سكان بئر علي بضاحية عدن.. قصة الإنسان والشجر

> تقرير/ وئام نجيب

> على الرغم من أن محافظة عدن واحدة من أبرز المحافظات المدنية إلا أن خلف أسوار المدن قصص تمثل الوجه الآخر للمدينة.. وعلى الرغم من زيارة «الأيام» قبل ستة أعوام لها ماتزال قرى وضواحي عدن تعيش حياة منسية في ظل الأوضاع السياسية التي شغلت البلاد والعباد.
على امتداد الطريق الساحلي الذي يفصل محافظة عدن بالحديدة تقع قرى متناثرة هنا وهناك، البعض منها يتبع محافظة الحديدة والبعض الآخر ينقسم بين محافظتي عدن ولحج، ومن تلك القرى التى تتبع محافظة عدن قرية بئر علي المسماة نسبة لأول من قطنها.
لا طريق يلزمك بالدخول للقرية فالمكان كله مفتوح، والسكان يتوزعون تحت أشجار المنطقة، فراشهم الرمال وغطاؤهم السماء أو الأشجار في أحسن الأحوال، تقدمنا كفريق من الصحفيين جمعتنا المهنة والرغبة في نقل حياة الناس هناك ضمن عمل تدريبي لنا لكتابة الاستطلاعات والتحقيقات الاجتماعية، كل أخذ زاوية وانطلق منها، أما أنا فقررت أن تكون بدايتي من هذا التنور المصنوع من الطين، وبدأت أراقب عملية إعداد الطعام، كان الطحين الأبيض والماء المالح الذي جلبوه من البئر الوحيدة هناك هما مكونات الوجبة، بدأت النساء بالعجن وبإشعال التنور بحطب من أشجار تجاور التنور وهي أشجار تتمدد في صحراء المنطقة.

بحثت عن خضار أو فواكه أو أي شيء آخر يوحي بتنوع غذائي للسكان ولكنني وجدت الشاي والسكر فقط، وعندما سألت العجوز الذي بادر بالطبخ لمساعدة النساء قال لي: “هذه وجبتنا الرئيسة، خبز التنور وشاي فقط، ولا شيء سواه، نحن نعيش منسيين يابنتي حتى الخيام يعطوها للاجئين واحنا لنا الله نعيش تحت المطر والشجر”.
تركت المسن يكمل عمل الخبز واتجهت لبئر الماء التى يقول السكان إنها المصدر الرئيس لهم يشربون منها ويغتسلون ويطبخون، وكانت قد حفرت إبان عهد الاستعمار البريطاني وماتزال على حالها، وبطريقة تقليدية قديمة يحصل السكان على الماء (أي برمي الدلو المتدلي من الحبل لأسفل البئر ثم رفعه وتعبئة أوعية الماء، ثم تنقل على الحمير لتوضع تحت شجرة كل عائلة).
يعمل السكان بالقرية على بيع الحطب أو السواك أو بيع الماشية كما يقول الشيخ حسيب، وهو دليلنا بالصحراء، ويؤكد أن “حياة الناس هنا تعتمد على البساطة، وهم يعانون من قسوة الصحراء وغياب دور الدولة”.
الأطفال كانوا يلعبون بين الأشجار والكبار بدأوا يستعدون للتحطيب والبحث عن الرزق، فيما ظلت أنظارنا تتفحص المكان بحثاً عن مدرسة أو مركز صحي أو أي شيء مبني من طوب أو خشب فلم يسعفنا الحظ.
مهر العروس هنا يسير، فهو لا يتجاوز الخمسين ألفاً، وتجهيزها لا يحتاج أكثر من درع وفوطة وشجرة تعيش تحتها مع فارس الأحلام، أحلام الناس بسيطة لا تتجاوز الحصول على خيمة من المطر ومركز صحي لحالات الإصابات والمرض.
بدأت الشمس تتجه نحو كبد السماء، وبدأ الجميع يستعد للرحيل تاركين خلفنا قصة إنسان وشجرة وحياة بدوية في عدن وعيون طفل تطالعنا بابتسامة موجعة ولكنها تحمل الأمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى