عمال الحراج في تعز.. لا يجدون الطعام والأرصفة مأوى لهم

> استطلاع / فهد العميري

> منذ الصباح الباكر يتوافد العاملون بالأجر اليومي إلى أرصفة (الحراج) باحثين عن فرصة عمل يعيلون أطفالهم وذويهم منها، وتقيهم جحيم البطالة وارتفاع الأسعار، بيد أن ذلك ليس بمتناول أيديهم على الدوام، ففرص حصولهم على العمل محدودة، جراء الظروف الاقتصادية والانفلات الأمني شديد التدهور، الذي انعكس سلباً على حياتهم وحياة أسرهم، واضطر بعضهم إلى افتراش الأرصفة كمأوى وسكن، فيما يمضي آخرون يومهم على وجبة طعام واحدة.
«الأيام» زارت أرصفة (حراجات) العمال وخرجت بالاستطلاع الآتي:
في البداية تحدث إلينا علي سفيان عبدالرحمن من أبناء منطقة الضباب في مديرية صبر الموادم بمحافظة تعز، والبالغ من العمر 55 عاماً، بالقول: “أنام في الرصيف، وإذا وجدت عملا ليوم أو نصف يوم أشتري بما حصلت عليه من أجرٍ برا ولقمة عيش”، مضيفا “أعمل في الأسبوع يوما أو نصف نهار، وبعض الأسابيع لا أجد عملاً”.
وأردف قائلاً: “أنا أب لثلاثة أولاد، وثلاث بنات، وأبنائي يدرسون، ومع هذا كله لا نعلم شيئاً عما تقدمه الشؤون الاجتماعية والعمل للطبقات الفقيرة التي ننتمي إليها”.
**لا نستطيع دخول المستشفيات**
من جهته قال قائد علي راجح الشرعبي: “أسكن بوادي حطاب في عمارة مفتوحة لا أعرف لمن، وأنا لا أعمل إلا نادراً رغم تواجدي يومياً في (حراج العمال) بسبب الانفلات الأمني، وعدم وجود فرص عمل، وأقوم بتوفير الطعام بصعوبة كبيرة، وإذا مرضنا لا نستطيع دخول المستشفيات مثل باقي الناس، لذلك فإننا نعالج أنفسنا وأبناءنا بما تزرعه الأرض”.
وتابع الشرعبي: “في العام 1975م التحقت بجيش الردع في الجولان السورية واعتقلت لمدة 18 عاما في سجون العدو الصهيوني، وبمجرد وصولي إلى اليمن كان السجن مصيري، حيث قضيت فيه أربعة أعوام عقاباً على مشاركتي في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي”.
**ضغط على سوق العمل**

بدوره قال الأخ عبدالباري عبدالله الصغير البالغ من العمر (32) عاماً، ويعيل ثلاثة من أبنائه: “أنا حاصل على بكالوريوس تخصص إدارة أعمال منذ العام 2005م، ومستأجر في بئر باشا مع عائلتي، وأعمل في الأسبوع يومين أو يومين ونصف، ولم أجد عملا في تخصصي، أو في أي تخصص آخر، وذلك بسبب المشاكل الأمنية، وكذلك لعدم وجود مشاريع عملاقة تستوعب الأيادي العاملة، إضافة إلى وجود أفراد منتسبين للقوات المسلحة والأمن، وبنفس الوقت لديهم وظائف حكومية في جهات مدنية، وهذا يسبب ندرة في سوق العمل، كما أن هناك عددا كبيرا من الخريجين الذين لم يجدوا وظائف، وهناك أيضاً عمالة من كبار السن ما زالوا يعملون حتى سن متأخرة بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية”.
وتابع الصغير حديثه بالقول: “وضع العمال متدن جداً، ويعيشون ظروفا قاسية، منهم من ينام في الرصيف، ومنهم من يصاب بحالة نفسية معقدة، قد تقوده إلى الجنون، وبعضهم يعيش على وجبة واحدة في اليوم”، مضيفاً أن “البعض الآخر يتعرض للَّوم والنقد الاجتماعي من الأسر عند العودة إلى المنزل إذا لم يجن المال”.
وقال: “نطالب الدولة بإيجاد حلول عاجلة للتكافل الاجتماعي فيما يتعلق بكبار السن، وتحسين وضع الموظفين سواء أكانوا مدنيين أو عسكريين، حتى لا يضطروا إلى الخروج لسوق العمل من أجل إتاحة الفرصة أمام الأيدي العاملة، كما نطالب بضرورة الاهتمام بالخريجين الجامعيين للحصول على حقوقهم في التوظيف، فأنا والكثير غيري قمنا بتقديم أوراق تخرجنا الرسمية إلى مكتب الخدمة المدنية والتأمنيات فرع محافظة تعز، وبسبب الوساطات، والنفوذ لدى بعضهم، فإن هناك من توظف قبل أن ينهي دراسته الجامعية، وهو يحمل الشهادة الثانوية”.
**تخصص إلكترونيات بلا عمل**
أما مفيد حسن عقلان علي (متزوج، ويعول والديه وخمس شقيقات)، فقال: “تخرجت في المعهد المهني في العام 2006م تخصص إلكترونيات عامة، ولا أعمل في الأسبوع سوى يوم أو يومين فقط، ومكان نومي في (لوكندة)، ذهبت إلى مدينة عدن بحثاً عن أي عمل، وأمضيت فيها نحو ثلاثة أسابيع، ولكن دون جدوى”.
**أنا وعائلتي على الرصيف**
في حين قال عبدالجبار محمد علوان: “أسكن أنا وعائلتي على الرصيف، وأعمل في الأسبوع يوما أو يومين بسبب الظروف القاسية التي تعيشها البلاد، وكل ما أتمناه هو أن أعمل، وعندما يمر الوقت ولا أجد عملا فإننا نعتمد طوال اليوم على وجبة واحدة فقط”.
وتابع حديثه بـ“مطالبة المجلس المحلي بمحافظة تعز بإصلاح الوضع، وتوفير فرص عمل، والاهتمام بالشباب، والقضاء على البطالة”.
**لم أستطع مواصلة الدراسة**

من جهته قال الأخ طاهر سعيد علي المليكي البالغ من العمر 35 عاماً: “درست حتى الصف السادس الابتدائي، ثم انقطعت عن الدراسة، ولم أستطع المواصلة بسبب المعيشة الصعبة، وعدم وجود الإمكانيات”.
وتابع بالقول: “إذا لم أجد عملا أذهب مع عائلتي لنتناول الطعام عند ملاك المطاعم أو البقالات، وكلنا نعاني من هذه الظروف الاقتصادية القاسية”.
وختم بالقول: “من يسدد ديوني التي بلغت مئتين وخمسين ألف ريال؟”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى