بسبب أزمة الغاز الخانقة.. عدن قرية منازلها عامرة بأدخنة الحطب

> استطلاع/ فردوس العلمي - وليد الحيمدي

> حصلت غاز ؟ من فين حصلت؟ بكم سعرها؟ طابور طويل ؟ معك حد معروف يخارجنا؟.. أسئلة تتكرر بشكل كبير هذه الأيام في مدينة عدن تلك المدنية التي تعاني من أزمة غاز خانقة لما يزيد عن شهر بلغت ذروتها هذا الأسبوع حيث اختفت فيها خدمة الغاز بشكل نهائي من المحطات ليقف الناس في طوابير طويلة ليس لها أول ولا آخر يباتون في العراء في عز البرد بغية الحصول على أسطوانة غاز التي تعد وسيلة أساسية لكل بيت، والأمر نفسه ببعض وسائل المواصلات كالدباب وغيره والذي يعد مصدر دخل وحيد لكثير من الأسر الفقيرة.
نساء ورجال من مختلف الأعمار يقفون طوابير طويلة يقاسمهم الطابور اسطوانات الغاز والحافلات الصغيرة المعروفة محليا بــ( الدباب ) كثير من السائقين افترشوا الأرض بجانب حافلاتهم بانتظار وصول الغاز، يحرسون حافلاتهم خوفا من السرقة فأصبحوا بين ناريين نار الحصول على الغاز، والخوف على سرقة مصدر عيشهم، أزمة أنست الجميع ما يدور في صنعاء من صراعات ظاهرة وخفية وما يدور في عدن من تغيرات جذرية في كثير من الأمور وانشغلوا بالبحث عن هذه الخدمة.
**إغلاق مقاهي**

كثيرة هي المقاهي التي أغلقت أبوابها نتيجة لعدم قدراتها على العمل فترتين للانعدام الغاز، وآخر اكتفت بالعمل لفترة واحدة، كما أن بعض محال بيع الغاز أغلقت أبوابها بالكامل.
بعض أصحاب محال بيع الغاز أعادوا هذه الأزمة إلى شركة الغاز في مأرب و شبوة.
“الأيام” تسلط الضوء على هذه الأزمة من خلال جولة استطلاعية في مدينة عدن التقت فيها عددا من المستهلكين والجهات المعنية.
يقول الوالد محمد عبدالله (58) “توقفت أعمالنا ونحن هنا مطوبرين منذ أمس العصر، وإلى الآن لم أستطع تعبئة دبة بقيمة 1500 للباص والتي لا تكفي لتأدية مشوار إلى الشيخ”، مضيفاً “منذ يومين نبحث عن الغاز في صيرة ومحطة البادري ولكن دون جدوى”.
أما أبو أحمد صابر فقال:“ لي ثلاث أيام أبحث عن الغاز من مكان إلى آخر، لقد تعبنا من الطوابير، تعبنا من تجاهل الجهات المعنية، يضاف إلى ذلك إغلاق أصحاب المحطات لمحطاتهم في الصباح ولا يفتحونها إلا لبضع ساعات في المساء، لقد تركنا أشغالنا ومسؤولياتنا لنقف في طابور بغية الحصول على دبة غاز”.
**حياتنا أصبحت طوابير**

سالم أبو بكر في (العقد السادس من عمره) تحدث لـ «الأيام» عن هذه الأزمة بالقول: “ لقد أصبح كل شيء لا يتم إلا بالطابور سواء في استلام المعاشات أو شباك الماء والكهرباء والنت والتلفون وكل شيء، والآن كملت وأصبحت معنا طابور الغاز، أصبحت حياتنا طوابير في طوابير”، سألته “لماذا تقف في الطابور ماذا معك اسطوانة أو دباب؟” ضحك وقال لي “الاثنين دباب واسطوانة غاز”.
جميل سعيد أكد ما قاله أبوبكر وأضاف: “إن ما يزعجك هو أن تصل إلى دورك بعد يوم أو يومين وتتفاجأ بنفاد كمية الغاز أو يحرمك من الحصول عليها بذريعة أن أسطوانة الغاز تسرب”.
أما أم نسيم في العقد السادس من العمر فعبرت عن معاناتها بالقول: “شوفي على بهدلة، وأين يحدث هذا في عدن، انظري الطوابير الطويلة التي أمامك والدولة غائبة تماماً”، لقد أصبحنا نحضر الأكل بالحطب والنار تشعل في بيوتنا ليل نهار”.
وتضيف “إن استخدامنا للفحم له مشكلات كثيرة فإذا تحملها الكبار لن يستطع تحملها الأطفال، إن ما هو حاصل في عدن الآن ظلم لأبنائها”.
**عصر البلطجة**

منى غازي شابة في منتصف العقد الثاني كانت تقف وبجوارها تصطف (3) اسطوانات غاز، وأثناء تحدثي مع إحدى كبيرات السن ممن يتواجد في المحطة، وضمن طابور طويل منتظرة دورها نظرت إليّ هذه الفتاة ضاحكة وقالت: “تتحدثون عن أزمة الغاز الحاصلة ما قده الدولة اختفت وأصبحنا بلا رئيس ولا حكومة”، مضيفة” لقد أصبح الواحد منا لا يقدر يحافظ على حياته في محطات آخر نتيجة ما يحصل فيها من خلافات ومشاكل وما إلى ذلك، إننا في عصر السمة البارز فيه هي سمة البلطجة”.
من جهتها قالت أم محسن عيدروس: “منذ ثلاثة أيام وأنا أطبخ بالحطب لقد تعبتنا الأدخنة وأنا حرمة كبيرة في السن، لقد ذكرونا بزمن القرى حين كنا نطبخ بالحطب”.
هند طالبة جامعية تقول:“لا ندري السبب الرئيسي في هذه الأزمة، فالجهات المعنية تقول بأن الغاز متوفر في الوقت الذي يطوبر فيه المواطنون ليل نهار في المحطات ولا يجدونها”.

مصدر مسئول في مصافي عدن قال لـ «الأيام» “إن أسباب أزمة الغاز عائد لعدم توفر الخام في المصافي نتيجة للوضع الحاصل في مأرب والذي قلل كمية النفط الخام الذي كان يصل المصافي”، مضيفاً “كنا نستلم حوالي ثلاثة مليون برميل من النفط الخام من مأرب يكفي نتاج الغاز لتغطية احتياجات مدينة عدن من هذه المادة، وقلت هذه الكمية حالياً نتيجة للأحداث الحاصلة في مأرب وما نستلمه الآن من هذه المادة حوالي مليون برميل من مأرب فقط”.
وفي رده عن أن المصفاة تعمل تحديث للمحطة الكهربائية هذه الأيام قال:“ استغلينا عدم وجود الخام لنغير المولدات الكهرباء الخاصة بالمحطة الكهرباء القائمة وكذا ترميم وحدة التكرير وتحديثها”.
وطمأن المصدر المواطنين بأنه “سيبدأ اليوم الخميس إنتاج وحدة التكرير وسيتم مد شركة الغاز بمعدل 200 طن يوميا”.
**ختاما**
مشاهد الطوابير الطويلة من المواطنين أما محطات الغاز والمحال التجارية، من رجال وأطفال ومسنين من كلا الجنسين يعكس لك مدى المعاناة التي يقاسيها أبناء هذه المدينة المغلوبين على أمرهم.
معاناة أجبرت الأهالي إلى استخدام الحطب لتحضير طعامهم ولسان حالهم يقول لقد عدت يا عدن قرية، ما أقساها من معاناة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى