نيرون يحرق اليمن

>
عبدالإله هزاع الحريبي
عبدالإله هزاع الحريبي

نيرون القديم أحرق روما ليستلذ بمشهد المدينة تحترق، لم يكن يهتم للشعب ولا ما سيصيبهم جراء شهوته تلك، من شرفة قصره المطلة على المدينة كانت ضحكاته تجلجل في سماء روما، ويقال إنه كان يريد بناء روما جديدة في بعض الروايات، فقام بإحراقها على من فيها، ذاك كان نيرون روما، فماذا عن نيرون اليمن؟ الذي يحرق البلاد شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً؟.
إنه يعلو في مستوى تفكيره البشع نيرون روما، فهو يريد إحراق أمة بأكملها، وفي عصر غير عصر القبضات الحديدية الاستبدادية على الشعوب، نيرون اليمن يضع الحطب في كل مدينة وفي كل درب، وبعد ذلك يحرق كل مدينة على حدة، قالها ذات مرة قبل أن يبتعد عن القصر، عندما شعر أن الأرض قد تهتز من تحته “أنا أو الطوفان”، وقالها بلغة أخرى وتهديد آخر للشعب “من لم أعجبه فليشرب من البحر”.
وقال آخرون من جلسائه السابقين إنه هدد في حالة إبعاده عن عرشه سيبلغ الدم الركب، خرج من القصر بضغط الشعب، وها هو عبر مرتزقته يسوم الشعب ألوانا من المعاناة ويذيقهم الآلام عبر وسائل شتى، أبراج الكهرباء تضرب فتتعطل أجهزة الحياة في المستشفيات، ويموت بعض المرضى، تفجر أنابيب النفط فيخسر الشعب الملايين من الدولارات، كان من الممكن أن تطور بها الخدمات، وتتحسن من خلالها رواتب موظفي الدولة، وتعمل على بناء بنية تحتية في مختلف المجالات، ويتم بها تسديد بعض من القروض الخارجية، يتم اغتيال الكوادر العسكرية والأمنية بطرق مختلفة، حتى يتسنى له العودة لبناء جيشه ولملمة قواته، ليتولى السلطة الوريث، الذي كان يؤهله لوراثته.
نيرون يذكي الطائفية والمذهبية والمناطقية عبر طرق ووسائل شيطانية، وعبر علاقاته مع بعض الجهلاء من هنا وهناك، يتمنى خطابه الأخير للشعب الذي يقول لهم فيه إنه الوحيد الذي حفظ أمنهم، ووفر لهم سبل العيش، وإنه عبر رجاله المفسدين قادر على إعادة الأمن لهم.
نيرون عصرنا ماكر وداهية، يصنع الشيء وضده، ليبقى هو سيداً على البلاد، وطاغية فوق رقاب العباد، نيرون يرفض أن يغادر، نيرون يرفض أن يترك الشعب بسلام، نيرون يريد حرق بلاد سام، نيرون يريد إنهاء تبابعة وأقيال حمير ومكاربة وأذواء سبأ، يريد تاريخا يبدأ به وينتهي به، وكما في قصيدة الشاعر العربي الكبير محمود درويش (عن إنسان):
يا دامي العينين والكفين!
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
ولا زرد السلاسل!
نيرون مات، ولم تمت روما..
بعينيها تقاتل!
وحبوب سنبلة تجف
ستملأ الوادي سنابل..!.
كل ذلك لن يفلح في الأخير بأن يحقق له أحلامه، وسيتحرر الشعب وإن بعد معاناة وآلام، سيضحي اليمنيون بالكثير لأجل اليمن، وسيخسر نيرون ربما كل شيء، نيرون يهدد ويتوعد بمزيد من المحارق والجرائم، لكنه يتناسى أن نيرون مات، وبقيت روما، وعاش الشعب ورحل الفرد الطاغية المستبد، وهو ما يحدث في كل البلدان التي تسيدها الطغاة والمستبدون.. وكما في الشطر الأخير من الأبيات السابقة لمحمود درويش:
وحبوب سنبلة تجف
ستملأ الوادي سنابل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى