عزان بشبوة.. من جحيم الحرب إلى جحيم الحرمان

> استطلاع/ جمال شنيتر

> رغم مرور عدة أشهر على انتهاء الحرب التي شهدتها مدينة عزان ومناطق مديرية ميفعة بمحافظة شبوة إلا أن مدينة عزان تعاني أوضاعا صعبة ومعقدة، ويأتي في مقدمتها غياب الجانب الأمني في ظل المشكلات التي تسببها القوة العسكرية المرابطة بالقرب منها، بينما تشكل أكوام القمامة المتكدسة في شوارعها وأزقتها معاناة مأساوية لأبنائها، في ظل التعثر المستمر لمشروع المياه الذي يعيش أوضاع صعبة.
«الأيام» ترصد في الاستطلاع التالي هموم ومعاناة مدينة خرجت من جحيم حرب لا ترحم لتعيش جحيم المعاناة اليومية بافتقارها العيش في وضع إنساني مناسب ويليق بمدينة تعد مركزا تجاريا واقتصاديا هاما في شبوة والجنوب.
**إقصاء متعمد**
في البداية تحدث لـ«الأيام» الشيخ عادل عوض العاقل باعوضة من الشخصيات الاجتماعية في المدينة قائلا : “وضع عزان أصبح مزريا للغاية فهي تعاني من الإهمال والإقصاء المتعمد هي وأبناؤها منذ الوحدة وزادتها جراح الحرب والجيش وما فعله فيها من دمار وخراب وتدمير وتهديم وتهجير لأبنائها، وكذلك مقوماتها كمدينة بدت تفقدها، فمشروع الماء شبه منتهٍ والسكان كل يبحث له عن مصدر آخر، ومنهم من هجرها بحثا عن الماء، وأمنها مهدد وغير مستتب، وسوقها غير مستقر، فالقبائل تتقاتل داخلها ويزعزعون أمنها، والجيش في كل لحظة له صوت يشارك أبناء عزان معاناتهم وظروفهم بالسلاح الثقيل والخفيف، ويهز المدينة ويشعلها..
فالتدهور للمدينة وصل حده فهو ينخر في صلب بنيتها التحتية، وأزماتها تتفاقم وتتراكم والجهود تتضاءل
إﻻ من رحم الله، ونحن نناشد أبناء عزان والمنتمين لها والمحسوبين عليها وتجارها الذين جحدوها أن يلتفتوا إلى مدينتهم ويمدوا لها يد العون وينقذوها عوضا عن الجهات الرسمية الكاذبة والشركات الضخمة والتي تذهب مشاريعها لجيوب الفاسدين و لمناطق المحافظة ومن حولها..وما التنمية المستدامة إﻻ تشريع لنهبهم وأكلهم الحرام، ونحن نعرف أن حقوق هذه المنطقة لن تأتي إﻻ بالطرق المخالفة والقطاعات، ولكننا لم نؤيد شباب المنطقة على هذه الأعمال”.
ويواصل باعوضة: “أبسط طلبات المنطقة هي الكهرباء من بلحاف، فالصيف قادم ولن تشتغل الكهرباء أكثر من ساعة، وذهبت الوعود أدراج الرياح، ولكن أقول للمسؤولين، تأكدوا أن العام القادم لن يسكت الناس ولن يعيشوا كالنعاج”.
**أين الأمن والأمان؟
شارع غير معبد في عزان
شارع غير معبد في عزان

ويتحدث لـ«الأيام» الأخ سالم سعيد الحداد وهو من الشباب الفاعلين في الأنشطة الاجتماعية والخيرية في عزان قائلا : “منذ دخول الجيش في مدينة عزان إلى يومنا هذا لم يعرف أبناء المدينة الأمن والأمان بل أبناء المديرية عامة، ويعود ذلك إلى عنجهية واستهتار الجيش بالمنطقة، وقد أثاروا نوع من الفوضى في شوارع وطرق المدينة حتى في شهر الله الكريم (رمضان) يطلقون الأعيرة النارية ليل نهار، هكذا تعوّد أطفال المدينة على سماع أصوات القذائف، وقد وعِدوا أهل المنطقة من المحافظ أحمد علي باحاج بنزول الأمن العام ليحل محل الجيش ولكن الآن لنا تسعة شهور لم نر ما وعدنا به! فمتى نجد الأمن والأمان؟هذا السؤال الذي يسأله سكان مدينة عزان كلما أشرقت الشمس؟”.
وحول الوضع المزري للنظافة في عزان يقول الحداد : “إن المدينة تعاني من تراكم القمائم في جميع أنحاء وشوارع المدينة وذلك لإهمال السلطة المحلية، ونحملهم مسؤولية ذلك فنظافة المدن حق عليهم وهي من خدمات المواطن التي يجب توفرها الدولة للمواطن!! أليس عندكم إكراما للمدينة؟ أليس جزاء الإحسان إلا الإحسان؟”.
**غياب الخدمات**
الأستاذ علي صالح لجدل رئيس اللجنة الأهلية العزانية من أبرز الشخصيات الاجتماعية في المدينة استعرض في حديثه لـ “الأيام” عدد من المشاكل والصعوبات التي يعانيها المواطنون في مدينة عزان، وفي مقدمتها غياب دور الأمن فيها قائلا: “نظرا لما مرت به المدينة من أحداث خلال السنوات الثلاث الأخيرة وماعانته وتعانيه من قبل السلطة بالمديرية والمحافظة، فإن حال مدينة عزان يرثى له ولا وجود لقوات الأمن ولا تشاهدها إطلاقا بزيها الرسمي ولولا ما تتمتع به المدينة من مظاهر طيبة وأخلاق أبنائها ومرتاديها من المناطق المجاورة وقبائل المنطقة بشكل عام كانت الأوضاع أسوأ مما هي عليه، ولكن بفضل الله عز وجل ثم هذه الصفات الأخلاقية الطيبة لأبنائها عولجت الكثير من الخلافات والنزاعات وحفظت الأموال والأعراض والحركة التجارية و إلى غير ذلك؛ فالمواطن اليوم واللجنة الأهلية بالمدينة تقوم بواجب الدولة في حفظ أمن المدينة ، بالإضافة إلى شخصيات اجتماعية وقبلية مع حدوث بعض الخروقات والأعمال التي لا تسدها اللجنة والشخصيات كالثأر وغيرها”.
تكدس القمامات في المدينة
تكدس القمامات في المدينة

ويصف الأستاذ لجدل انعدام النظافة في المدينة قائلا : “تكاد تختنق في المساء وأنت بمدينة عزان من آثار حرائق القمامة والنفايات التي تحرق هنا وهناك، فلا إدارة للبلدية أو النظافة تقوم بواجبها في مدينة عزان، فتجد الكثير من الناس يحملون قمامات ونفايات منازلهم ومحلاتهم على سياراتهم ورميها في الوادي القريب من المدينة، وتسبب هذه النفايات ضرر على مزارع ووديان المواطنين خلال ريها من السيول، بل وصل الأمر أبعد من ذلك فمخلفات العيادات والمختبرات تبقى لأسابيع أو أشهر في براميل القمامة، فيتناقل الأطفال بعضا من هذه الوسائل والأدوات الملوثة”.
ويختتم الأخ لجدل مداخلته لـ«الأيام» بالتطرق إلى مشكلة المياه التي تعانيها المدينة :“المياه تشكل مأساة بما تعنيه الكلمة من معنى فمنذ ثلاث سنوات ومشروع المياه متوقف عن تقديم الخدمة للمواطنين، فأول هذه الأسباب ارتفاع أسعاره، والسبب الثاني عدم دعم الحكومة وتبنيه ضمن المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي كون مدينة عزان من أكبر مدن المحافظة وأكثرها كثافة سكانية، فواجب الدولة تقديم وتوفير خدمة المياه لسكانها، إلا أن الدولة لم تقدم لا قليل ولا كثير منذ تأسس المشروع في نهاية الستينات ما عدا مضخة لا تغطي الغرض قدمت للمشروع في التسعينات وتوقفت عن العمل بعد ستة أشهر، وكذلك من الأسباب تهالك شبكة الإسالة وعدم وصول المياه إلى الأحياء لازدياد العمران وتوسع بعض الأحياء، فعجز المشروع عن تحديث الشبكه الحالية وتوسعها أو حتى صيانتها، وكذلك تخلف المواطن عن تسديد ما عليه من التزامات مقابل استهلاك المياه سبب آخر للوضع القائم للمشروع والحفر العشوائي للآبار من الأسباب الرئيسية في إضعاف المشروع مع عدم التفكير لا من جانب السلطة ولا من المواطن في الآثار المترتبة على هذا الحفر من حيث استنزاف الحوض المائي”.
**معالجات وفق الإمكانيات**

في ظل غياب السلطة المحلية عن القيام بواجبها بالشكل المطلوب ، سألت «الأيام» الأخ منصر ناصر سلطان رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالمجلس المحلي بمديرية ميفعة عن رأيه في ما تعانيه عزان من تردي الخدمات فقال: “تعد مدينة عزان المركز التجاري الثاني في المحافظة بعد العاصمة عتق لذلك كانت منطقة استجلاب لهجرة الناس من القرى المجاورة إليها، فكانت الحاجة للمزيد من الخدمات لتلبية احتياجات الناس في شتي المجالات نوجز أهمها في الآتي: تنفيذ مشروع سفلتة وإنارة شوارع مدن جول الريده وعزان، وكذا تأهيل مشروع مياه مدينة عزان من حيث بناء خزان لا تقل سعته عن500 متر مكعب وإنشاء شبكة حديثة من البولياثلين لاتقل عن 30 كيلومتر وحفر أربع آبار جديدة مع غطاسات تعمل بالطاقه الكهربائية، واستكمال المرحلة الثانية من مشروع الصرف الصحي، وتأهيل مستشفى عزان من حيث الكادر الطبي التخصصي والتمريضي وترميم وتأثيث الأقسام حتي يتم بناء مستشفى مرگزي للمديرية وتوسعة وتأهيل شبكة كهرباء المدينة بما يتواكب مع التوسع العمراني، وتفعيل عمل النظافة في المدينة المتوقف منذ ثلاث سنوات، وبنا مجمعات تربوية حديثة للبنات والبنين لاستيعاب أعداد الطلاب المتزايدة سنويا، و إنقاذ مشروع المياه المتوقف منذ أربعة أشهر”.
وحول انتقادات المواطنين للسلطة المحلية واتهامهم لها بالتقصير تجاه مدينة عزان، اكتفى الأخ بن سلطان بالقول: “السلطة المحلية تقوم ببعض المعالجات وفق إمكانياتها في مجالات التربية والصحة وترفع بالاحتياجات التي تفوق إمكانياتها إلى المحافظة”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى