مواقع الفواصل الاجتماعية !

> كتب / محمد البُقعي

> من منا لم تحُم حوله تلك الدائرة المنغلقة التي تحبسك وحيداً حيثما كنت، تجعلك باستغناء شبه تام عمن هم حولك، تأخذك بعزلتها باسطة أجنحتها عليك والتي باتت تعرف بـ(مواقع التواصل الاجتماعية) أو كما أسميها أحياناً (الفواصل الاجتماعية).
كتب / محمد البُقعي
كتب / محمد البُقعي
هي قرّبت بعيدين نعم، لكنها في الوقت نفسه أبعدت قريبين عن جوارنا، جعلتنا على تواصل مع أناس ربما لم نكن نستطيع العثور عليهم أو حتى ذكرهم، إلا أننا لا ننسى ما فعلته بنا وما التغيير الذي طرأ على حياتنا.

مثالاً على ذلك انظر كم من شبابنا أصبح يقضي أغلب وقته وبؤبؤ عينه لا يفارق شاشة هاتفه بل ويبدو له الأمر طبيعياً جداً حينما يلتفت جانبيه ليرى إخوته على نفس الحالة غير آبهين بأنهم في حالة ثمل ضوئي!.
تلك التي باتت ترافقنا في الأسواق وصالات الإنتظار وعلى كراسي الحلاقة وباصات النقل، ووصل بنا الحال إلى قضم جزء من أهمية الحديث مع أحدهم! وأصبحت غرفنا مضيئة في المساء وجثث خامدة في النهار كأنهم ضحايا حرب ! .. إنترنت في منازلنا وعلى مكاتب عملنا بل ونحن في الطريق للوصول إلى زيارة خاصة للأهل أو مشوار للمدرسة أو الجامعة !

ولربما بعضنا يعاني من أمهاتهم اللاتي أصبحن يفرغن جزءا من يومهن للجلوس على أضواء الهاتف ولمسات الشاشة، ليس في ذلك حرج لكن الجزء الأهم الذي تعودنا عليه في المنزل قد نفقده، فإذا انهمكت الأم أمام شاشتها واستسلمت ربما لا ننال جزءاً من حنيّتها وحلوياتها وكعكها لأنها بدلت هذا بذاك وأُخذ منها ذلك الوقت الذي كانت (تراكينا) فيه بروائح الفرن، هذا إذا لم تقصر في واجبات منزلها الأساسية!.

والأب كذلك أخذ نصيباً من دوّامتها التي باتت تعصف بكل فرد من الأسرة.. وما يحزنني أكثر أن تجمعات الشباب ونزهاتهم لم تكن كما كانت في السابق بل تشتت رويداً رويداً فلم نعد نرى ذلك المنظر الذي يجتمع فيه بضعة شباب يتبادلون أطراف الحديث سوياً بمحبة ويتناقلون المزح والذكريات المفعمة بالمواقف التي لاتنسى.
فتياتنا لم تعد زياراتهن كما عهدناها (أسرية - تلاحمية) بل اختصرن كل ذلك بلمسات الأصابع!.. رسائلنا لم تعد مهمة بذلك القدر الذي كانت تعطى.. مسج (sms) من صديق يُشعرك باهتمام.. لم نعد نشعر بلذة رسالة الصديق إلينا بل وربما وصل بنا الحال إلى تجاهلها!.

أوقاتنا نسفت بالساعات، بينما كان حريا بالمرء أن يشغل قلبه وبدنه في طاعة الله.. فلو قلت لشخص اقضِ نافلة تنل بها أجراً استصعبها واستثقل وقتها بينما يقضي وقته على شاشته المضيئة ساعات بلا حُسبان!.
لم يعد لنوم الليل أهمية عندنا، تبدّل نومنا نهاراً إلا من رحم ربي.. لو أن شخصاً قضى ساعة في حفظ القرآن أو تعلّم الحديث والعلم الشرعي فبسنة واحدة سيبلغ ما بلغ من العلم والقرب إلى الله. لكنها ضاعت والله المستعان!.

غيّر نفسك .. ولنا حديث.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى