا في توحد فصائل الحراك جميعا”.
وكذبت زوجة الشهيد التقرير الذي يقول بأن زوجها مصاب بالربو.
وتحكي زوجة الشهيد آخر ساعات في حياة زوجها وتقول: “كان لديه محاضرة بالجامعة وعاد إلى المنزل الساعة الثانية ظهرا وتغدى وشرب الشاهي ثم خرج الساعة الرابعة والنصف عصرا إلى عدن ولم يكن يعاني من الربو كما قيل، فزوجي لم يكن يعاني إلا من السكري والضغط، وحتى لو كان يعاني من السكري وضغط الدم فنصف الشعب الجنوبي يعاني من الضغط والسكري، فإذا كان ذلك صحيحا لمات نصف الشعب الجنوبي”.. وتختتم حديثها بحمد الله وشكره، وتقول: “لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل”.
الشاب محمد عبدالله أمعبد (أحد جيران الشهيد د. زين) يستنكر مقتل الشهيد زين ويقول: “نحن أبناء خور مكسر جيران د.زين نستنكر هذا العمل الإجرامي الذي تم بموجبه تصفية وقتل الشهيد القيادي د. زين محسن اليزيدي، ونطالب بوقف إهدار دماء أبناء الجنوب”.
بكى الكثير لرحيل الدكتور زين، فلم يكن خسارة لأسرته ويافع فقط بل خسارة لطلابه وجيرانه والجنوب عامة وعدن بصفة خاصة”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى