اليمن وصراع القوى في الشرق الأوسط..بلاد تتفكك ومؤسسات الدولة لا تكاد تعمل

> القاهرة «الأيام» دويتشه فيله

> يبحث وزراء الخارجية العرب في القاهرة سبل الحيلولة دون انهيار اليمن ووقوعه في فوضى سياسية. لكن اجتماع الوزراء العرب يأتي بعد أن اتخذ الصراع على السلطة أبعاداً دولية.
اليمن ينهار، الرئيس ورئيس الوزراء استقالا من منصبيهما نهاية يناير بعد تعرضهما لضغوط من الحوثيين.. لشهور طويلة حاصر الحوثيون الحي الحكومي في صنعاء وأجبروا رئاسة الدولة على التنحي وسيطروا على السلطة. ومنذ ذلك الحين والبلاد تتفكك: مؤسسات الدولة والشرطة والقضاء لا تكاد تعمل. وبدلاً من النظام والمؤسسات، الضعيفة أصلا، تحل الفوضى.
ودول غربية كثيرة من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا أغلقت سفاراتها منذ حوالي شهر، ووزارة الخارجية الألمانية تطالب الرعايا الألمان بمغادرة اليمن وتحذر على موقعها على الإنترنت «من صراعات داخلية أو صراعات بين قبائل ومن المظاهرات الحاشدة والأعمال الإرهابية في طول البلاد وعرضها».
**الحوثيون والسلطة**
أمس الاثنين تباحث وزراء الخارجية العرب في القاهرة حول موقف موحد إزاء التطورات في اليمن. لكن ليس من السهل الخروج من هذا الاجتماع بحلول مقبولة للجميع، فالحوثيون، وهم من الشيعة الزيدية ويسكنون شمال البلاد، شنوا هجومهم ضد الحكومة على مدى عدة شهور.
في البداية احتجوا على التقسيم الفيدرالي لليمن الذي حرمهم من الوصول إلى البحر الأحمر. ثم ازدادت مطالبهم رويداً رويداً وظهرت أهدافهم الحقيقية.. «لقد ظهر أكثر فأكثر أنهم يطمعون بالسيطرة على السلطة في كل البلاد»، هذا ما جاء في دراسة لمركز أبحاث السياسات الأمنية والاستراتيجية في برلين.
**مظاهرة ضد الحوثيين**
لكن الحوثيين غير قادرين على السيطرة على البلاد مثلما أن الحكومة المستقيلة غير قادرة أيضا. انعدام الشفافية واستفحال الفقر والفساد تقوض ولاء المواطنين لحكومة مركزية في صنعاء. لذا فإن سيطرة الحوثيين على مناطق شاسعة من البلاد لا تعدو أن تكون سيطرة رمزية. وخصم الحوثيين في اليمن هو تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، الذي يتواجد مقاتلوه في جنوب البلاد بالدرجة الأولى، والمسؤول عن معظم عمليات اختطاف الرهائن.
**أطماع إيران**
الحوثيين
الحوثيين

وزراء الخارجية العرب يبحثون موضوع القاعدة، لكن تركيزهم سيكون على الحوثيين، لأنهم يعتبرون الحوثيين ذراع إيران الطويلة في شبه الجزيرة العربية، ومن خلال دعم الحوثيين، تسعى إيران إلى ترسيخ نفسها كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط. وعن ذلك كتب موقع مجلة المونيتور لسياسات الشرق الأوسط أن «اليمن الآن يقع ضمن منطقة النفوذ الإيراني ويعتبر من (محور المقاومة)، الذي يضم سوريا وحزب الله والشيعة المتطرفين في العراق».
وبهذا المعنى جاء تصريح لرئيس البرلمان الإيراني السابق علي أكبر ناطق نوري نهاية يناير حين قال: «نحن نشاهد كيف أن ثورتنا وصلت إلى اليمن ولبنان والعراق وسوريا». وهناك تصريحات أخرى لقياديين ورجال دين من إيران تثبت أن صراع القوى المحلية في اليمن بات صراعاً دولياً. وهذا يستنفر جيران اليمن السنة، وقد صرح وزير الخارجية السعودي: «هناك إجماع دولي على رفض انقلاب الحوثيين».
**الحل في المفاوضات**
نجاح المفاوضات بشأن ملف إيران النووي قد يساعد في استقرار المنطقة.
لكن يبقى السؤال حول كيفية تنفيذ تصريح الوزير السعودي، فالحرب في سوريا أظهرت أن الوسائل العسكرية ليست خياراً لحل النزاعات.
وكما هو الحال في سوريا، يتوقع أن يحجم الزعماء العرب عن خوض حرب ضد إيران من أجل اليمن.
كما يستبعد أن يتصرفوا مثلما تصرفوا في سوريا، حين دعموا القوى المناهضة للأسد. فهذه السياسة لم تؤد إلى شيء سوى المساهمة في صعود الجهاديين ومكنت تنظيم «الدولة الإسلامية» من توسيع مناطق نفوذه. لذا تبقى المفاوضات هي الخيار الوحيد.
وهنا تأتي أهمية المفاوضات الجارية مع إيران حول برنامجها النووي. ففي حال التوصل إلى اتفاق، فإن هذا سيساعد على استقرار المنطقة برمتها. وهذه هي الرسالة التي حملها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى المسؤولين في الرياض، التي زارها الأسبوع الماضي.
في اليمن، هذا البلد الصغير، يظهر مدى تعقيد تناحر القوى في الشرق الأوسط، ومدى تشابك صراعات دول المنطقة مع بعضها البعض. وتجربة السنوات الأربع الماضية أظهرت، أن لا حل لهذه الصراعات سوى بالوسائل السلمية والمفاوضات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى