نتنياهو يقطف ثمار دعوة الكونجرس لكنه يعرض العلاقة مع أمريكا لهزة

> واشنطن/القدس «الأيام» باتريشيا زنجيرلي/ لوك بيكر

> عندما أحدث رئيس مجلس النواب الأمريكي (الكونجرس) جون بينر وهو جمهوري هزة في واشنطن الأسبوع الماضي بتوجيه الدعوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لالقاء كلمة أمام الكونجرس قال مكتبه حينها ان الدعوة وجهت “بالنيابة عن قيادة الحزبين”.
وفي حقيقة الأمر كانت هذه الخطوة من بين أكثر الخطوات حزبية حتى الآن من قبل الكونجرس الذي بات يهيمن عليه الجمهوريون. ويقول الزعماء الديمقراطيون في الكونجرس وقد تملكهم الغضب إنه لم يتم التشاور معهم مما أثار تساؤلات حول ما اذا كان بينر قد جسد على نحو دقيق طبيعة الدعوة.
وقال متحدث باسم بينر يوم الجمعة إن الدعوة صيغت على ذلك النحو لان “بينر هو رئيس المجلس بأكمله ومنتخب من المجلس بأكمله”. وأعيد انتخاب بينر كرئيس للمجلس في السادس من يناير وحصل على 216 صوتا كلهم جمهوريون من بين أعضاء مجلس النواب الذين أدلوا بأصواتهم وعددهم 435.
وقال هاري ريد زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ونانسي بيلوسي زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب إنه لم يتم ابلاغهما سلفا بخطة بينر المتعلقة بدعوة نتنياهو. وقال البيت الأبيض أيضا إن الرئيس باراك أوباما وهو ديمقراطي لم بتم ابلاغه قبلها.
وقالت بيلوسي في مؤتمرها الصحفي الأسبوعي يوم الخميس “رئيس المجلس لديه سلطة مرعبة. أعرف ذلك. كنت هناك.. ورغم ذلك فالحقيقة هي ان تلك السلطة لا يمكن التفريط فيها”.
وفي توجيه للدعوة يوم الأربعاء وصف بينر نتنياهو بانه “صديق عظيم لدولتنا”.
وأضاف “في هذا الوقت الذي نشهد فيه تحديات أطلب من رئيس الوزراء التحدث أمام الكونجرس بشأن التهديدات الخطيرة التي يمثلها الإسلام الراديكالي وإيران على أمننا وحياتنا”.
ووصف الديمقراطيون في الكونجرس تحرك بينر بانه حيلة سياسية مفضوحة.
ومن المتوقع أن يدعم نتنياهو تحركات الجمهوريين للضغط على أوباما لاتخاذ نهج أشد صرامة في المحادثات النووية مع إيران.
ومن المقرر أن يلقي رئيس الوزراء كلمته أمام الكونجرس قبل أسبوعين من الانتخابات العامة الإسرائيلية المقررة في 17 مارس والتي سيتنافس فيها من اجل الفوز بفترة ولاية رابعة.
وزاد هذا التحرك من الادراك المتنامي بأن حكومة نتنياهو أصبحت لاعبا جمهوريا حزبيا في السياسات الأمريكية رغم علاقتها الوثيقة التاريخية باعضاء الكونجرس في كلا الحزبين. والجمهوريون لا يعترفون أو يعبرون عن اسفهم.
وقال جون مكين وهو جمهوري من اريزونا إن الحزب أذاق أوباما من نفس الكأس. وفي حديث عند مدخل الكونجرس وصف الدعوة بانها “فكرة عظيمة” بعد اعلان أوباما بانه سيمضي قدما في سياساته دون انتظار التوصل لاتفاق مع الكونجرس.
وأضاف مكين “قال في الأساس (سأقوم بمهامي وانتم تقومون بمهامكم). الرسالة وصلتنا.. وصلتنا الرسالة”.
اما في اسرائيل فأن قبول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الدعوة لإلقاء كلمة في الكونجرس الأمريكي قبل أيام من انتخابات إسرائيل البرلمانية يتيح له فرصة لا تقدر بثمن للظهور الإعلامي قبل إدلاء الناخبين بأصواتهم لكن ذلك ربما أحدث أيضا هزة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
صدرت الدعوة من جون بينر رئيس مجلس النواب المنتمي للحزب الجمهوري دون تشاور مع البيت الأبيض في انتهاك للبروتوكول لأن المعتاد أن رئيس الدولة هو الذي يدعو الزعماء الأجانب للزيارة.
ولا يبدو أن نتنياهو أبلغ باراك أوباما الذي تربطه به علاقة متوترة بالدعوة قبل أن يقبلها الأمر الذي يؤكد زيادة التوتر في العلاقات بينهما.
والنتيجة هي أن نتنياهو سيلقى كلمة في جلسة مشتركة لمجلسي الكونجرس في الثالث من مارس في ثالث مرة ينال فيها هذا الشرف لكنه لن يجتمع مع أوباما خلال الزيارة. وسيحضر أيضا مؤتمرا لجماعة الضغط اليهودية القوية الموالية لإسرائيل (إيباك) وذلك شىء ضروري لأي قائد إسرائيلي.
ويرى نتنياهو أنه يحقق عدة أهداف من بينها عرض وجهات نظره أمام كونجرس يقوده الجمهوريون ويكيل له المديح قبل أسبوعين من توجه الإسرائيليين للاقتراع يوم 17 من مارس.
ومع أن هذا قد لا يؤدي إلى تغيير رأي الناخبين الذين لم يستقروا على اختيار معين فإن هذا الحدث هو نوع من الظهور وقت الذروة قد يعزز قاعدته الانتخابية ويساعد رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تتساوي فرص حزبه مع فرص ائتلاف يسار الوسط المنافس له بحسب معظم استطلاعات الرأي.
ويسمح الحدث أيضا لرئيس الوزراء الإسرائيلي المؤيد المتحمس لموقف أكثر تشددا من إيران بأن يقرع ذلك الطبل أمام جمهور متقبل وأن يستعرض مؤهلاته كصقر أمني عالمي وتلك رسالة لها صداها في الداخل.
يضاف لذلك أن هناك فرصة لتقوية علاقاته الوثيقة بالفعل مع القيادة الجمهورية قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة. وسيكون هناك حافز لنتنياهو يتمثل في الاجتماع مع إيباك. وهكذا تبدو الرحلة مثمرة.
حتى حقيقة أن نتنياهو لن يجتمع مع أوباما قد تكون في مصلحته. فهو تعبير عن الصد من جانب الرئيس الأمريكي لكن الاجتماعات السابقة بينهما كانت فاترة وجعلت نتنياهو يبدو محرجا وفي موقف دفاعي. ولأنه لم يتبق من رئاسة أوباما الأخيرة إلا أقل من عامين فإنه من الصعب تصور أن نتنياهو يسعى للتقارب معه.
في الشهر الماضي قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشى يعلون -وهو من المقربين الذين يثق بهم نتنياهو- “هذه الإدارة (الأمريكية) لن تبقى إلى الأبد”. ويشير ذلك إلى أن الزعيم الإسرائيلي يتطلع إلى الرئيس القادم الذي قد يكون جمهوريا لإقامة علاقة أكثر دفئا معه.
**صدع لم يسبقه مثيل**
قد تكون هناك أسباب قوية لذهاب نتنياهو إلى واشنطن دون إرادة تقريبا من أوباما لكن صحيفة هآرتس الإسرائيلية نقلت عن مسؤول أمريكي لم تسمه قوله إن رئيس الوزراء الإسرائيلي “بصق” في وجه الرئيس. وعليه فإن هناك مخاطر أيضا بجانب الثمار.
ربما تقترب رئاسة أوباما من نهايتها لكن عامين وقت طويل وقد أظهر أوباما من قبل استعدادا لاتخاذ قرارات جريئة إذا حانت لحظتها مثلما فعل بشأن كوبا والهجرة.
وعبرت الإدارة الأمريكية مرارا عن خيبة أملها من توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. واتخاذ خطوات إسرائيلية أخرى في هذا الاتجاه قد يأتي بردود أمريكية أقوى ربما بالتنسيق مع أوروبا.
الأكثر إثارة للقلق بحسب معلقين إسرائيليين هو الطريقة التي صادق بها نتنياهو الجمهوريين والتي أفضت إلى علاقة بحزب وليس علاقة بين دولتين.
كتب الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بنكاس في يديعوت أحرونوت الصحيفة الإسرائيلية الرائدة يقول “هذه العلاقات (الأمريكية الإسرائيلية) هي أكبر ركيزة استراتيجية لإسرائيل منذ إنشائها”.
وأضاف “نتنياهو آذى وأضعف وفي النهاية دمر القناة الشخصية (مع الرئيس الأمريكي) وأوجد صدعا لم يسبقه مثيل في العلاقات بين رئيس (أمريكي) ورئيس وزراء (إسرائيلي).ا.ف.ب/رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى