التعذيب بين الضمانات القانونية وتعقيدات الإثبات ومحاكمة الجناة.. (2-2) قصور في التشريعات الوطنية وتجاوزات خارج القانون

> تحقيق/ فهد العميري

> بين الفينة والأخرى يدور حديث بين الأوساط الحقوقية والإعلامية حول وقائع تعرض مواطنين للتعذيب في السجون، بيد أن تعقيدات جمة تقف أمام الضحايا في إثبات تلك الانتهاكات وإن تم ذلك فيستحيل تقديم مرتكبي تلك الجرائم إلى القضاء لينالوا جزاءهم الرادع والعادل، وهناك قصور في التشريعات الوطنية فيما يتعلق بهذه الانتهاكات.
ثمة تساؤلات حول طبيعة الانتهاكات ووقائع التعذيب التي تحدث في السجون اليمنية، وأسبابها وما هي الضمانات القانونية في القوانين الوطنية والمعاهدات الدولية المتعلقة بحماية حقوق ضحايا التعذيب وهل تسمح التشريعات للمنظمات المحلية والدولية زيارة السجون وتفقدها وتقديم العون والمساعدة لضحايا التعذيب؟
المحامي أحمد محمود عثمان الحاج تحدث عن جانب من التجاوزات والانتهاكات التي يتعرض المواطنون أثناء احتجازهم أو التحقيق معهم وغيرها من المخالفات القانونية بالقول: “هناك العديد من الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون منها الاحتجاز خارج إطار القانون، والإكراه من أجل انتزاع الاعتراف نتيجة للفساد الذي يعتري أجهزة الدولة، وضعف آليات مكافحة الجريمة، ويعد الدستور أولا ثم القوانين الإجرائية والموضوعية ذات العلاقة من أهم الضمانات القانونية، أما عن الآليات والضمانات الدولية فأهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية واجماع ذلك في الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، فضلاً عن أي مواثيق أو اتفاقات تعنى بالكرامة الإنسانية وتصلح مداميك لحق الإنسان في السلامة الجسدية، وثم نص في الدستور اليمني يؤكد على العمل بالمواثيق والاتفاقات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المصدق عليها من قبل الجمهورية اليمنية، وبالتالي فأي نص يناهض تلك المواثيق والاتفاقات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان يصلح لأن يكون موضوعاً لدعوى عدم الدستورية”.

متسائلاً بالقول: “هل الدولة تحترم تعهداتها تجاه مواطنيها، وهل تعمل على احترام مبدأ المشروعية في علاقتها بمواطنيها؟، والإجابة في اعتقادي، حتماً لا، وعلى ذلك لا قيمة لأي قانون إذا لم يعكس رغبة الدولة الحقيقية في الارتقاء بمواطنيها حقوقياً إلى مستوى الدول المتمدنة ذات الصيت الحضاري بحقوق الإنسان”.
وأضاف: “الإجراءات الطبيعية التي يمكن اتخاذها حيال مرتكبي الانتهاكات هي تقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع، لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبكل قوة في هذا الجانب: هل توجد عدالة حقيقية وناجعة في هذه البلاد يرتكن إليها المواطن الضعيف؟ ووفق اعتقادي فإن القانون المدني اليمني فيما يتعلق بمسؤولية الدولة عن موظفيها لا يشمل حق الرجوع عليها بالتعويضات المترتبة جراء ذلك باعتبارها المدين المليء القادر على دفع التعويضات المحكوم بها ومصدر الإيلام لها من سوء اختيار تابعيها والتزامهم بمبدأ المشروعية.. كما أن هناك مشكلة أخرى يصطدم بها الضحية تتمثل في إمكانية إثبات الانتهاكات في ظل غياب مصلحة الطب الشرعي المتخصصة بالأدلة الفنية الضليعة في هذا الجانب، وفي حال تجاوزها سيصطدم أيضاً بعقبة أخرى تمكن في غياب العدالة الناجعة والبنية التشريعية العادلة”.
**لا يتم إنصاف الضحايا**
المحامية والراصدة في مركز التأهيل والعون القانوني لحقوق الإنسان غادة فضل محمد من جهتها تحدثت عن هذا الموضوع وما يحدث فيه من تجاوزات ومخالفات بحق المسجونين بالقول: “هناك العديد من حالات التعذيب والمعاملة غير الإنسانية التي يتم ممارستها في السجون اليمنية ومن أبرز تلك الانتهاكات التي رصدتها من خلال عملي كراصدة ومن واقع النزول الميداني في زيارة بعض المنشآت العقابية وسماع بعض المتهمين على ذمة قضايا جنائية، هناك أساليب يتم استخدامها لجبر المتهم على الاعتراف كالصعق بتيار الكهربائي، والضرب المباشر في مناطق مختلفة من الجسم، كما أن هناك العديد من الانتهاكات التي يتعرض لها المساجين تتمثل في عدم وجود عيادات داخل المنشأة على الرغم من تفشي الأمراض بين المساجين، ووجود مرضى مصابين بأمراض خطيرة ومعدية، إضافة إلى وضع عدد كبير من المساجين في غرفة صغيرة يصل العدد في كثير من الحالات إلى 15 نزيلا وهي لا تتسع لأكثر من 10 أشخاص، وأسباب ذلك تعود إلى ضعف عمل الرقابة والتفتيش من قبل النيابة العامة للمنشآت العقابية، بالإضافة إلى عدم تعزيز وتفعيل إجراءات المساءلة التأديبية والقضائية للمسؤولين عن وقائع الانتهاكات في مختلف الأجهزة، الضبطية، والأمنية، والقضائية ووضع آليات لضمان عدم استمرار وتكرار تلك الانتهاكات”.
وتابعت حديثها بالقول: “وردت بعض التدابير والقواعد التي يجب اتباعها في الحالات التي يحتمل أن تؤدي مخالفتها إلى ما يعتقد أنه قد يشكل حالة تعذيب، ولكن لا ترقى تلك التدابير إلى أن تكون ضمانات قانونية، أما فيما يخص المعاهدات الدولية، فإن اتفاقية مناهضة التعذيب أوردت كل ما يعتبر تعذيبا، وجرمت تلك الأفعال، والقانون اليمني لم ينص على تعريف التعذيب، وماهي الأفعال والممارسات التي تعد من التعذيب وقصره في انتزاع الاعتراف، فما سواه لا يعد تعذيبا، بالإضافة إلى أنه لم يتم مواءمة القانون مع معاهدة مناهضة التعذيب”.
واختتمت بالقول: “من الإجراءات يتم رفع البلاغات والشكاوى ضد مرتكبي التعذيب أمام النيابة أثناء التحقيق مع المتهم الذي تعرض للتعذيب إلا أنه لا تأخذ تلك الشكاوى على محمل الجدية ولا يتم إيلاؤها الاهتمام والتحقيق مع الجناة من قبل النيابة، ويتم تجاهل مثل تلك الشكاوى، أي أنه لا يتم إنصاف الضحايا إلا في حالات نادرة على الأرجح ويتم السماح للمنظمات الدولية والمحلية بزيارة المنشأة العقابية وتقديم أي عون ومساعدة قانونيه لسجناء”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى