في ظل إستمرار زواج القاصرات .. رويدا حكاية طفلة تعرضت للزواج المبكر وكانت ضحية للضرب والتعذيب

> تقرير/ فؤاد السماوي

> تقلبت الظروف والأحوال وتبدلت رأساً عن عقب في زمن لم يعد له وضوح في أي معالمه، حقوق ضائعة.. ومصادرة بطرق غير شرعية.
لزمن الطفولة وبرأتها نصيب وأفر من تجاوزات أهله ومخالفاته الصريحة للشريعة والنظم والقوانين، فنالها من جوره الكثير والكثير، بعض منهم شردوا في الشوارع لجور آبائهم عليهم، وآخرون أضحى الشارع هو المأوى والمسكن ولا راعي لهم، وآخرون استغلوا من قبل ضعاف النفوس المريضة في ممارسة التسول ليل نهار في الشوارع والطرقات، بما فيهن الطفلات اللواتي أجبرن على العيش في ظل ظروف قاسية ومريرة نتيجة تصرفات أسرية لم تراع أبسط حقوقهن وعرضوا مستقبلهن إلى الكثير من التعسف والانتهاكات.
فاليكم واحدة من القضايا المجتمعية التي تعبر عن مدى ما تتعرض له الكثير من طفلات المجتمع اللواتي أجبرن على الزوج المبكر، وهن في سن ينبغي أن يكونوا فيه يتلقن الراعية الكاملة والانخراط إلى سلم الدراسة الابتدائية.
الاسم رويدا منير عبد الله محمد مالك (13 سنة) محافظة تعز، أنهت الفصل الخامس من المستوى الابتدائي، وحاولت التعلم سابقاً في مجال النقش بالحناء على أيادي النسوة بـ“مركز خاص لتعليم النقش”.
استمعت لقصتها عندما اتصل بي أحد الأصدقاء وأبلغني عن المعاناة والظلم التي تعانيه الطفلة رويدا بعد هروبها من زوجها (م/ ع/ ص) البالغ من العمر 55 عاماً.
والدة رويدا
والدة رويدا

تقول والدة رويدا أن ابنتها كانت ترفض فكرة الزواج، لكنها فرض عليها، وتكمل ساردة التفاصيل المؤلمة التي تعرضت لها طفلتها، “أن الزوج قام بأخذ طفلتها إلى منزل أخته الذي يبعد عن القرية التي تعيش فيها عائلتها، وأنها كانت تتعرض للضرب والتعذيب بحسب ما كانت تشكوه طفلتها”.
بعد سماعي لمعاناة الطفلة من لسان والدتها، طلبت مقابلة الطفلة للحديث معها، فحضرت رويدا وتحدثت إليَّ قائلة: “إنه (أي الزوج) قام بسحب ملفها من المدرسة وأخذها إلى بيت أخته، وهناك كان يتعمد ضربها فلم تتحمل أخته الظلم والتعذيب الذي تتعرض له، وقامت بالاتصال بوالدتها وأخبرتها بضرورة حضورها إلى عنوان المنزل الذي كنت أسكن به لتأخذني”.
وتضيف رويدا: “بعد أن فرحت أمي بمكان وجودي، طلبت معرفة من المتصل بها، فعرفتها أخت الزوج بنفسها، وقالت لها وهي خائفة أن يعرف شقيقها بنبأ اتصالها، أخاف أن يعرف أخي أني من هربت ابنتك وسلمتها لك”.
وتواصل رويدا بقية التفاصيل: “توجهت والدتي إلى قسم الشرطة، وتقدمت ببلاغ تطالب فيه بفسخ عقد النكاح، بناءاً على ما كنت أتعرض له من ذلك الزوج المسن من ضرب وتعذيب بدني ونفسي”.

وعقب تقديم والدة رويدا للبلاغ، قامت بالتواصل مع العقلاء لمساعدة طفلتها، التي وصلت تفاصيل قصتها لوسائل الإعلام، وسرعان ما تبنت منظمة سياج قضية رويدا، وأوكلت لها محامياً طالب بإدخالها إلى دار الأحداث في شهر رمضان الماضي.
توضح رويدا “بعد أن تم إدخالي دار الأحداث، وجلست فيه قرابة شهر كامل، كان أبي والزوج يريدون أخذي من أمي، بعدها جرى تحويل قضيتي إلى محكمة التعزية إثر القضية التي رفعتها والدتي لفك أسري والتخلص من ذلك الرجل المسن”.
وحول سؤال “الأيام” لرويدا إن كانت موافقة على ذلك الزواج، وإن كانت تنوي استكمال دراستها، ردت قائلة إنها كانت غير موافقة، وأن والدها هو من قام بتزويجها بالقوة وغصباً عنها.
وبشأن دراستها قالت: “نعم أريد استئناف دراستي، لكن الرجل قام بسحب ملفي من المدرسة ولم يتركني أكمل تعليمي”.
وحول سؤال «الأيام» لوالدة رويدا إن كانت الأم تعمل حالياً، أجابت “لا.. لكني قدمت في أحد المصانع، وحالياً لا أعمل في أي مهنة، ولكن دفعت ابنتي لتعلم مهنة النقش على الأيدي ( نقش الحناء ) حتى تكون إلى جانبي بالمنزل وتساعدني في ظروف الحياة”.
**في الختام**
يذكر أن تقارير حقوقية محلية ودولية أشارت في دراسات مختلفة إلى أن نصف الفتيات اليمنيات دون الـ15 عاماً في المناطق الريفية في اليمن متزوجات، وتشير بيانات صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إلى أن ربع الفتيات في اليمن يتزوجن قبل سن الــ15 عاما، كما يشير تقرير آخر صدر مؤخراً عن مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء أن نحو 52 في المئة من الفتيات اليمنيات تزوجن دون سن الــ15 خلال العامين الماضيين مقابل 7 في المئة من الذكور.

وما زالت قضية زواج القاصرات تثير جدلاً في اليمن. وقد أدى إدراج مشروع قانون يحدد سن زواج الفتيات عند الــ17 عاماً إلى إثارة جدل سياسي وديني داخل وخارج قاعات البرلمان حيث خرج كثيرون إلى الشوارع للتعبير عن آرائهم.
وينتقد العديد من المحاميين ونشطاء حقوق الإنسان في اليمن، مسألة زواج القاصرات، معتبرين أن هذه المسألة في إطار الشريعة الإسلامية مسألة خلافية وليست من المسائل التي فيها نصوص قطعية لتحديد سن الزواج والذي كان معمولا به أثناء الحكم العثماني، كما أن رفض الرسول تزويج ابنته فاطمة حتى بلوغ الــ18يعزز من موقفنا”.
وكانت قضية الطفلة نجود والتي أثارت قبل أعوام ضجة على المستوى المحلي والعالمي، واحدة من الشواهد الدالة على تلك القضية وما تتعرض له صغيرات السن في اليمن
ويحظر القانون المقترح زواج الفتيات دون سن الــ17 عاماً ويفرض عقوبات قاسية على عائلة الفتاة والزوج وكل من يخالف نصوص القانون، والغالبية العظمى من الزيجات المبكرة تحدث في المناطق الريفية، وفي بعض الحالات لا يتجاوز عمر المتزوجة الثماني أو العشر سنوات.
وقبيل وحدة اليمن عام 1990، حدد القانون السن الأدنى للزواج عند 16 عاماً في الجنوب، و15 في الشمال. وبعد الوحدة، تم تحديد سن الزواج بــ15 عاماً، إلا أنه تم تعديل القانون المدني في العام 1999، وألغي السن الأدنى للزواج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى