سكان تعز يترنحون ما بين شحة المياه والمياه الملوثة هل ستحل محطة التحلية في المخاء المشكلة ؟

> تقرير / أحمد النويهي

> أضحت قضية نقص الإمداد للمياه الهم الشاغل للمواطنين في مدينة تعز التي اختيرت في الأول من مارس 2013 لتكون عاصمة ثقافية للبلاد، حيث استنزفت الآبار الجوفية المحفورة بطرق عشوائية الكثير من المخزون المائي للمدينة التي لا تزال تعيش على أمل البدء في تنفيذ محطة مياه خاصة بالتحلية في منطقة المخا (107 كم جنوبا ) والتي وافق الصندوق السعودي على تمويلها وقد انتهت المرحلة الأولى من المشروع المتمثلة بالبنية التحتية من المباني والآلات ولم يتبق سوى عملية مد الأنبوب.
وتتفاقم مشكلة إمداد المواطنين بالمياه خلال فصل الصيف القادم حيث يزداد استهلاك المياه بشكل كبير وعدم قدرة المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي على إيصال المياه إلى المواطنين في أوقات متقاربة وبصورة منتظمة بسبب محدودية كمية المياه المتوفرة والتي لا تزيد عن 41 ألف متر مكعب في اليوم، بينما الاحتياج يصل إلى 35 ألف متر مكعب يومياً وتناقصت هذه الكمية بسبب انعدام المشتقات النفطية وأبرزها مادة الديزل التي تعتمد عليه محولات المؤسسة بشكل رئيس.
ومطلع يوينو الماضي قتل ثلاثة أشخاص في نزاع على حفر بئر ماء في بلدة ماوية شمال مدينة تعز جنوب اليمن، بين قبيلتين حول حفر بئر بمنطقة «حبيل القرم» بماوية تطور إلى وقوع اشتباكات بين الطرفين حينها.
كما أن المدينة كانت خلال العامين الماضيين تنام وتصحو على صوت المدافع والرصاص الناتج عن مواجهات مسلحة بين قبليتي قراضة والمرزوح التابعتين لمديرية (صبر الموادم ) إثر خلاف بين القبليتين على ينابيع مياه تأتي من رأس جبل صبر أدت إلى قتل وإصابة العديد من المواطنين من الطرفين مما حدا برئاسة الجمهورية إلى تشكيل لجنة رئاسية لحل القضية وقد انتهت اللجنة في حلها إلى أن يقوم الأمن بحماية ينابيع المياه وإنشاء خزان رئيسي وخزان آخر لكل قبلية يتم تغذيتهما من الخزان الرئيسي كحل مؤقت بانتظار ما سيسفر عنه حكم القضاء.
وستظل مشكلة العجز المائي قائمة في المدينة خصوصا حتى موعد استكمال المشروع الذي يبدو أنه لن يستكمل بسبب الأوضاع التي تشهدها البلد حاليا وعدم وجود حكومة مركزية وإحجام المانحين عن تقديم التمويلات التي وعدوا بها لإنشاء مشاريع إستراتجية كهذه.
وكانت لجنة خاصة بتحديث خطة إدارة مياه تعز (2011-2015) قد خرجت بعدد من الملاحظات والمعوقات التي تواجههم أبرزها أن الجمعيات التي تم إنشاؤها كجمعيات مستخدمي المياه من قبل هيئة الموارد المائية أو من قبل مشاريع الريف أثبتت فشلها في حماية حقوقها وحماية المشاريع المائية القائمة وكان دورها ضعيفا لا يذكر مما ترتب عليه الحفر العشوائي واستنزاف المياه وفشل المشاريع وأثبتت أن تلك الجمعيات شخصية ولابد من إعادة النظر فيها واستبدالها.

وشهدت محافظة تعز خلال العام أعلى نسبة حفر عشوائي وحثت اللجنة على ضرورة دراسة هذه الظاهرة بجدية واتخاذ قرارات صارمة للضبط وضمان تكرارها، ومما خرجت به اللجنة المطالبة بإضافة مشاريع هامة وحيوية كتحلية المياه وحصاد مياه الأمطار.
وكشفت اللجنة إلى تعرض حوض الحوجلة للزحف العمراني والحفر العشوائي وهو ما يؤثر سلباً على تنفيذ مشروع حصاد مياه الأمطار مستقبلا ولابد من حث الجهات المختصة لمن الزحف العمراني.
وأرجعت اللجنة القصور في تنفيذ خطة إدارة الموارد المائية بتعز إلى عدم توفر الإمكانات اللازمة لتنفيذ الخطة لجميع الجهات التنفيذية، وغياب التنسيق بين الجهات والمجالس المحلية لتنفيذ المشاريع في أعالي وادي رسيان.
وبحسب التقرير فإن من عوامل القصور عدم معرفة السلطة المحلية بالضرر الناتج عن عدم الاهتمام بتنفيذ خطة أعالي وأدي رسيان إضافة إلى ضعف برامج التوعية المائية والإرشاد الزراعي في النطاق الجغرافي للخطة ناهيك عن عدم الاستقرار المؤسسي في المؤسسة المحلية للمياه ولصرف الصحي وحدوث التغييرات المستمرة.

** مياه صبر الأكثر نقاء **
قالت دراسة مقارنة حول مصادر المياه في تعز أن مياه جبل صبر «خالية تماماً من المعادن الثقيلة ‏والشوائب والعسر الكلي وغير ضارة بصحة الإنسان بل تعتبر مفيدة له وهي خالية من القالونيات البرازية» وأنها «مياه نقية صالحة للشرب ولا تحتاج إلى تحليل كيميائي ونتائجها قريبة من نتائج منظمة الصحة العالمية ‏w.H.O‎‏ وقد تم إجراء تحليل مياه جبل صبر في معامل شركة ( كنديان نكسن)‏ في اليمن.
‏الدراسة المعنونة بـ«مصادر المياه وتلوثها وطرق معالجتها من حيث تلوث المياه بالمعادن الثقيلة ‏والأسمدة وأثرها على صحة الإنسان ونفذها الباحث محمد عبدالملك الشجاع هدفت لمعرفة مدى تلوث ‏المياه بالمعادن الثقيلة والأسمدة وأثرها على صحة الإنسان وتم إجراء هذه الدراسة في محافظة تعز في مديرية (صبر ‏الموادم) الذي يبلغ ارتفاع جبلها 3200م عن مستوى سطح البحر وخلصت الدراسة إلى النتائج السابقة بعد أن تم تحليل عدد من مياه الآبار الأهلية والحكومية وتحليل عدد من المنشآت الأهلية وتحليل بعض ‏المياه المعبأة في الوايتات (الصهاريج) التي تباع كمياه صالحة للشرب إضافة إلى تحليل عدد كبير من المياه ‏الصناعية المعبأة في علب بلاستيكية من المصانع المختلفة المتداول بيعها ومقارنتها مع تحليل مياه جبل صبر ‏كيميائياً وبيولوجياً. ‏وتركز التحليل على تلك المياه بالتعرف على خصائصها النوعية، وكذلك فحص المعادن الثقيلة مثل الرصاص ‏والزئبق والزرنيخ والخارصين، وكذلك تم الفحص الجرثومي للقالونيات الكلية والبرازية، وكذا التحليل ‏الكيميائي للناقلة الكهربائية، والأسس الهيدروجيني، والأملاح الذائبة، والقلويات الكلية، والكربونات والبيكربونات ‏والعسر الكلية وكذا تحليل بعض العناصر الكيميائية.

** التلوث الكيميائي **
من جهتها طالبت دراسة أخرى عن ذات الموضوع بتطوير محطات معالجة مياه الشرب في تعز ومتابعة ‏معالجة هذه المياه والتي تتم داخل محطات المعالجة وذلك من أجل التأكد من تخلصها من التلوث الكيميائي ‏والتلوث الحيوي حفاظاً على صحة المجتمع من الأمراض محتملة الحدوث نتيجة استخدام مصادر مياه ملوثة، وأوضحت دراسة عن مصادر مياه الشرب في محافظة تعز وأثارها السيئة على صحة المجتمع أن مياه تعز ‏تعاني من العسرة الكلية وبلوغها المستوى الأعلى المسموح به محلياً في أغلب مياه الآبار عند فحصها مباشرة ‏بعد استخراجها بينما انخفضت العسرة الكلية لهذه المياه بعد خروجها من محطات المعالجة وذلك طبقاً للتحليل ‏الكيميائي لثلاثة عشر بئراً تزود بها محطات معالجة المياه كافة مدينة تعز‏.
الدراسة الذي قام بها الباحث مزاحم محمد القبان من كلية الطب بجامعة تعز والباحثة رندا علي الذابل ‏من الهيئة العامة للموارد المائية بتعز ولاحظ الباحثان بأن في مكونات هذه المياه ارتفاعاً واضحا في نسبة البيكربوناتHOC3- ‎‏ وتواجدها بتركيز عال ضمن المواصفات المحلية في أغلب النماذج المقاسة.
و فيما يخص الفحوصات الكبريتية استنتجت الدراسة إلى وجود تلوث بكتيري عام من نوع الكوليفورم في ‏جميع المياه المأخوذة مباشرة من الآبار الاعتيادية وانعدامه في النموذج المأخوذ من البئر الارتوازي رقم 9 ( ‏لم تحدد الدراسة موقعه) فقد كان التلوث بكثافة عالية جداً مما يجعل الاستخدام المباشر لهذه المصادر من ‏المياه لأغراض الشرب مستحيلاً وذلك لأن هذا النمو البكتيري ينتمي إلى مجموعة بكتريا النمو المعوي التي تنمو ‏داخل الأمعاء مثل:salmonella,E.coli,shigella,klebsielle ‎‏ وغيرها من الأنواع المسببة لكثير من ‏الأمراض الخطرة على الإنسان كالتيفوئيد والتهابات الأمعاء المسببة للمغص المعوي والإسهال الشديد.
ونوهت ‏الدراسة بأن هذا التلوث تخلو منه المياه بعد خروجها مباشرة من محطات المعالجة مما يجعلها صالحة ‏للشرب إذا لم تتعرض إلى تلوث آخر عند التعبئة لأن هذه الأنواع من البكتيريا بحسب ما تقول الدراسة سريعة ‏النمو عند الظروف الملائمة حيث ظهر تلوث إحدى عبوات المياه بعد خروجها من المحطات وتداولها في ‏الأسواق.

** آبار التعزية ملوثة **
وعن التلوث البكتيري لمياه الشرب في مديرية التعزية، نفذ الدكتور عبده محمد دهمش من قسم علوم الحياة في كلية العلوم بجامعة صنعاء دراسة لمعرفة صلاحية مياه آبار ارتوازية ويدوية ومدى تلوثها بالبكتيريا ومقارنتها بالمقاييس العالمية لمياه الشرب ‏وخصائص المياه، فقد أظهرت نتائج تحليل العينات ميكروبياً وجود عينات ملوثة ببكتيريا القولون ‏E.coli‏ كما تم الكشف عن ‏بكتيريا فيكال كولي فورم ‏Facreal streptococci ‎‏ التي تنمو عند درجة حرارة 44والتي تنتج عن اختلاط ‏مخلفات بشرية سائلة أو اختلاط المجاري مع مياه الشرب كما أظهرت النتائج لتحليل 10 آبار ببكتيريا مجموعة كولي فورم.
كما أظهرت نتائج التحليل البكيرولوجي وجود 7 آبار ملوثة ببكتيريا فيكال كولي فورم وذكرت الدراسة أن الآبار النقية الصالحة للشرب والاستخدام الآدمي في مديرية التعزية هي 5 آبار فقط، يذكر ‏بأن مديرية التعزية يتواجد في نطاقها مقلب القمامة العام في تعز إضافة إلى برك تجميع مجاري تعز‏.

** آبار الحوبان غير صالحة للاستخدام **
‏ وفيما يخص مياه الحوبان شرق مدينة تعز والذي يعد حقلها المائي أحد الحقول الرئيسية المغذية لمدينة تعز ‏منذ سبعينات القرن الماضي فقد أجرت الباحثة رندا على الذابل من الهيئة العامة للموارد المائية بتعز دراسة ‏عمل تقييمية لنوعية مياه الحقل وما يستلزمه ذلك من الأخذ باولويات السياسة الحضرية، فقد اعتمدت الدراسة على مساق أولية كتناول العوامل الجيوبوجية الهيدروجيوليوجية وتعيين خصائص ‏التربة وحصر نقاط التلوث وعلى ضوء ذلك تم تنفيذ الدراسة الهيدروكيميائية التي شملت المسطح الجغرافي ‏للحقل.
‏وقد خلصت الدراسة إلى أن مياه الحقل ملوثة وغير صالحة للشرب والاستخدام الآدمي حيث تشترك كافة ‏مناطق الحقل بعوامل التلوث الميكروبيولوجي بينما تتركز نوعية المياه الملوثة كيميائيا على امتداد وادي ‏الحوبان منطقة التوسع الحضري (عمراني – صناعي).‏
وتقول الدراسة «أن تراكيز الايونات السالبة والموجبة لحقل قد ارتفعت إلى مستويات غير طبيعية وأرجعت ‏الدراسة ذلك إلى تأثر مياه الحقل بالملوثات الكيميائة المختلفة (معادن ثقيلة، مواد سامة) والمخلفات ا‏لعامة (سائلة وصلبة)».
‏وتضيف الدراسة «فيما كان نوعية المياه من الناحية الكيميائية في مناطق التغذية والروافد الفرعية والتي تغيب ‏فيها مصادر التلوث الكيميائي مقبولة إلى حد ما مع التأكيد على وجود ارتفاع لتراكيز بعض الايونات في مياه ‏بعض الروافد وأرجعت الدراسة ذلك إلى طبيعة التراكيب الخاصة الهشة وتأثره بعوامل الانحلال المعدني وبالا‏خص في الوحدات الجوفية العميقة الحاملة للمياه، حيث تتسبب درجة الحرارة المرتفعة في زيادة فعالية عوامل ‏الانحلال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى