نظرية الأدب الإسلامي (التعريف)

> د. عبده يحيى الدباني

> لا تخلو كتب النقد الإسلامي من تعريفات موجزة للأدب الإسلامي ونقده، فضلاً عن المقالات والبحوث والمقابلات التي تنشرها (مجلة الأدب الإسلامي)، فيما يأتي سنحاول الإلمام ببعض هذه التعريفات، مراعين إلى حد ما التطور التاريخي للنظرية.
لقد عرف الأستاذ سيد قطب - رحمه الله - الأدب الإسلامي بأنه: “التعبير الناشئ عن امتلاء النفس بالمشاعر الإسلامية”، وهو تعريف أولي، كما أنه لم يصف (التعبير) بأنه أدبي أو فني؛ إذ ليس كل تعبير بالضرورة تعبيرًا أدبيًا، فألوان التعبير أو الخطاب كثيرة، منها ما لا يدخل في مجال الأدب والفن. ويبدو أن تعريف السيد قطب ينطوي على شرط أدبية التعبير، لأنه يعرف الأدب المتسم بالإسلامية.
كما يكشف هذا التعريف الموجز عن أن الأدب الإسلامي لا يكون إلزامًا للنفس بفعل عوامل خارجية، أي أنه ليس تكلفًا ولا تعسفًا، وإنما هو وليد مشاعر إسلامية صادقة امتلأت بها النفس، ومن البديهي أن المشاعر الإسلامية أو غير الإسلامية وحدها مهما فاضت بها النفس لا تصنع أدبًا، فالعملية الإبداعية معقدة، وذو عناصر متعددة ومركبة من بينها العاطفة والفكر اللذان ينطلقان - وفق هذا التعريف - من التصور الإسلامي، وهما ما يميزان الأدب الإسلامي عما سواه من الآداب.
أما الأستاذ محمد قطب فيعرف الفن الإسلامي عمومًا بأنه “التعبير الجميل عن الكون والحياة والإنسان من خلال تصور الإسلام لهذا الوجود”، والتعبير عادة ينبع من أعماق النفس، وليس استقراء للخارج، وهنا يكمن الفرق بين الفقه الإسلامي، والأدب الإسلامي، فالأول استقراء للنصوص، والثاني تعبير عن عواطف وأفكار جاءت من خلال تمثل عميق للإسلام دينًا وثقافة وفكرًا وتاريخًا وحضارة وفنًا.
ولعل أطول تعريف وأشمله للأدب الإسلامي ونقده هو ما دونه مؤلف كتاب (دليل الناقد الأدبي)؛ إذ جاء فيه: “هو نوع من الأدب المنتج في البلاد العربية والإسلامية يتأسس على العقيدة الإسلامية، وما تتضمنه من تصور للوجود، ويسعى إلى تمثلها في ما يصدر عنه سواء على مستوى القضايا والاهتمامات أم على مستوى الشكل واللغة والقيم الجمالية عمومًا، وينطلق النقد المصاحب لذلك من الأسس الإسلامية نفسها في الوقت الذي يسعى فيه إلى ترسيخ تلك الأسس وإشاعتها، ودراسة الأدب المنتج وفق تصوراتها ونقد ما يخالف تلك التصورات”.
وأخيرًا فقد أنجزت رابطة الأدب الإسلامي هذا التعريف: “الأدب الإسلامي هو التعبير الفني الهادف عن الحياة والكون والإنسان وفق التصور الإسلامي”.
فقد حرصت هنا على أن يكون التعبير أدبيًا فنيًا في المقام الأول، ومن ثم يكون (هادفًا) أي ليس مصادفة أو اتفاقًا، ويكون هذا الأدب تعبيرًا عن الحياة والكون والإنسان، أي ليس ضيق الأفق، أو مرتبطًا بوطن عربي معين فقط، أو بقضية محددة فحسب، أو بفئة اجتماعية دون أخرى، والأهم أنه يأتي وفقًا للتصور الإسلامي الشامل للحياة والكون والإنسان.
فكفى بالإسلام فلسفة ينطلق منها الأدب ونقده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى