صورة لم تكتمل

> صفاء سليمان حنش

> هاجرت من مدينتي الجميلة والتي تعد أجمل شيء في الدنيا بالنسبة إليَّ..
كنت دائم التجوال في شوارعها الواسعة التي لا أعرف أين تنتهي، وتأخذني الأفكار، وتكثر في عقلي الاستفهامات، فأنحني إعجابا وزهوا عندما ترى عيناي بناياتها الشاهقة التي تؤكد على براعة أجدادنا في فن العمارة الإسلامي.
والرحلة لايمكن أن تنتهي بدون زيارة الحدائق والمتنزهات الممتلئة بالخضرة، فهي عالم آخر من السحر والجمال.
كلها أشياء تجعلني أحبها مهما جارت عليّ قوانينها أو لامنا أهلنا، أحبها حتى وإن لم تعطني شيئاً، لأنها هويتي.
أتى اليوم الذي أصبحت فيه شوارعنا خالية من ناسها، فقد تعرضت بلادنا الحبيبة إلى القصف أو قل بأنها سقطت بيد من لا يرحمنا، حتى بتنا نخاف على أنفسنا وأولادنا من فكرة الخروج من منازلنا، فإذا هو يداهمنا إليها ويردينا أمواتا، وعند خروجنا نجده أيضاً محيطا بنا كقريب يأبى إلا أن يضمنا في لحظة وداع قد لا تتكرر.
تمنيت لو استطعت تغيير ذلك الواقع فأشارك مع أصدقائي في عدد من المظاهرات السلمية، ولكن الأوضاع ساءت أكثر ولم يعد بوسعنا العيش، فقد انتشر المرض ولا جامعات تعمل والأهم ليس هناك أمان.
وجهزنا أمتعتنا استعداداً للرحيل، وقرر والدي عدم العودة إلى مدينتنا إلا عندما تعود الحياة إليها.
أما أنا فقد تركت روحي وأنفاسي وعودي الذي هويت العزف عليه أكثر من أي شيء آخر هناك.
ما هي إلا دقائق تفصلني على تجاوز حدود بلادي، وأنا غير واثق بأن معاناتنا انتهت أو ثمة معاناة أخرى في انتظارنا.
**صفاء سليمان حنش**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى