المؤتمر الجنوبي الجامع.. المخاض الصعب

> استطلاع/ سعدان اليافعي

> تتعالى الأصوات وتتزاحم التصريحات والبيانات وتنهال الاتهامات هذه الأيام في الساحة الجنوبية مع قدوم استحقاق جنوبي يخشاه البعض خوفاً ويؤمل البعض الآخر فيه خيراً بانتشال الثورة وما وصلت إليه من حالة ركود وتجاذبات يوعزها البعض أنها سبب الاختلاف والتخلف لقيادات الثورة الجنوبية، وحان العلاج الناجع أمام كل تلك القوى اللاعبة في الساحة الجنوبية وقياداتها لتكون في زاوية “الجامع” ونافذته التي أطلت على الجميع بانتظار بوابته التي حان موعد قطافها في الأيام القادمة.
وأمام كل تلك الاختلافات التي تعصف بنا وما يدور في عمق الثورة، سنبحر في سطور صحيفتنا لنتابع المخاض.
الكاتب والسياسي أحمد عمر بن فريد قال: “لا أستطيع أن أجد أي تبرير أو تفسير منطقي لكل هذا “الانقسام الثنائي” بين الجنوبيين، فيما يخص الموقف من المؤتمر الجنوبي الجامع إلا القول - بكل أسف - إن ماضينا ما زال يعيش في حاضرنا بقوة، أو أن الماضي هو الذي يسيطر على الحاضر في الجنوب، أو أن “العقلية الشمولية” لم تكن سمة من سمات النظام السابق في مدينة عدن بقدر ماهي سمة من سمات العقلية الجنوبية بشكل عام، والتي نراها اليوم تحتكم للفكر الشمولي وتعلن الولاء والبراء له، ومن العقلية المنفتحة القادرة على استيعاب الآخر واستحضار معاني الديمقراطية”.
وأوضح بن فريد أن “هذا (الانقسام الثنائي) يؤكد على أن قيادات العهد الماضي مازالت هي التي تصيغ معادلة الحاضر السياسية بغض النظر إن كانت مشوهة أم لا”.
ومضى في رأيه يقول: “رأيي أن أخطر ما في هذا الانقسام هو أنه يلقي بظلال من الشك حول إمكانية نقل قيم التسامح والتصالح من الحقل الاجتماعي إلى الحقل السياسي، باعتبار أن هذا الأخير هو المسئول عن كل التشوهات التي حدثت ومازالت تحدث في الأول.. وإن كان لي من كلمة حرة فلابد من القول إن علينا ألا نحمل “الجامع” أكثر مما يحتمل، لا بالتعويل، ولا بالتهويل، فلا هو بـ“الشيطان الرجيم” ولا هو بـ “الملاك الرحيم”، إنما هو عمل وطني يريد خيراً للجنوب (الجنوب القضية والجنوب الإنسان)، مرتكزاً على حقنا في الحرية والاستقلال وبناء الدولة الجنوبية المدنية الاتحادية الحديثة، فماذا نريد أكثر من هذا؟”.
وأضاف: “بالرغم من كل ذلك فإني أرجو من باقي المكونات الجنوبية الذين لا يتفقون مع هذا المؤتمر ألا يعمدوا إلى “المماحكات” و “المزايدات” و “النكايات”، وإنما عليهم أن يتصرفوا بموجب عقلية واعية تنسجم مع متطلبات وضرورات المرحلة التي تستطيع فعلاً أن تستوعب الآخر، وليس بمداد البيانات وكلمات الأوراق.
كما على الذين يؤمنون بالمؤتمر الجامع أن يدركوا أن المعارض له ليس بخائن، ولا متواطئ، ولا مخرب أيضاً، ويحذوني الأمل في ترك فسحة من الوقت لاستيعاب مختلف الآراء التي حددت موقفاً سلبياً بموجب ملاحظات فقط”.
الشيخ قاسم عبد الرب صالح عفيف، سفير جنوبي سابق، أبدى رأيه حول الموضوع قائلاً: “مع الأسف يجري في اللحظات الأخيرة هرج ومرج حول أخطر حدث ينتظره الجنوبيون منذ وقت بعيد لكي يجمعهم على كلمة سواء.. وظن عفيف أن “القائمين على مثل ذلك الحدث لم يستخدموا وسائل العصر الحديث في التخاطب مع من يستهدفون من عملهم وهم الغالبية من شعب الجنوب، حيث كانت الشفافية غائبة تماماً، ولم يحدث أن جرى نقاش على نطاق واسع لكي يستشفوا من نبض الشارع ما يريده كل مكونات المجتمع الجنوبي”.
المؤتمر الجنوبي الجامع
المؤتمر الجنوبي الجامع

واقترح الشيخ قاسم عبدالرب أن “يكون أساس مثل ذلك المؤتمر (التصالح والتسامح) الذي عمَّده شعب الجنوب بالتضحيات الجسيمة، قائلاً: “إن الأمل يحذونا، راجين أن تستوعب كل الآراء والأفكار، حتى وإن اختلفت”.
وأضاف السفير الجنوبي السابق: “كان أملنا أن يقام ذلك المؤتمر منذ وقت مبكر، لأن مثل تلك الخلافات الوهمية المفتعلة ستظل وقوداًَ للخلافات ولن تؤدي إلا إلى مزيد من تمزيق اللحمة الجنوبية”.. وأردف قائلاً: “إذا لم تجمعنا المعاناة والآلام والإذلال والقهر الذي يعانيه شعبنا، فعلى أي شيء آخر سنجتمع؟!”.
ورجى عفيف من الجميع أن يرتقي إلى مستوى المسؤولية التاريخية، “فلا وقت للعب بعواطف الجماهير، كون المجتمع الدولي من خلال قراره الأخير قد اعترف بأن الحراك الجنوبي لم تشمله المبادرة الخليجية، ولم يشارك في الحوار، وعلى ذلك طلب منه أن يقدم تصوره لحل القضية الجنوبية، ويضعها على طاولة مجلس الأمن، وإذا كنا لم نزل في دوامة النقاش (البيزنطي) الذي ـ على ما أظن ـ لم يفضِ إلا إلى ضياع الوقت وترحيل حل القضية إلى الأجيال القادمة، ولا أحد يعرف متى سيكون ذلك؟”.
وفي الأخير دعا السفير عفيف إلى “عدم الاستعجال في المضي قدماً نحو عمل قد يؤدي إلى مزيد من التمزق”.
وقد قمنا بالاتصال بعميد الأسرى المعتقل أحمد العبادي المرقشي لأخذ رأيه حول الموضوع، فقال: “إننا مع أية دعوة إلى وحدة صف الشعب الجنوبي، ولا نطلق الاتهامات مسبقاً فلسنا بحاجة إلى توزيع الصكوك الوطنية في هذه المرحلة، ونحن نحكم على الظاهر، أما النوايا فيعلم بها الله، لذا يجب الابتعاد عن حب الذات، والعمل بروح الفريق الواحد لكي ننجح ونصل إلى الهدف”.
أما الناشطة مي حسين فقد ساندت إقامة المؤتمر الجنوبي الجامع، وقالت: “إننا مع أي جهد يوحد قيادات شعب الجنوب”. وانتقدت فشل القيادات الحالية في عدم توحيد صفوفها، مستدلة بحدوث شقوق عريضة في الشعب الجنوبي، مؤكدة أن “الانشقاقات ما زالت تتوسع”.

الناشط سرحان الجابري أشاد بفكرة إقامة المؤتمر الجامع، ولكنه نبه إلى “ضرورة إجراء دراسة واسعة لهذا المؤتمر تشمل كل أطياف المجتمع الجنوبي سواء كانت مكونات أو هيئات، وكذا وضع أهداف واضحة لكي تكون حجر الزاوية التي يبنى عليها هذا المؤتمر”.
وقال الكاتب الإعلامي عبد ربه الهيثمي: “إن هذا المؤتمر الجامع يستهدف قوى الاستقلال، ومن لديه همّ تحرير الوطن عليه أن ينضم إلى هذا الجمع الاستقلالي، وأن لا يتمترس عند مكون معين أو يعلن عن تشكيل مكون جديد ليكون بديلا عن المؤتمر”.
بينما القيادي في الحراك العميد بدر الدين هندا، أوضح بأن “المؤتمر الجامع هو لغرض توحيد القرار الجنوبي وليس ضم المكونات، فكل مكون سوف يبقى ضمن مجلسه وقيادته، إنما ستكون هناك قيادة جنوبية تنبثق من المؤتمر، حيث إن لها الحق في اتخاذ القرارات، وتمثيل الجنوب أمام العالم ليكون قراراً واحداً”.
وبيَّن العميد هندا أن “تعدد القرارات والممثلين للشعب الجنوبي غير مقبول شعبياً، كما أن هناك تساؤلات من الدول والعالم عن من يمثل الجنوبيين؟، وهذا التساؤل يدعونا لإقامة هذا التجمع الجنوبي الكبير”.
وقد تحدث إلينا أحد قياديي حراك المفلحي يافع، وهو فضل النقاش، فقال: “أرى أنه إذا كانت هناك نوايا حقيقية من قيادة المكونات التي تمتلك روح المسؤولية الثورية، وتحترم دماء الشهداء وتميل إلى الرغبة الحقيقية في إيجاد قيادة ثورية تنتشل الوضع المزري الذي تعانيه ثورتنا، فإن ذلك سيكون مصدرا للخير وتوحدا لشعب الجنوب، وعندما يتمترس كل طرف ويصرّ على رأيه ويمارس الإقصاء والتهميش تجاه الآخرين أو يمتلك العقلية المتخلفة وحب التسلط، ويرى أنه يمتلك الشرعية الثورية وأنه الأحق بالقيادة وما دونه الطوفان، فإن ذلك يعد مصدرا للتشتت والتمزق”.
ورأى النقاش أنه “يجب التوافق على قيادة الثورة الجنوبية، على أن تحدد فترة زمنية لإعادة اختيار القيادة قبل دخول المؤتمر الجامع”.
وتحفّظ النقاش بقوله: “إذا فرضت اللجنة التحضيرية على المكونات ودون علمها، فذلك يعد التفافا بهدف تمرير أوراق خفية، كذلك إذا لم توزع مسوّدة القرارات والتوصيات التي ستعدها اللجنة التحضيرية على المكونات من أجل التعديلات والشطب والزيادة، واعتبرت مسوّدتها مشروطة، فذلك لا يسهم في تحقيق الهدف”.
كذلك التقينا بالعقيد ركن خالد الضبوعي، الذي قال: “إذا لم يشارك الجميع في المؤتمر الجنوبي الجامع، فإن الصراع الجنوبي الجنوبي سيعود، وسنعود بالثورة إلى الخلف سنين طويلة.. فكيف يريد البعض الانتصار للجنوب بمفرده وبمكونه الهزيل، فمن تجارب الثورات وقواميسها أن الانتصار لن يأتي إلا بوحدة جميع مكونات الثورة والشعب من المهرة إلى باب المندب، تليها انتفاضة”.
وأضاف الضبوعي قائلاً: “إن الذين يعتبرون أنفسهم أوصياء على الثورة، يفكرون بأنهم عند عدم مشاركتهم في “المؤتمر الجامع” سيكونون أذكياء ومخلصين للثورة والشعب، وهذا خطأ كبير، يشل من حركة الثورة الجنوبية”.
أما الناشط الشبابي عبد القادر العمودي، فقد قال: “قد يلبي انعقاد “الجامع” مطلب البعض في ظل الفتور الثوري، وقد يبني البعض على هذا المؤتمر آمالا كبيرة.. وبحسب ظني، أنه مجرد مؤتمر تصعيدي مبني على (لعل وعسى)، ولذلك فإن سبق انعقاد المؤتمر عمل حقيقي من أجل الوطن، عندها سنجد النتائج الطيبة المرجوة من هذا المؤتمر، كما قال الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ”.
وأعطى الأخ أمجد صبيح - إعلامي بمحافظة حضرموت - رأيه بكل شفافية ووضوح، قائلاً: “نحن قد جربنا مجلس الثورة الجنوبية السلمية، ومن قبله مجلس الحراك، والآن الجبهة الوطنية، وكل ما سبق لهم أذرع وفروع وحركات شبابية واتحادات شبابية، وقطاعات متنوعة، حتى أن المشاهد من العالم الآخر يرتبك في قراءة كل هذه الأسماء، والمكونات، دون أن يكون هناك مكون واحد يستطيع أن يتعامل مع الخارج ولو بشكل سطحي”.
وتساءل صبيح: “إذاً.. لماذا يعارض الآخرون إقامة المؤتمر الجامع؟، هل ذلك خوف من سقوط بعض الأقنعة وانهيار بعض بيوت المال الذين يلمعون أنفسهم على حساب الشهداء، والثورة؟.. لذا فلنجرب هذه المرة على الأقل هذا المؤتمر الجامع لكي نتوحد ولو شكلياً أمام العالم قبل أن يعرض العالم عن قضيتنا بعد أن أصبحت الآن محط أنظار الجميع”.
وقد التقينا بالقيادية في الحراك الجنوبي زهرة صالح، حيث استغربت من تشاؤم البعض تجاه عقد أي مؤتمر أو لقاء يجمع قيادات ومكونات الجنوب، وقالت: “لماذا يقوم البعض بالهجوم على أبناء الجنوب الذين يعقدون مؤتمراتهم؟، وهل هؤلاء أوصياء على الجنوب وشعبه؟!
لذلك ينبغي علينا أن نقف مع أي توجه لتوحيد السواعد الجنوبية، طالما هدفها التحرير والاستقلال واستعادة الدولة، وفي حالة تعثر ذلك، فإنها ليست نهاية المطاف، فالشعب الجنوبي حي، ومستمر في نضاله، ويكفينا فخراً أن يعقد المؤتمر الجنوبي الجامع باسم الشعب الجنوبي تحت هدف الشعب الجنوبي: هدف التحرير والاستقلال واستعادة الدولة”.
وفي الختام.. عرجنا في استطلاعنا على حديث الأمين العام لجمعية المفلحي اليافعية العميد محمود مثنى جبيران، الذي نصح في حديثه أن “تشارك كل مكونات الحراك في المؤتمر الجنوبي الجامع”، داعياً إلى عدم إقصاء أحد منه.. ومطالباً بأن يكون المجال مفتوحاً لمن لا يستطيع المشاركة في الوقت الحاضر بسبب تحفظه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى