مدرسة سليك بحبيلين ردفان.. نقص في الكتب وطلاب يتلقون تعليمهم تحت الأشجار

> استطلاع/ سعدان مسعد اليافعي

> تنفق الدول الكثير الأموال في سبيل تحسن التعليم والرقي به، وذلك لمعرفتها بمكانة التعليم في بناء الشعوب والمجتمعات كونه الركيزة الأساسية للتمنية والتطور في شتى المجالات، غير أن الحال في مدارس الحبيلين إحدى مديريات ردفان الأربع بمحافظة لحج والجنوب بشكل عام عكس ذلك تماماً، فليس في هذه المديرية أو أخواتها في المحافظات الجنوبية ما ينم على الاهتمام بالعلم والتعليم، مبان مهدمة وأخر آيلة للسقوط، ومدارس تخلو تعاني من نقص في الكادر التعليمي، أو تخلو تماماً منه سوى من معلم أو اثنين فقط، ومن تسلم من هذا وتلك همش فيها التعليم بطريقة متعمدة، وما بين هذه المشكلات يظل طلاب التعليم وبنات المستقبل طريقهم، ويضحون ضحايا الجهل والأمية.
لقد كانت البداية الأولى لانحراف مسار التعليم في المحافظات الجنوبية عن مساره مطلع تسعينات القرن الماضي، لاسيما بعد حرب صيف أربعة وتسعين على الجنوب من قبل نظام صنعاء، حرب ظالمة طالت جميع مقومات الحياة في دولة الجنوب التي دخلت في وحدة مع اليمن الشمالي في الـ 21 مايو 90م، إقصاء، وتهميش بدأ بالجانب العسكري فالاقتصادي، والثقافي وصولاً إلى الجانب التعليمي لتكتمل معه أركان التهميش للجنوب وأبنائه ليصيروا جهلة وغير متعلمين وفق خطة مُمنهجة ومدروسة بعد أن كانوا روداً في الحياة العسكرية العلمية والثقافية والفنية ليس في الجنوب وحسب بل وفي الجزيرة والخليج.
الإدارة  الديمة
الإدارة الديمة

منطقة ردفان واحدة من المناطق الجنوبية التي تعرضت وأبناؤها إلى هذه السياسة الممنهجة من قبل نظام صنعاء، تركين للكفاءات والمؤهلات، وتدمير للبنى التحتية للتعليم، وتجهيل، وتخريب، وإهمال.
مدرسة سليك في مدينة الحبيلين واحدة من هذه المدارس التي تعكس واقع التعليم المرير، مدرسة يزدحم الطلاب في فصولها الآيلة للسقوط، ويعود تاريخ بنائها إلى سبعينات القرن الماضي، وأضحت حالياً غير صالحة للتعليم بعد أن فقد جميع أركان العملية التعليمية فيها، مبنى دراسي، المعلم، والكتاب والطبشور، الأمر الذي أجبر طلاب ثلاثة فصول دراسية إلى التعليم في العراء وخلف الجدران وتحت الأشجار تحت ذريعة للضرورة أحكام.
مديرة المدرسة مسيك حبيش عمر أوضحت لـ«الأيام» ماتعاني منه هذه المدرسة وطلابها وكذا معلموها بالقول: “ أنا مديرية لهذه المدرسة لما يزيد عن عشر سنوات ولم تحظ خلال هذه الفترة بأي اهتمام من قبل الجهات المسئولة، لقد أكل عليها الدهر وشرب ولم تعد مكاناً صالحاً ومناسباً للتعليم رغم المساحة الواسعة التي تتمتع بها”، مضيفة “ما تزال مدرسة سليك مدرجة في ملف ودائرة النسيان الحكومي، وإدارتها عبارة عن الديمة (غرفة صغيرة) بنيتها بمساعدة المعلمات بعد أن قمنا بتجميع الأحجار الخاصة بها ولا ندخلها إلا في موسم تساقط الأمطار كما أنها لا تتسع لجلوس المعلمات فيها، أما من ناحية الفصول الدراسية فالطلاب يدرسون في العراء ولدينا أكثر من صفين دراسيين تحت أشجار السدر والسمر، وهو ما يشكل لنا مشكلة حقيقية في مواسم الأمطار وهبوب الرياح وأيام الضيف الحارة،
وتضيف المديرة مسيك لـ«الأيام» شرح ما تعانيه هذه المدرسة وكادرها التعليمي وكذا الطلاب بالقول: “ كل شيء في هذه المدرسة عنوان للإهمال والتقصير الحكومي، ولهذا أطالب أهالي هذه المنطقة بمد يد العون لتشييد مبنى جديد للمدرسة الخاصة بأبنائهم الذين أضحوا يتلقون تعليمهم في العراء وتحت حرارة الشمس والأتربة والأمطار”.
**هموم الطلاب**
زحمة طلاب في شعبه واحدة
زحمة طلاب في شعبه واحدة

أثناء مرورنا بفصول المدرسة تبين اكتظاظ الفصول بالطلاب بشكل كبير وهو يعكس مدى معاناة طلاب هذه المدرسة يقول المعلم نبيل علي نصر: “هذه المدرسة يدرس فيها إلى الصف السادس من المرحلة الأساسية، منها أربعة فصول بطول ثلاثة أمتار وكذا العرض يحشر فيها قرابة المائة طالباً وطالبة، وهذا يعني عدم قدرة الطلاب على الاستيعاب، وضيق الحركة وعدم قدرة على الكتابة، وانتشار الأمراض وغيرها من الأمر”.
**مأوى للثعابين**
في هذه المدرسة لا تقتصر المعاناة على المبنى وانعدام الفصول الدراسية بل أصبحت هذه مأوى للثعابين والحيوانات الضالة، وهو ما جعل الطلاب والمعلمات يعيشون حالة من الخوف والرعب تقول المعلمة ق . قاسم حسن: “ الثعابين تخوفنا كثيراً وتزعجنا فدائماً ما تهاجمنا في الفصول المدرسية، وتتكاثر بشكل كبير في أيام تساقط الأمطار”، مضيفة “هناك أيضاً مشكلة أخرى تواجهنا وهي حشر الطلاب والكتب المدرسية في غرفة واحده وهو ما يتسبب في مضايقة الطلاب أثناء الدراسة بشكل مستمر أن تقوم الجهات المسؤولة بأداء واجبها رغم المناشدات المتكررة لهم”.
**ختاما**
حمام  المدرسة
حمام المدرسة

كان دافعنا الأساسي في هذا التحقيق هو معاناة الأطفال صغار السن حيث يعانون شتى أنواع المعاناة من خلال المكان الذي يتقلون المعرفة فيه مما يؤثر عليهم مستقبلا. «الأيام» بدورها تطرح هذه القضية أمام الجهات المعنية وكل من له ضمير حي لبناء هذه المدرسة التي باتت تشكل تهديداً حقيقياً للطلاب الدارسين فيها والذي أضحوا مشردين تحت الأشجار وحرارة الشمس أو محشورين في صفوف صغيرة لاتمكنهم من استيعاب التحصيل العلمي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى