حنين ذئب .. وأنين هرة

> حمزة الحساني

> التقى اثنان، ذكر وأنثى، تجرَّأ الولد، استَحْيَت البنت، ألَحَّ عليها، فكَّرت، فكَّرت - عملاً بالتقليد لا غير - ثم أعلنَتْ موافقتَها الأولى، حان وقت الإفصاح، وتخشى ضياع الفرصة، يُؤنِّبها الضمير بفطرتِها، فتصدع في نفسها: سأكون مثل باقي الناس، وليس كل مَن أحب نيتُه فاسدةٌ، يضيف لها شيطانها: الأصل في الناس البراءة.
حادثها بالهاتف، استجوبَها في منتصفات الليالي، (دردش) معها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهمُّه واحد أو وحيد، يكمُنُ في البُغْية والفَحْوى من كل ذلك، لا تتردد قارئي العزيز في الظن، إنه ليس من فصيلة الظن السيِّئ، يرى فيها فريسة لا غير!.
أقبلت الليلة الباردة، بمطرِها الحنين، وجوِّها الدافئ، وبَرْقِها المشرق؛ جوٌّ ساكن، وشتاء بلا رعد، رفع سماعة هاتفه ليتصل بالحمامة - على حد تعبيره - وهي ببيتها تعدُّ أدوات التجميل، وتأخذ من العطر ما يسحر (ذَكر الحمام)، حيَّاها بتحية سلام، وألان لها الحديث حتى تمنَّت أن لو كان أمامها، طمأنَها أن سيحل بشارعها الآن، اتخذت لبستها، وحملت حقيبتها الصغيرة ذات اللون الأحمر الفاتح، وخرجت منتظرةً سيِّدها، أقبل عليها كبدرٍ تفجَّر نوره وانفلق، صعِدت السيارة - ولا تدري إلى أين المفر - تبادلا التحية، وقبَّلها على وجنتَيْها لأول مرة، استحيت قليلاً، ثم جدَّدت ثقتها بنفسها، من غير أن تراه ذئبًا؛ إذ تثق به أكثر من نفسها، وهما منطلقان في المسير، سألته: أين وجهتنا؟ أجاب بليونة: بيتي إليك مشتاق، ولساني كم يتمنى أن يفصح لك عمَّا بداخلي!
أضيفي أن لنا مستقبلاً يلزمنا نسج خيوطه من الآن، ظنَّت خيرًا، من غير أن تعلم أن الحادث لا وَزَرَ منه، لم تستيقظ من حالِها وثقتها، إلا بعد أن وجدت نفسها خلف بابه الموصد، حاولت الثقة به، لكن ضميرها يُلقِّنها الدرس تلو الآخر، وهي في سن نضج، راودتها نفسها كصديقها، وانطلقا في السبات المذموم حتى أشارت الساعة إلى الرابعة فجرًا، مرَّت بين عينَيْها دروس كالبرق الذي شاهدَتْه بالأمس، ولكن وجدت نفسها في مأزق، حدثت نفسها: إلى أين المفر؟ أجابَتْها: كلا لا وزر.
أخذت تبكي، وتبكي، وتبكي، وأخذ الذئب يبتسم، فبقيت الذئاب تبتسم، والهرر تبكي، من غير أن تعتبر الهرر، ولاترتدع الذئاب!!.
**حمزة الحساني**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى