جمعية حضرموت لذوي الإعاقة الذهنية (2-2).. جهل باحتياجات المعاقين وتوجيهات لا تنفذ

> تقرير/ محمد اليزيدي

> **جهل بالأمراض الذهنية**
لا توجد إحصائية رسمية دقيقة لعدد الحالات المصابة بالإعاقة الذهنية، لقلة اهتمام وزارة الصحة والسكان بهذا الجانب من خلال تنفيذ حملات للتوعية ودعم ذوي الإعاقة الذهنية، أسوة ببقية الأمراض الأخرى، فيما لا توفر الحكومات المحلية أية مساعدات مالية أو دوائية للجهات العاملة في هذا المجال، الأمر الذي يُقلص من فرص توسع أنشطة التوعية بهذه الأمراض والتعامل معها.
وغالباً ما يأتي الأطفال الذين يعانون صعوبة في التعلم “Learning Disability” (وهي أحد أنواع الإعاقة الذهنية) من المدارس الحكومية وقد وصلوا إلى مراحل متقدمة في السن وفي الدراسة، حيث إن هذه الفئة من الأطفال يصعب عليهم اكتساب مهارات اللغة والعلم بأساليب التدريس العادية مع أن هؤلاء الأطفال غير متخلفين عقليا كما لا توجد لهم إعاقات بصرية أو سمعية تحول بينهم وبين اكتسابهم للغة والتعلم وتظهر عادة في عدم مقدرة الشخص على الاستماع، التفكير، الكلام، القراءة، الكتابة، التهجئة، أو حل المسائل الرياضية.

ومن أسباب التأخر في اكتشاف تلك الحالات سوء الوضع التعليمي في القطاع الحكومي وعدم المبالاة من قبل القائمين على العملية التعليمية في المحافظة، بالإضافة إلى إهمال بعض أولياء الأمور في متابعة أطفالهم.
كما أن جهل بعض أولياء الأمور بالأمراض الذهنية وعلاماتها تجعلهم يعتقدون أن مشاكل أطفالهم في الفهم والاستيعاب والتعلم، تعود لأسباب الرغبة في التهرب من الدراسة أو غبائهم، غير مدركين حقيقة أن أطفالهم قد يكونون من ذوي الإعاقة الذهنية، الأمر الذي يدفع بأولياء الأمور إلى التصرف بطريقة خاطئة وربما يعرضه للضرب، وهذا ما ينعكس سلبياً على حالة طفله المرضية.
ويشكو اختصاصي التربية الخاصة بالجمعية الأستاذ محمد خليل، وهو مصري الجنسية، من أن بعض أولياء الأمور لا يعترفون أصلاً بمرض أطفالهم وخطورته، وهنالك آخرون لا يُدركون طبيعة مرض أطفالهم، وأنهم يعتقدون أن أطفالهم سيتعالجون في غضون شهرين أو ثلاثة بالكثير.. وجزء آخر من الأهالي يتركون أطفالهم حتى يتقدموا في السن، ثم يفكروا بعد ذلك في عرضهم على الأطباء وعلاجهم، وهذا أمر ليس صائباً، هذه الأنواع من الأمراض بحاجة للمتابعة والعلاج أولا بأول.
ويُطالب بعض المختصين في جانب رعاية الأطفال المعاقين ذهنياً، بضرورة إيجاد توعية جادة حول الأمراض الذهنية، وأن جهل أولياء الأمور بتلك الأمراض وأنواعها وطرق التعامل معها، له دور كبير في تأخر اكتشافها وكذلك في تدهور حالة الطفل المصاب بها وتطورها بشكل سيء، حيث يعتقد البعض أن طفله قد يكون مُصاباً بمرض نفسي أو حتى مس شيطاني، ويعالجونه بطريقة تقليدية غريبة وقاسية وخطرة في نفس الوقت، وقد تؤدي إلى وفاة الطفل في بعض الأوقات.
ولعل أحد أهم أسباب ضعف ثقافة الأمراض الذهنية لدى الأطفال والتعامل معها، يعود لعدم وجود مؤسسات تعليمية أو معاهد خاصة تعمل على توفير كوادر من المختصين في المجالات التي تتعامل مع هذه الأمراض، كالتربية الخاصة والتخاطب، وعلم النفس.

ويقول العاملون في هذا المجال إن المناهج التعليمية التي توفرها وزارة التربية والتعليم في اليمن لا تتناسب مع قدرات الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية وأنه يفترض أن تكون هنالك مناهج تعليمية خاصة لهم تتناسب ووضعهم الخاص.
كما أنه يجب أن تعمل الوزارة على توفير مقاعد دراسية خاصة بهذه الشريحة من الأطفال من أجل تسهيل تنفيذ خطط دمجهم في المجتمع.
**توجيهات لا تنفذ**
إلى جانب ما تشهده الجمعية من ضعف الموارد المالية، تشكو الجمعية من المبنى الذي هو عبارة عن عمارة سكنية، غير مهيأة لاحتضان مركز مخصص للأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية، لعدم تمكنها من الحصول على مساحة تخصصها لبناء مركز مناسب لها، ورغم امتلاكها العديد من التوجيهات التي تحصلت عليها من محافظ محافظة حضرموت السابق الأستاذ خالد الديني، والموجهة لكل من الهيئة العامة للأراضي والمساحة، والتربية، بشأن توفير قطعة أرض لبناء مركز متخصص خيري للأطفال المعاقين ذهنياً، إلا أن شيئا من تلك التوجيهات لم يتم تنفيذها، على الرغم أن إدارة الجمعية تمكنت من أن تحصل على تعهد خطي للسلطة المحلية من أحد فاعلي الخير، تعهد من خلاله على البدء في بناء مبنى يستوعب الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمحافظة ومكون من (4) مراكز يستوعب الشرائح المرضية الأربع (التوحد، داون الملازمة، الضمور الدماغي، صعوبة التعلم) في فترة لا تزيد عن ستة أشهر من تسليم الأرض للجمعية.
وأكدت الجمعية عن امتناع الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني بساحل حضرموت، عن تنفيذ توجيهات المحافظ حينها خالد الديني بحجة أن الأرض التي أشار إليها توجيه المحافظ والواقعة في منطقة أربعين شقة وحدة جوار (2A6) مخصصة كموقف للسيارات، ولا يمكن للهيئة أن تعمل على صرفها.

وبرغم إصدار توجيه من المحافظ حينها إلى الهيئة بضرورة تسليم الموقع إلى الجمعية لإقامة المركز، بدلاً عن موقف السيارات، لما يُمثله المركز من مصلحة عامة، إلا أن تلك التوجيهات لم يتم تنفيذها هي الأخرى بقيت حبيسة الأدراج.
وليست الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني بساحل حضرموت، وحدها من وقفت كحجر عثرة أمام تحقيق أمنية أن يتوفر لأطفال حضرموت المُعاقين ذهنياً مبنى خاص بهم يتم فيه تأهيلهم ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع، بل كان لقيادة مكتب وزارة التربية والتعليم بساحل حضرموت دور أيضاً في تأخير تحقيق هذه الأمنية.
**فرصة للتدريب**
العثور على فرصة للتدريب الميداني والتطبيق العملي لكل ما يتم دراسته نظرياً في الجامعات هو بمثابة الفوز بجائزة قيمة بالنسبة للطلاب الجامعيين، خصوصاً أصحاب تلك التخصصات التي يتم تصنيفها على أنها علوم إنسانية، وهذه الجائزة توفرها جمعية حضرموت لذوي الإعاقة الذهنية لطلاب كليتي التمريض والبنات بجامعة حضرموت.
حيث يجد طلاب كلية التمريض في الجمعية وأطفالها فرصة مثالية للتدريب والتطبيق العملي لكل ما يتلقونه في مدرجات المحاضرات الجامعية، وتعلم طرق التواصل مع الأطفال من تلك الشرائح، وكذلك الأمر بالنسبة لطالبات كلية البنات تخصص (خدمة اجتماعية)، حيث يأتي طلاب كلية التمريض يوم الأحد من كل أسبوع، فيما تأتي طالبات الخدمة الاجتماعية يوم الخميس من كل أسبوع.
ورغم فرص التدريب هذه التي وفرتها الجمعية لطلاب الجامعة وبشكل مجاني إلا أنه لا يوجد هنالك أي تعاون رسمي ما بين الجامعة والجمعية، والتي كانت بالتأكيد ستستفيد من قدرات وإمكانيات جامعة حضرموت، في حال إذا ما وافقت الأخيرة على تقديم يد العون للأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى