وسط غياب لدور النقابات ورجال المرورفي عدن ..ركاب تحت رحمة السائقين وأطفال يتشبثون بالموت

> تقرير / محمد التميمي

> عليك أن تعيد ضبط ساعتك وتحسب جيدا وأنت تستقل حافلة ركاب بعدن، لأن أمامك محطات شبيهة برحلات قطار يتوقف بشكل مستمر بين عدد من المقاطعات والعواصم الدولية.
لايحترم الكثير من سائقي حافلات (الهايس) بعدن التزاماتهم تجاه الركاب ومستخدمي وسائل المواصلات، وثمة وظيفة جديدة لأطفال لاتتجاوز أعمار معظمهم سن الخامسة عشرة استحدثوها في الهيكل الوظيفي في وسائل النقل بمباركة نقابية ورسمية.
منذ سنوات لم تعد حافلات نقل الركاب تغلق أبوابها حفاظا على حياة الركاب وسلامتهم في وسائل المواصلات، ولم تعد هناك حملات أو إرشادات مرورية تحث السائقين على استخدام حزام الأمان أثناء قيادتهم للمركبات، وإلزامهم بالأنظمة المرورية وسرعة محددة عند عبور الطريق البحري في مدينة، مازالت أعمدة إشارات المرور شاهد عيان على حقبة نظام إداري استثنائي في المنطقة.

على إحدى حافلات نقل الركاب “هايس” انطلقت من فرزة السيلة بالشيخ عثمان إلى كريتر بعدن، 35 راكبا استقلوها قبل وصول محطتها الأخيرة في فرزة الميدان، يلجأ الكثير من السائقين إلى العمل خارج الفرزات مع تزايد أعداد الحافلات.
بوابات حافلات مفتوحة على مسافة الطريق لا تغلق إلا آخر الدوام اليومي، يتسلق عليها أطفال وظيفتهم جمع أكبر قدر من الأموال وملء المقاعد الشاغرة بأجور زهيدة، على حساب تعليمهم وحياتهم التي تتعرض للمخاطر مع كل مطب أو منعطف.
وأنت ذاهب إلى عملك أو في طريقك للجامعة أو قضاء عمل في موعد محدد تعبر حافلات الأجرة المهترئة الطريق كسلحفاة متعمدة حرق أعصابك، حيث بدأ سائقو الحافلات مؤخرا بالاستعانة بأطفال لجلب الركاب إلى الحافلات.
يتسلق الطفل بوابة الحافلة المفتوحة على الدوام، وفي أوقات كثيرة يقوم “الكراني الصغير” بمهام رجل المرور ويفسح الطريق أمام سائق الحافلة، ويكون متسلقا على بوابتها عند نقاط الاختناقات والجولات بأجور زهيدة على حساب تعليمه وتواجه حياته مخاطر كبيرة عند كل مطب أو منعطف أو توقف مفاجئ.
يقول منصور جلاجل (سائق باص في خط الشيخ عثمان - كريتر) إن الطفل “الكراني” يقوم بتحصيل أجرة الباص من الركاب، كما يقوم بجمع الركاب وجلبهم إلى الحافلة.
يواصل قائلا: “الباصات في عدن كثيرة وفي الفرزات نبقى ساعات في انتظار دورنا ولجأنا إلى الأطفال بسبب سباق السائقين على الركاب بأجر يومي يصل إلى ألفي ريال”.

من جهته يقول السائق محمد أحمد: “إن الاستعانة بكراني صغير أصبح ضرورة لتوفير الوقت والركاب للسائق.. فالكراني يجمع الركاب من الشوارع الفرعية وجوار الجولات والتقاطعات ومن الطريق ويقوم بمحاسبتهم وهذا يوفر لنا وقتا وجهدا ومالا”.
ويبرر أحمد عمالة الأطفال على أبواب الحافلات دون إحساس بالمسؤولية تجاه مستقبلهم أو حياتهم، إذ يقول: “الطفل لا يحتاج إلى أجر كبير بل مبلغ رمزي وكذلك خفة الطفل ورشاقته لهما دور كبير في تجميع الركاب بشكل سريع ولا يحتاج لمقعد للجلوس ولا يتضايق منه الركاب مقارنة بالشخص الكبير”.
لا يخفي الكثير من الركاب امتعاضهم وازدراءهم من امتهان الأطفال من قبل السائقين دون التفات الجهات المختصة أو المعنية.
يستغل الطفل (أ.س.ب) انفلات التعليم في مدرسته منذ العام 2011م ويذهب للعمل ثلاثة أيام في الأسبوع، ومؤخرا لم يعد يذهب مطلقا إلى المدرسة، فيجدها فرصة ثمينة للعمل اليومي بمبلغ 2000 ريال.
تزايد أعداد “الكراني الصغير” على وسائل المواصلات ونجدهم ينتشرون في أماكن التوقف أمام معسكر بدر في خور مكسر وكذلك تتكرر أمام مجمع عدن مول في كريتر فضلا عن الطريق العام والمواقف الأخرى.

منذ العام 2011م تشهد مدينة عدن تدهورا أمنيا وتراجعا لدور رجل المرور وتزايد أعداد المركبات الخاصة وسيارات وحافلات الأجرة.. يتحدث مسؤول الحوادث بنقابة النقل خط (عدن - الشيخ عثمان) أحمد سالم بالقول: “كل واحد من السائقين مشغول في حاله، ويلجأ الكثير من السائقين للعمل خارج الفرزة، وهذا الأمر ليس من مسؤولياتنا وتتحمل تبعاته سلطات شرطة السير ورجال المرور”.
وجدها الأخ أحمد المرزوقي فرصة للحديث عن معاناته مع تزايد أعداد الحافلات، والوضع المروري المنفلت بقوله: “رقموا 15 ألف حافلة هذا العام والنقابات ليس لها دور”.. ويتابع قائلا: “نحن هنا في الفرزة نخرج مرتين يوميا فقط بعد تزايد أعداد الحافلات”.. يضيف وهو يشير إلى حافلات تتسابق على الركاب على الخط الرابط بين مديريتي الشيخ عثمان وصيرة: “يتوقف الباص أمام المرور والطفل معلق فوق الباب، للأسف المرور أصبح مشكلة في عدن والنقابات انتهى دورها منذ سنوات”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى