حصيلة دامية وتصعيد سياسي غير مسبوق في العام 2014م .. (1-2) عام مثخن بالجراح .. وصراع سلطة تتلاشى

> تقرير/ بليغ الحطابي

> استطاعت حركة الحوثي أن تفرض واقعاً جديداً على البلد الذي طحنته الظروف الاقتصادية، بينما واصل تنظيم القاعدة هجماته ضد القوات الحكومية، في حين تأججت معارك سياسية وإعلامية بين الفرقاء اليمنيين.
اتسم العام المنصرم في اليمن (2014م) بالاضطراب والفوضى وتزايد مستويات العنف ضمن مشهد سياسي حفل بتحولات حادة.. والتي لاتزال كامنة حتى اللحظة.
وفي ذلك يأمل اليمنيون خلال توديع العام 2014 الذي كان بائساً بأحداثه أن يشهد العام المقبل استتباب الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي.
مظاهرات حوثية
مظاهرات حوثية

ففي اليمن حدثت أحداث كبيرة كانت أولها طرد الحوثيين للسلفين من دماج في صعدة في مطلع العام 2014 ومن بعدها سيطرة الحوثيين على محافظة عمران شمال صنعاء واستقالة حكومة الوفاق التي بقيت لسنتين دون أن تحدث تحولا ملموسا في حياة المواطن، وفي سبتمبر الماضي اجتاحت جماعة الحوثي العاصمة صنعاء واستولت على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وبعض المؤسسات والملكيات الخاصة بالمواطنين، تلاها اختيار رئيس الوزراء خالد بحاح ومن ثم تشكيل حكومة الكفاءات.
**عنف ومآسٍ**
سلسلة من التفجيرات بالسيارات المفخّخة والانتحاريين
سلسلة من التفجيرات بالسيارات المفخّخة والانتحاريين

وقتل أكثر من 1500 شخص جرّاء الصراعات السياسية في عام 2014، وهو أكبر عدد منذ انتفاضة عام 2011 التي شهدت مقتل ما يقرب من 2000 من المواطنين والشباب المتظاهرين حينها.
وبعد الموافقة على نقل السلطة عن طريق “المبادرة الخليجية وآليتها” والتفاوض في أوائل عام 2012، انخفض عدد القتلى إلى حوالي 1100 سنوياً، ثم انخفض مرة أخرى إلى النصف تقريباً في عام 2013 ليصل إلى أقل من 600، وفقاً لتقرير مجموعة الأزمات الدولية.
وتصاعدت أعمال العنف في عام 2014 نتيجة لتفجّر عدد من الصراعات الداخلية التي يتّسم كل منها بطابع خاص ولكنها مترابطة، ووصل العديد منها إلى ذروته مع نهاية عام 2014.
كما أثارت عمليات القتل شكوكاً جديدة حول إمكانية نجاح التحوّل السياسي في هذه الدولة التي تعاني من فساد كبير واستنزاف للثروات وعوامل فقر وبطالة مع غياب الحلول والمعالجات الناجعة لتجاوز مخاطر الفشل والانهيار الشامل الوشيك.
**عجز السلطة**
وتعجز السلطات اليمنية والصراع المتنامي مع قوى سياسية خفية عن مواجهة الأزمات السياسية الحادة والتحديات الأمنية المتمثلة بصعود تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وسيطرة الحوثيين على مناطق واسعة، وتنامي الحركة الانفصالية في الجنوب.
ألقت الأزمة السياسية بظلالها على الوضع الإنساني
ألقت الأزمة السياسية بظلالها على الوضع الإنساني

حيث ألقت الأزمة السياسية بظلالها على الوضع الإنساني، وتزيد مخاوف الناس يوما عن يوم، من اندلاع حروب صغيرة وأعمال عنف، كما يخافون الفوضى والاضطرابات، ويضحي الناس بوظائفهم وأعمالهم ويعيشون أوضاعاً قاسية، مقابل بقائهم **على قيد الحياة..
ووفقاً لتقارير دولية فإن الاشتباكات المسلحة في مختلف مناطق اليمن أسفرت عن ارتفاع ملحوظ في عدد الضحايا (1500 قتيل وأكثر من 30000جريح)، كما أدت إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان (حيث ارتفع عدد النازحين إلى أكثر من 000 .460 شخص، ودخل في عداد النازحين داخلياً خلال الشهر الماضي حوالي 000 .144 شخص)، فضلاً عن ذلك أدت الأزمة السياسية إلى توقف حركة النشاط التجاري والاقتصادي في البلاد، وسرحت مصانع القطاع الخاص آلاف العمال والموظفين، ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة .
**فراغ مستمر..
 فراغاً أمنياً استغلته جماعات مسلّحة عديدة
فراغاً أمنياً استغلته جماعات مسلّحة عديدة

وقالت تقارير دولية حول اليمن إن الفوضى التي عمّت عام 2011 أوجدت فراغاً أمنياً استغلته جماعات مسلّحة عديدة.
وطبقا لتلك التقارير فإن المستفيد من ذلك الفراغ للسلطة ومبادرات القوى السياسية والحزبية جماعتان هما “القاعدة والحوثيون” اللتان تشنان حروبا مذهبية ودينية متنقلة بين المناطق والمحافظات..
وتضيف: فقد زاد نفوذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي يتمركز معظم أفراده في المحافظات الجنوبية والشرقية.. وعلى ذلك انتهز الحوثيون في شمال اليمن الفرصة للسيطرة على أراض جديدة بعد الانتهاء من مؤتمر الحوار الوطني يناير الماضي، بالعمل على تمديد نفوذهم ونطاق سيطرتهم ضمن مخطط يهدف لاستئصال حركة الاخوان “حزب الإصلاح” وتقويض أجنحته القبلية والعسكرية والسياسية التي كان لها دور في عرقلة الوصول إلى الاستقرار، وتدخلاتها المهددة لأمن الخليج واستقرار دوله كافة.
في الثالث من يوليو حذر زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي في خطاب متلفز من مخطط “إرهابي يستهدف العاصمة صنعاء”، يرمي إلى نقل تجربة سوريا إلى اليمن، متهماً تنظيم القاعدة بتنفيذ ذلك المخطط.
وبعد مواجهات عنيفة وضارية تمكن الحوثيون في السابع من يوليو من إسقاط محافظة عمران شمالي البلاد في أيديهم بعد انهيار الاتفاقات السابقة واحتلوا مؤسسات الدولة بعد اقتحامها، في حين حمّلت اللجنة الرئاسية المكلفة بإنهاء التوتر الحوثيين كامل المسؤولية عن التطورات المأساوية التي شهدتها المحافظة وما قد يترتب عليها من تداعيات تهدد أمن واستقرار الوطن.
**حصار صنعاء**
تظاهرات واحتجاجات
تظاهرات واحتجاجات

وفي أعقاب سلسلة تظاهرات واحتجاجات مسلحة حاصرت مخيماتها العاصمة ارتفاع مثير للجدل في أسعار الوقود في أواخر سبتمبر، اقتحمت كتائب الحوثيين المدجّجة بالسلاح العاصمة صنعاء وسيطرت على الوزارات وشبكات الإعلام الرئيسية.
وكان رد فعل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية «السني الجهادي»، الذي طالما كان معادياً للحوثيين الذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية الزيدية، على لعبة التنازع على السلطة هو تصعيد العنف، فحتى اليوم لاتزال مدينة رداع ومديرية قيفة بمحافظة البيضاء تشهد سلسلة هجمات وردود فعل قاتلة لطرفي الصراع، القاعدة المسنودين بقبائل تتبع حزب الإصلاح وجماعة الحوثي المسنودة ببعض افراد الجيش التي تستخدمهم ككبش فداء في عملياتهم الهجومية الامر الذي أدى ـ حسب مراقبين ـ الى تصاعد اعداد القتلى من افراد الجيش والامن الذين يذهبون ضحية هذه الحروب والمواجهات الخاسرة بين طرفي الصراع السلطوي..
وأدت الهجمات على أهداف تابعة للحوثيين، بما في ذلك سلسلة من التفجيرات بالسيارات المفخّخة والانتحاريين، إلى زيادة زعزعة استقرار اليمن وسقوط العديد من الضحايا بين صفوف الحوثيين الذي تتضارب الأنباء حول اعدادهم، حيث يقدر عددهم باكثر من “2000” عنصر منذ تحركهم من صعدة وحتى دخولهم صنعاء وعدد من المحافظات وتمركزهم فيها.
وعلى ذلك وجه تنظيم القاعدة في اليمن بيانا تحذيريا إلى مسلحي جماعة الحوثي، توعدهم فيها بـ “جعل رؤوسهم تتطاير” واتهمهم بـ “استكمال المشروع الرافضي الفارسي في اليمن، ودعا السنة في البلاد إلى حمل السلاح وتجنب دخول العملية السياسية لتكرار التجارب مع رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي.
وقال تنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” المنشأ عام 2008م في بيانه الموجه إلى السنة إنها لا يخفى عليهم “ما يقوم به الحوثيون الروافض من استكمال للمشروع الرافضي الفارسي في يمن الإيمان والحكمة” مضيفا أن كثيرا من المحسوبين على أهل السنة والعلم والفتوى “كان لهم أثر كبير في تنامي هذه الجماعة الحوثية وذلك بغض الطرف عنهم والسكوت عن جرائمهم التي اقترفوها بأهل السنة في صعدة وغيرها، وبالدفاع عنهم بعد الثورة المسروقة بدعوى أنهم جزء من الشعب.”
وتابع البيان “ازدادت الطعنات وازداد الجرح عمقا وكشر الرافضة عن أنيابهم وظهر لأهل السنة والجماعة بكافة أطيافهم ومسمياتهم أن المستهدف الأول هم أهل السنة والجماعة.. الذين أخمدوا نار المجوس ورفعوا راية لا إله إلا الله عالية خفاقة على أرض فارس” واصفا مؤسس التيار الحوثي والد الزعيم الحالي للتيار عبدالملك الحوثي بأنه “حامل راية الرافضة في أرض اليمن في حين أعلن ما يعرف بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب أنه أعدم مسؤولا بجهاز الأمن السياسي (المخابرات) في محافظة الضالع جنوب اليمن و4 من حراسه الشخصيين.
**انضباط القاعدة**
ويعتبر الخبير في شئون الجماعات الإرهابية سعيد عبيد الجحمي توسيع القاعدة عملياتها الإرهابية بأنه أمر متوقع بعد دخول جماعة الحوثي “كخصم ديني وعدو لدود بالنسبة للقاعدة” واقتحام الجماعة لعدد من المناطق والمحافظات بل وتوجيه سهام الحرب على التنظيم وأنصارهم في المحافظات التي يتواجدون فيها كالبيضاء ومأرب وغيرها.. الأمر الذي أتاح للقاعدة فرصة جديدة للثأر من خصمين هما الحكومة والحوثيون.
جماعة من الحوثيين المسلحين
جماعة من الحوثيين المسلحين

ورأى الجحمي أنه لم يكن معهوداً لدى القاعدة التى يعرف عنها محاربة الآخرين دينياً ولاتريد استئثار الآخرين بهذه الميزة.
وقال الجحمي إن “النظام السابق تهاون مع القاعدة وتركها حتى استأسدت واستولت على الكثير من الذخائر والأسلحة وأصبحت زنجبار مدينة قاعدية فى أبين”، مؤكداً أنه كلما تأخرت الحرب ضد القاعدة صعبت مواجهتها.
فيما يرى الصحفي محمد المؤيد المتخصص في عمل التنظيم أن نمو التنظيم يرجع جزئياً إلى «عدم استعداده لتقديم تنازلات، مما ساعد على زيادة مستويات احترامه بين العديد من اليمنيين».
وأضاف: «على العكس من سابقيه، حقق تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والجيل الجديد من قادته نجاحاً كبيراً في اليمن بسبب عدائهم للحكومة الذي لا هوادة فيه.. لم يتفاوض تنظيم القاعدة مع صالح ولا يتفاوض مع هادي.
وينعكس هذا الانضباط في تصميم تنظيم القاعدة على ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها، والمملكة العربية السعودية وأي شخص يرتبط بالحكومة اليمنية». ويشعر كثيرون بأن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد استفاد من توغل الحوثيين في صنعاء لأنه تمكن من تشكيل تحالفات جديدة مع رجال قبائل غاضبين من مواقف الحوثيين.
وفي الأيام الأخيرة، أفاد الحوثيون أنهم سيطروا على البنك المركزي ووسائل الإعلام الحكومية، كما زادت توسعاتهم باتجاه غرب اليمن ومحافظة ريمة القريبة من الحديدة والبحر الأحمر، ويهددون باقتحام محافظة تعز استكمالا لثورتهم، وذلك بناء على موجهات من زعيم الحركة عبدالملك الحوثي بعد ثلاثة أشهر على السيطرة على العاصمة صنعاء وعدة مدن أخرى.
وأطلق الحوثي تهديدات جديدة في رسالة نشرتها عدة وسائل إعلام يمنية من بينها المؤيدة لميليشيا الحوثيين، حيث هدد زعيم ميليشيا أنصار الله في اليمن عبد الملك الحوثي باتخاذ “خطوات حازمة وصارمة”، وتعهد بتعزيز سيطرة جماعته على البلاد، رغم إبرام اتفاق “السلم والشراكة الوطنية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى