الحرش البرش

> مكسيم محمد صالح

> من ديمومة الذاكرة استحضرتني دعابة قديمة ونحن أطفالا نلعب ونمرح وتجدنا فجأة في عراك شديد بالكاد نفك بعضنا.. وكان ذاك العراك لأسباب بسيطة جداً، ولكن كان هناك من يذكي الفتنة بيننا ويشعل الحماسة ضد بعضنا، وكان ذلك النفر عندما نبادر للعراك بعد نجاحه في إشعال فتيل الفتنة بيننا يصرخ بصوت عال قائلاً: “الحرش البرش من لفي صاحبه طرش”، فتلك الكلمات تزيد جذوة عراكنا، وتراه هو يبتسم تارة ويكرر صرخته المعتادة تارة أخرى قصدا منه أن نستمر بعراكنا وأن نمرغ رؤوسنا في التراب.. وفعلاً تلك طفولتنا قديماً وجدتها حاضرة معي في المشهد السياسي اليمني شمالاً وجنوباً، وجدت وسائل إعلام كثيرة (المقروءة والمسموعة والمرئية) تتقمص شخصية ذلك النفر في طفولتنا، حيث نجدها اليوم تشعل فتيل الحروب والدمار، وكلما أراد المتصارعون الراحة بدأت تنفخ أبواق الصراع وتدق طبول الحرب من جديد، وعندما تزداد أصوات العويل والنواح في وطن تجدها تبحث عن موطن آخر تروع سكانه وتيتم أطفاله.
اليوم وفي جنوبنا السليب نقلت وكالات عربية وأجنبية مراسليها إلينا رغم أننا سنوات كثيرة كنا ننشدهم القدوم إلينا لنقل قضيتنا الجنوبية قضية الأرض المسلوبة، والإنسان المهمش، والثروات المنهوبة، والسماء الملبدة بأدخنة النيران ومسيلات الدموع لتلك القوى المهيمنة على هذه الأرض بالقوة، رفضوا أن يأتوا إلينا لأنهم لا يبحثون عن الحقيقة، بحثهم فقط عن أماكن يشعلون فيها الحرائق، اليوم هم في أرضنا وعند أقدام ثوارنا لكنهم ما زالوا لا يسمعون هتافات حناجرنا وصيحات أطفالنا، لا ينقلون إلا ما يريدون صناعته عن ما يجري في الجنوب نقلا يشوبه الكذب والزيف.. فلك الله يا وطني الجنوب السليب.
**مكسيم محمد صالح**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى