مركز جمعية آفاق للتأهيل وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة في غيل باوزير بحضرموت.. طموحات وخدمات إنسانية جلية تعاني شحة الإمكانات المالية

> استطلاع/ عمر فرج عُبّد

> أعاد مركز جمعية آفاق للتأهيل وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة الذي افتتح رسمياً في غيل باوزير بمحافظة حضرموت في 14 فبراير 2015م، أعاد الأمل وخلق حالة من الارتياح لدى أبناء المديرية، كونه لامس هموم ومعاناة كثير من الأسر ممن يعاني أبناؤها من (مرض التوحد)، غير أن هذا المركز مازال يفتقر للدعم الحكومي ليستطيع تقديم خدماته لهذه الفئة المجتمعة التي تعاني من الإعاقة.
«الأيام»استطلعت أوضاع هذا المركز، وما يقدمه من خدمات لهذه الشريحة، وأبرز الصعوبات التي تواجه القائمين عليه.
رئيس جمعية آفاق لدعم ورعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة المهندس صبري سعيد بكران تحدث في البدء عن أهداف المركز التابع لها الذي تم افتتاحه في مديرية غيل باوزير بالقول: “إن مركز آفاق هو أحد أبرز الأنشطة الرئيسة لجمعية آفاق لدعم رعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة في هذه المديرية، التي أنشئت نتيجة لحاجة المديرية إلى جمعية تحتضن الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد، ومتلازمة داون وغيرها من الإعاقات، ولم تكن الفكرة هي فقط احتضانهم بشكل عادي بل وتوفير الخدمات التدريبية والتأهيلية لتكون الاستفادة أكبر لهؤلاء الأطفال، ولكي نصل بهم إلى أعلى درجة من اعتمادهم على أنفسهم، بالإضافة إلى اكتشاف الطاقات المخزونة فيهم وإبراز جوانب الموهبة والإبداع فيهم”، مضيفاً: “المركز أيضاً يهدف إلى تدريب وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة وإدماجهم في المجتمع مع مساعدتهم في الحصول على حقوقهم، إضافة إلى تثقيف وتنمية مواهب هذه الفئة من الأطفال وتغيير ثقافة المجتمع نحوهم”.
وعن مصادر دخل الجمعية المالية قال بكران: “تعتمد الجمعية على الهبات والمساعدات النقدية والعينية المقدمة من الأشخاص، كما أننا نسعى الآن لإيجاد مصادر دخل ثابتة تكفل للجمعية استمرار أنشطتها”.
من جهته تحدث الأمين للجمعية الدكتور هشام عوض باحميش عن أنشطة الجمعية بالقول: “لقد بدأ نشاط المركز بتاريخ 16 نوفمبر 2014م، وتم الافتتاح والإشهار الرسمي للمركز في 14 فبراير 2015م، كما تم قبول الحالات من الأطفال التي تم تشخيصها قبل عملية البدء وخضوعها للفحص من قبل استشاري الطب النفسي ولدينا حالياً إحصائية موجزة تبين الحالات المسجلة لدى المركز في المرحلة الأولى وهي كالآتي: مرض التوحد، توجد سبع حالات في الغيل، وست حالات في القارة، وخمس حالات في شحير، وحالة واحدة في كل من الصدع والشحر، أما مرض متلازمة داون ففي الغيل توجد خمس حالات، وحالتان في القارة، وخلو شحير والصداع والشحر منها، أما من ناحية صعوبة التعليم فيبين الجدول بأن في الغيل توجد أربع حالات وحالتان في شحير وخلو كل من القارة والصداع والشحر”.
ويضيف: “ما تزال هناك الكثير من الحالات في الانتظار، ولكن نظراً للكلفة التشغيلية العالية وعدم استيعاب المبنى الحالي لأعداد إضافية، وكذا عدد المربيات حيث إن نصف عدد الطاقم يعمل بنظام التطوع، فإن المركز لا يستطيع التوسع في المرحلة الحالية”، مشيراً إلى أن كلفة تدريب وتأهيل الطفل الواحد الملحق بالمركز تتجاوز عشرة آلاف ريال شهرياً”، ويتابع “نظراً لصعوبة الظروف المادية في مجتمعنا فإن الجمعية تسعي لإيجاد موارد مادية لتمويل المركز وضمان استمرارية تشغيله”.
وعن طاقم العمل في المركز قال باحميش: “يعمل في المركز طاقم نسائي من المربيات المتخصصات في رياض الأطفال والتربية الاجتماعية وعلم الاجتماع، كما أننا بهذا الصدد نسعى للبحث عن متخصصات في علم النفس التربوي، والتربية الخاصة، وحالياً يقوم بالإشراف الفني على المركز الدكتور عمر مبارك بامير الأستاذ المساعد في علم النفس الطبي ومهارات التواصل بكلية الطب - جامعة حضرموت، وقد تم تدريب وتأهيل الطاقم الحالي عبر برامج تدريب من قبل اختصاصيين لدى مراكز متخصصة، كما تم أيضاً فتح آفاق للشراكة والتعاون مع العديد من الاختصاصيين والمراكز المماثلة بالمنطقة للاستفادة من خبراتهم للمركز، وفي المركز أقسام ثلاثة هي: قسم التوحد، قسم صعوبات التعلم وقسم متلازمة داون، وتعتمد خطط وبرامج التدريب المتبعة في المركز على البرامج التربوية ومنهاج تربوي وتعليمي فردي مصمم للأطفال الملتحقين بالمركز، بالإضافة إلى برامج التدريب النطقي للأطفال، وكذا برامج الإرشاد الفردي والجماعي لأسر الأطفال الملتحقين بالمركز، وبرامج الأنشطة المهنية، وبرامج التوعية والتثقيف والإرشاد الأسري حول الاحتياجات الخاصة وبرامج الرعاية الصحية والتثقيفية وورش العمل والمؤتمرات للجميع”.

وعن المشاكل والصعوبات التي تواجه المركز قال باحميش: “المشاكل والصعوبات التي نواجهها تتمثل في نظرة المجتمع إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث إن هناك نظرة دونية لهذه الفئة من المجتمع ويمكن تغيير هذا عن طريق برامج التوعية المجتمعية والوعظ والإرشاد، كما تتمثل الصعوبات في الجانب المادي حيث إن الجمعية تعتمد في تسيير أنشطتها المختلفة على الهبات العينية والمالية من فاعلي الخير في المديرية وفي المهجر، واعتمدت الجمعية على النشاط التطوعي في أعمالها، ولكن هذا لا يكفي لتسيير الأنشطة المختلفة للمركز والإيفاء بالالتزامات للغير، ولكي يستمر المركز في أنشطته فإن الجمعية تسعى إلى فتح أبواب جديدة لفاعلي الخير لدعم المركز، ومن هذه الأبواب دعم الميزانية التشغيلية للمركز من خلال المعونات المادية أو توفير مقر دائم للمركز الذي سيخفف عبء الإيجار، أيضاً الحصول على خانات وظيفية للمربيات أو اعتماد رواتبهم ضمن ميزانية المديرية، كذلك توفير دعم للمواصلات أو توفير (حافلة) باص لنقل الأطفال من مناطق المديرية المختلفة إلى المركز وغيرها من أوجه الدعم التي تخفف الأعباء المالية”.
**يصاب بهذا المرض 1-2 من كل مائة**
من جهته أعطى الدكتور عمر مبارك بامير مستشار الجمعية نبذة تعريفية عن هذا المرض بالقول: “إن مرض التوحد هو اضطراب في النمو العصبي الذي يتميز بضعف التفاعل الاجتماعي والتواصل، وبأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة، ويظهر في الثلاث السنوات الأولى من عمر الطفل”، موضحاً “أنه إلى الآن لا يوجد سبب وحيد يسبب التوحد فهناك أسباب مشتركة بين المستويات الجينية، والمعرفية والعصبية والبيئية تؤدي إلى ثالوث أعراض التوحد المميزة، ويصاب بمرض التوحد حوالي 1-2 من كل 100 شخص في جميع أنحاء العالم، ويصاب به الأولاد 4 أضعاف أكثر من البنات”، ومن هنا يجب على الأسرة التي لديها طفل يعاني من التوحد التقبل بذلك وعدم الخوف من وصمة المرض والمجتمع أو الخوف من ارتباط التوحد باضطراب الوالدين، وعلى الأسرة التعرف على واقع التوحد معرفياً من خلال مشاركتها في برامج التوعية والإرشاد النفسي والاجتماعي لأسر التوحد للتعامل السليم مع طفلهم في الأسرة ومتابعة برامجه مع الجمعية والتعامل مع الطفل على أنه شخص يحتاج إلى الرعاية الخاصة، مع مراعاة النزول إلى مستوى تفكيره وخياله، مع عدم الازدراء والسخرية أو التضجر منه، والحرص على الاستماع إلى حاجاته ورغباته وتجنب التفضيل بين الطفل التوحدي وبين إخوانه، وعدم مقارنته بهم والعمل على تقوية الروابط الاجتماعية والوجدانية لدى الطفل وتدريب الطفل على اكتشاف البيئة المحيطة به، وذلك بتوظيف كل ما لديه من خبرات وقدرات وإمكانيات”.
**بدأنا من لا شيء**

الدكتور هاني جمال سالم بن غوث، المنسق الصحي تحدث بدوره عن هذا المركز ونشأته وتجاوزه للصعوبات التي واجهته بالقول: “لقد بدأ هذا المركز ووقف على قديمه من لا شيء، وذلك بفضل الله تعالى ثم بمساعٍ أهلية وجهود جبارة والتي مكنتنا من التغلب على كل الصعاب التي واجهتنا للوصول إلى هذا الوضع المنشود، وخطوة افتتاح مثل هذه المراكز خطوة تحتاج لدراسة مكثفة واتخاذ قرار صعب وبالذات في ظل عدم اهتمام الجانب الحكومي بل والخاص بمثل هذه الفئات الموجودة”.
**هناك نتائج إيجابية**
صلاح سعيد العوبثاني، والد أحد الأطفال المرضى، تحدث عن هذا المركز وما يقدمه من خدمات لأبنائهم المصابين بهذا الأمراض بالقول: “خطوة من خطوات النجاح لجمعية آفاق تأسيس مركزها لتدريب وتأهيل هذه الفئة”، مضيفاً “لقد لاحظنا تحسن في لغة التخاطب والتغير السلوكي التدريجي نحو الأفضل لدى الأطفال في هذا المركز، وهذا الجانب يحتاج إلى صبر وممارسة تدريبية في المركز ومتابعة في البيت من أجل دمج هذه الفئة في المجتمع”.
من جهته قال الأستاذ خالد فرج السيئوني، مسؤول التدريب والتأهيل في الجمعية: “إن الحديث عن هذا المركز يعني الحديث عن إيجابية عظيمة تحقق لهذه الفئة تمثلت في حصولهم على الرعاية والاهتمام، كيف لا وهذا المركز يديره كادر مؤهل للتعامل مع هذه الفئة سواء من حيث التخصص أو الدورات التخصصية التي تلقاها، وفي الوقت نفسه لا ننكر بأننا بحاجة أكثر إلى اختصاصيي تخاطب، ودورات نوعية للتعامل مع مستويات مختلفة من الاحتياجات الخاصة كالتعامل مع متلازمة داون، أو مستويات مختلفة من التوحد، أو صعوبات التعلم، بالإضافة إلى أن هذا المركز بحاجة إلى أدوات خاصة بهذه الفئة تساعد على تنمية المهارات الذهنية لديهم”.
أما مشرفة المركز هناء بن الشيخ أبو بكر فقالت: “مركز آفاق يعد بيتي الثاني، كون العمل فيه يعد شرفاً وتكون سعيداً عندما يكون لك أيضاً يد فيه، ولهذا أتمنى من الجميع التكاتف لإبراز حق هذه الفئة ولو بشيء بسيط”.
**بوابة التقدم**
المربية بالمركز إسلام عبيد بن همام قالت: “قد تبدو الأشياء من حولنا جميلة ولكن الأجمل والأروع عندما نخلص ونهب قلوبنا وأوقاتنا لمن هم بحاجة إلى المعونة والمساعدة.. فكما نأخذ لابد أن نعطي هكذا هي الحياة، بل إننا كلما أعطينا وقدمنا الكثير زدنا متعة بهذه الحياة وكتب لنا الأجر والثواب من رب العالمين، ولهذا يعد مركز آفاق جزءا من هذه الحياة كونه مهنة إنسانية وبوابة لتقديم الدعم والعطاء”.
باسم أحمد الخامر المسؤول المالي بالجمعية تحدث لـ«الأيام» بالقول: “هي أمنية كنا نتمناها وتحققت بفضل الله تعالى ثم بفضل الخيرين من أهالي الأطفال والناس الطيبين في هذا البلد، ونتمنى استمرار هذا المشروع الإنساني، فموازنة المشروع مكلفة ولن يستمر إلا بدعم الجهات الحكومية المعنية بالأمر وأهل الخير الذين كان لهم الدور البارز في تشغيل المركز إلى هذه اللحظة، كون المركز ليس له أي دعم رسمي يتكفل ولو بجزء من الموازنة التشغيلية للمركز البالغة (350000) ريال شهرياً كحد أدنى، والمبالغ التي تأتينا من بعض الطيبين تكاد تغطي جزءا من هذه المصاريف والجزء الآخر تم تغطيته من خلال مبالغ كعهدة لازالت على عاتق الجمعية نتمنى سدادها، ولهذا نتمنى من المسؤولين وأهل الخير تقديم المساندة التي تكفل استمرار هذا المشروع، فكل ما يقدمونه يعد صدقة جارية تزرع في أجساد هؤلاء الأطفال”.
وأضاف: “لقد تحصلنا على منح قطعة أرض (80 * 30 متر) من قبل السلطة المحلية بالمديرية في موقع مناسب داخل مدينة غيل باوزير ويحتضن المركز حالياً 33 طفلا وطفلة و10معلمات”.
التربوي أسعد سعيد باضريس قيادي العمل الطوعي في إحدى الجمعيات الخيرية بغيل باوزير تحدث عن المركز بالقول: “الجميل في هذا المركز أنه يتعامل مع أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف أعمارهم وأجناسهم ومستوياتهم، ويتضمن المهارات الأساسية لتأهيلهم لمواجهة الحياة من خلال تقديم الوسائل العلمية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى