حصيلة دامية وتصعيد سياسي غير مسبوق في العام 2014م .... (2-2) عام مثخن بالجراح .. وصراع سلطة تتلاشى

> تقرير/ بليغ الحطابي

> يؤكد الحوثي أن “الشعب اليمني اليوم يصر على استمرارية الثورة ومكافحة الفساد”، وهي الدافع المعلن لتبرير الهجوم، وكذلك “العمل على تحقيق الأمن والاستقرار” و “إسقاط الاستبداد السياسي”.
ومنذ سيطرتهم على صنعاء، بات الحوثيون القوة الرئيسية في البلاد ونجحوا في فرض شروطهم على السلطات التي عقدت معهم اتفاق سلام في 21 سبتمبر تحت إشراف الأمم المتحدة.
ويقول انه على الرغم من أن الاتفاق الذي ينص على انسحابهم من العاصمة والمناطق الأخرى، إلا أن المسلحين الحوثيين واصلوا التمدد، وهم يخوضون مواجهات يومية مع مقاتلين قبليين وعناصر تنظيم القاعدة.
والسبت، دعا الحوثي أنصاره إلى “الاستعداد لكافة الاحتمالات” محذرا من إمكان اتخاذ “خطوات حازمة وصارمة” لم يحددها، في وقت شهدت صنعاء مظاهرات للمطالبة بانسحاب الحوثيين.
وقال الباحث الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية آدم بارون، «إنهم لم يكونوا يسعون للسيطرة التامة على الدولة”.
**وجهان لعملة واحدة**
يواصل الحوثيون إظهار بعض الاحترام للمؤسسات الحكومية- وبغض النظر عن ادّعاءات خصومهم بأن العكس هو الصحيح- فإنهم يظهرون رغبة عامة للعمل داخل الدولة، بدلاً من إسقاطها تماماً، ولكن تبقى مسألة تحديد كم من هذه الأقوال هي مجرد عبارات طنّانة». وأضاف الباحث: «إنه لخطأ شديد بشكل عام أن ننظر إلى الحوثيين وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على أنهما وجهان لعملة واحدة.
ويضيف: “الحوثيون هم في نهاية المطاف مجموعة سائدة في هذه المرحلة، وبغض النظر عن علاقاتهم مع إيران، تظل الحقيقة هي أن الحوثيين ومؤيّديهم يعملون بدافع من الديناميات الداخلية، وهم مجموعة من السكان الأصليين متجذّرة في القضايا المحلية”.
**غضب المانحين..
وأغضبت المكاسب الإقليمية التي حقّقها الحوثيون المملكة العربية السعودية، أحد كبار مصادر الدعم المالي لليمن، والتي جمّدت في الأسابيع الأخيرة خططها لتقديم 700 مليون دولار في صورة مساعدات مختلفة.
**زيادة عمليات الخطف**
ذكرت دراسة أجريت في مايو 2014 من قبل شركة يمن أكثر أماناً، وهي شركة استشارات أمنية مقرّها في صنعاء، أن «زيادة كبيرة في عمليات الخطف» طرأت خلال السنوات الأربع الماضية، «من حادثة واحدة فقط في عام 2010 إلى 19 في عام 2013، وهو أكبر عدد من الحالات تم تسجيله في عام واحد منذ أن بدأ اختطاف الأجانب في اليمن في أواخر ثمانينات القرن الماضي». وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن الجناة ودوافعهم كانوا في السابق ينقسمون إلى ثلاث فئات مختلفة، وهي «القبلية والسياسية والجنائية»، ولكن منذ بدء التحوّل السياسي في عام 2011، أصبحت هذه الخطوط الفاصلة اكثر ضبابية.
كما أصبح أعضاء المجتمع الدولي، بما في ذلك عمال الإغاثة، أهدافاً أكبر، وكان الدافع وراء ذلك دفع فدية كبيرة - والتي تؤكد تقارير ان تنظيم القاعدة بات يعتمد عليها بشكل كبير في الاعوام الأخيرة بعد تضاؤل مصادر دعمه وبالذات خليجيا بعد تشديد الرقابة على الجمعيات وحركة اموالها وانشطتها منذ صعود حركة الإخوان الحكم عبر ماسمي بمشروع الاسلام السياسي المدعوم من القوى الامبريالية العالمية..
**تمويل..
وفيما تؤكد التقارير الدولية اتساع نشاط التنظيمات الإرهابية في ليبيا.. تقول ايضا ان تنظيم القاعدة وخلاياه في اليمن يشهد حالة ازدهار بعد خروج الحوثيين من مخابئهم.. وبالذات فيما يخص عمليات الخطف بهدف الحصول على فدية مالية مقابل إطلاق سراح المختطفين.
وأضافت الدراسة أن تنظيم “القاعدة” في اليمن يعد الأكثر اعتمادًا على الخطف كأداة للحصول على أموال، حيث حصلت الجماعات الإرهابية في الفترة ما بين عام 2012 وعام 2014 على 120 مليون دولار، علمًا بأن فرع تنظيم “القاعدة” في اليمن وحده حصل على ما لا يقل عن 20 مليون دولار من تلك الأموال.
**تآكل المجتمع..
في الوقت الذي تتصاعد حدة المخاوف الامنية حيث شهدت اليمن مغادرة معظم طواقم السفارات العاملة في اليمن والملحقيات الديبلوماسية نظرا للمخاوف من انفجار الموقف والبيئة الامنية اللامستقرة.
حيث قالت رئيسة قسم تحليل المخاطر في شركة «يمن أكثر أمناً» سيريس هارتكورن: «لقد أصبح التنبّؤ بالمخاطر الأمنية والتخفيف من حدتها وإدارتها صعباً على نحو متزايد». وأضافت أن «القواعد الاجتماعية والتقليدية التي كانت في السابق تحمي المنظمات غير الحكومية بين الجهات الفاعلة الأخرى في المجتمع اليمني آخذة في التآكل». كما أن زيادة جرائم الخطف وعدم القدرة على التنبّؤ يعني أن العديد من منظمات الإغاثة لا تستطيع أن تعمل إلا في مناطق محدودة.
**بيئة غير مستقرة..

من جانبه، قال المتخصّص في الشؤون اليمنية ومستشار المنظمات غير الحكومية في جامعة إكستر فرناندو كارفاخال، إن معظم المنظمات العاملة في اليمن تكتفي «بالموظّفين الأساسيين فقط»، مضيفاً أن هذا ليس كافياً لتقديم الدعم في أزمة بهذا المستوى.
وأكد أن «معظم منظمات الإغاثة الكبرى بدأت في تخفيض عدد الموظّفين الأجانب منذ أوائل عام 2013، وأصبح لديها خطط طوارئ لعمليات الإخلاء الطارئة من صنعاء وتعز وعدن منذ عام 2013.
وأضاف: “ليس من السهل العمل في هذا المكان، فالتهديدات الأمنية تأتي من كل صوب وحدب، وهذا أمر متوقّع في ظل الظروف السائدة هناك».
كما أوضح مدير إحدى منظمات الإغاثة المختصة بمساعدة النازحين داخلياً في محافظة حجة «شمال غرب اليمن»، الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه، أن «التكيّف مع الظروف التي تتّسم بالتذبذب ضروري لإدارة مهمة إنسانية ناجحة في اليمن. إنك تعمل حيثما تستطيع، وعندما تستطيع». ومع ذلك، لا يزال عمال الإغاثة قادرين على العمل في العديد من المناطق، حتى تلك التي ضربها العنف.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن ماري كلير فغالي أنهم تمكّنوا من تحسين قدرتهم على الوصول إلى المحتاجين في العام الماضي بسبب تحسين الاتصال مع جميع أطراف الصراع.
وأردفت: «لقد تمكّنا خلال الشهور الماضية من الوصول إلى العديد من المناطق التي لم نتمكّن من الذهاب إليها من قبل لأسباب مختلفة، من بينها الأمن.
**مخاوف اقتصادية..

وقد حذّر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر من أن اليمن قد لا يتمكن من دفع رواتب موظّفي الخدمة المدنية في غضون بضعة أشهر.
من جهته، لخّص بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية حجم الأزمة وقال: «من الصعب المبالغة في التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن: يعيش ما يقرب من نصف المواطنين اليمنيين تحت خط الفقر، والحكومة على حافة الانهيار المالي..
والاقتصاد في حالة يرثى لها، ويبدو أن الحكومة قد فقدت السيطرة على جزء كبير من حدود اليمن، وسوف تتأجل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع إجراؤها إلى أجل غير مسمى». وأضاف أن الحكومة المشكّلة حديثاً قد أظهرت بوادر استعداد للتصدي للفساد وإخفاقات الحكم، ولكن «في نهاية المطاف، كما تبدو الأمور الآن، فإن الظروف التي دفعت اليمن إلى انتفاضة عام 2011 لم تزدد إلا تفاقماً».
وقدّرت مفوضية الأمم المتحدة عدد النازحين نتيجة أعمال العنف والصراعات في المناطق السكانية اليمنية المختلفة، منذ أوائل شهر مايو 2014م، أكثر من 300 ألف شخص.
وأوضحت المفوضية (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية – وبرنامج الأغذية العالمي)، أن النازحين من المناطق المكتظة بالسكان في شمال وجنوب ووسط اليمن، 95 في المائة منهم يتم استضافتهم في نحو خمس محافظات شمالية ووسطى، منها: (حجة – عمران – العاصمة – الجوف).
ولفتت إلى احتمال تسبب الصراعات والنقص الحاد في الوقود في زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية، وانعدام الأمن الغذائي الحاد مستمراً ومسجلاً أعلى مستويات الأزمة (المستوى3) حتى سبتمبر المقبل، بالرغم من التوقعات التي تشير إلى أن حصاد شهري يوليو الجاري وأغسطس القادم سيكون متوسطاً.
ورجّحت استمرار انعدام الأمن الغذائي (المستوى 3) بسبب استمرار النزوح، خصوصاً وأن الأسر في كثير من المناطق الريفية قد بدأت بالفعل تبني مزيج من استراتيجيات المواجهة السلبية لا رجعة فيه، مثل بيع أصولهم الإنتاجية.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من انعدام الأمن الغذائي في اليمن والذي بلغ فيها مستويات تنذر بمجاعة في ظل تقديرات إحصائية بعدم قدرة نحو خمسة ملايين نسمة على إنتاج أو شراء الغذاء . وقال بيان أصدره البرنامج إن معدلات الجوع تشهد تزايداً في اليمن بينما بدأت ظاهرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالتزايد والتي تلقي بآثارها على العديد من العائلات، موضحاً أن دراسة أجريت بالتعاون مع “اليونيسيف” كشفت معاناة أكثر من نصف سكان اليمن 50 % في المئة من اليمنيين من الانعدام الحاد في الأمن الغذائي .
وتواصل المنظمات الدولية إطلاق نداءات لتفادي كارثة إنسانية وشيكة في اليمن، حيث حذرت صندوق الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” من تفاقم أزمة سوء التغذية في أوساط أطفال اليمن، خصوصا مع ارتفاع الأسعار التي رافقت الأحداث الأخيرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى