بمناسبة 21 مارس عيد الأم (الأم.. بين الأمس واليوم ) أمهات أنجبوا قادة ومفكرين وعلماء

> كتبت / فردوس العلمي

> الأم مدرسة إذا أعددتها أعدت شعبا طيب الأعراق .. والأم ذكر اسمها جمعا وفرداً في القرآن 28 مرة، والأم رمز الحنان والحب والوفاء والتضحية، الأم ينبوع يتدفق محبة لا ينضب ولا تنتظر أبدًا ردًا أو حتى كلمة “شكراً”، بل تعطي وتتمتع بالعطاء، الأم كرمها الإسلام ووضع الجنة تحت قدميها، وكامرأة أوصى بها سيد البشر محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، وكرمتها البشرية وجعلت لها يوما سنويا للاحتفال بها.
الأم حياة تهب لنا الأمن والأمان، حضنها وطن دافئ حين يداهمنا الوجع نرتمي بحضنها ونرتجي الجنة من تحت قدميها.. الأم مدرسة حب وأدب وأخلاق، تغرس فينا احترام الذات واحترام الآخرين، تعلمنا معنى الحياة معنى القوة.
الأم كتابتها حرفين (ألف وميم)، (الألف) أمل، و(الميم) محبة، وبين الأمل والمحبة نستقي منها حب لا ينتهي اسمه “أم”، ويتعاظم دور الأم وتزيد مسؤولياتها وأعباؤها عندما يُغيب الموت الأب، وتكتب الأم بعملها وكفاحها روائع القصص التي رواها التاريخ العربي والإسلامي والعالمي عن العظماء الذين تربوا أيتامًا.
**خير النساء وأشهرهم**
الخنساء
الخنساء

الأم على مر السنين تؤدي دورها بإتقان دون ملل أو كلل وخير الأمهات وأشهر الأمهات في الاسلام هن أمهات المؤمنين زوجات الرسول - رضي الله عنهن - فلا مثيل لهن سواء في الحياء أو الأخلاق أو الالتزام.
وأيضا هناك أمٌّ اشتهرت بقوة صبرها رغم فراقها لأبنائها الأربعة في يوم واحد وهي من شجعتهم على المشاركة في الفتوحات الإسلامية فأعيدوا إليها شهداء محمولين على الأكتاف، إنها الخنساء أم الشهداء الأربعة، من دفعت أبناءها للشهادة في سبيل الله والدين الإسلامي، فهي من نصحتهم وحثتهم على القتال وعدم الفرار من العدو وحببت إليهم الاستشهاد في سبيل الله عز وجل، فقالت لهم كلمات كلها إيمان وشجاعة، لا تزال تذكر إلى يومنا هذا، فقالت: أيا بَني إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة، ما خانت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجّنت حسبكم، ولا غيّرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعده الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل: “يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون”.. فإن أصبحتم غدا ـ إن شاء الله ـ سالمين فأعدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساعديها، وأضرمت لظى على ساقيها وجللت ناراً على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عن احتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة في الخلد والمقامة”.
قال نابليون بونابرت في كلمته المأثورة “إن اليد التي تهز مهد السرير بيمينها تهز عرش العالم بشمالها”.
**أمهات أنجبن قادة ومفكرين ومخترعين وعلماء**
صلاح الدين
صلاح الدين

أسد الله صلاح الدين الأيوبي من تشاءم أبوه منه فبوصوله أُجبِر أبوه على الخروج من بلدته، ولكن أسد الله صلاح الدين الأيوبي نشأ في رعاية والدته التي أنشأته تنشئة مباركة على حب الفروسية والتدرب على السلاح حتى أن أمه كانت تدعيه “يا أسد الله يا سيف الله”، وبالفعل نما الطفل على حب الجهاد وقراءة القرآن وحفظ الحديث الشريف وتعلم اللغات.. هذه الأم جلعت طفل الشؤم ملكا عظيما حرر القدس الشريف من أيدي الصليبيين وكون دولة إسلامية قوية أعادت المسلمين إلى العقيدة السليمة عقيدة أهل السنة والجماعة.
قصة نضال الأم الأرملة أم أحمد بن حنبل اليتيم الذي صار إماما فقهته هي وقامت بتربية ابنها تربية صالحة فضحت بشبابها وجمالها ووقفت حياتها على تربية وحيدها أحمد فأحسنت تربيته، حتى أصبح ابنها الإمام أحمد بن حنبل، حتى قال عنه الإمام الشافعي بعد أن ترك بغداد وذهب إلى مصر: “تركت بغداد، وما فيها أفقه ولا أعلم من أحمد بن حنبل”.
هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان أكبر نموذج على الأم التي تربي الأبناء منذ نعومة أظفارهم على القتال والسعي إلى القيادة بل إنها كانت نموذجا للمرأة التي لا ترضى الهزيمة أو الهوان، شاركت في معركة اليرموك مع ابنها معاوية وكانت تحث المسلمين على الجهاد قائلة: “إليَّ أين يا حماة الإسلام؟ من الجنة تفرون؟” وعندما سألها أحدهم عن طفلها معاوية بن أبي سفيان ماذا تنتظرين منه؟ قالت ثكلته إن لم يكن سيد قومه.
والدة مكتشف المصباح الكهربائي العالم الأمريكي توماس أديسون الذي أنار العالم كله باختراعه يدين بالفضل لأمه، التي كانت سندا له بعد أن قسا عليه والده الذي أخرجه من المدرسة وأجبره أن يكون مجرد بائع لكن أمه هي من علمته القراءة والكتابة، وكانت تأتي إليه بكتب الفيزياء إلى البيت وقدمت له الجرائد وانكب عليها وظل يواصل جهده حتى توصل إلى اختراع المصباح الكهربائي ثم أجهزة الأشعة.
العالم الأمريكي توماس أديسون
العالم الأمريكي توماس أديسون

الرميصاء، أم الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه حرصت أن يلتصق ابنها أنس بالرسول صلى الله عليه وسلم، فقدمته لرسول الله ليكون خادما له، وهي تقول: يا رسول الله هذا خويدمك أنس، ادع الله له، فدعا له الرسول صلى الله عليه وسلم، ولزم أنس الرسول فتعلم منه الكثير وصار من رواة الحديث عنه.
وأم الإمام البخاري حرصت على تربيته وتعليمه الحديث بعد أن فقد والده، وربته على حب العلم ومجالسة العلماء حتى صار أمير المؤمنين في الحديث.
ولا ننسى أم محمد الفاتح التي ربت ابنها على الشجاعة والقوة، وهب الله الفاتح أمًا فاضلة ربته على مكارم الأخلاق وأعدته للمهمة التي كان يحلم بها الكثيرون من أمراء وقادة المسلمين، لقد كانت تأخذه وهو طفل صغير وقت صلاة الفجر لتريه أسوار القسطنطينية، وتقول له في ثقة: أنت يا محمد تفتح هذه الأسوار اسمك محمد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والطفل الصغير يقول: كيف يا أمي افتح هذه المدينة الكبيرة؟.
فترد عليه الأم: بالقرآن والسلطان والسلاح وحب الناس.
أم الشهيد
أم الشهيد

واستمرت الأم العظيمة تغرس فيه هذه المعاني حتى بلغ عمره 22 سنة ومات أبوه السلطان مراد الثاني.. دخلت أمه عليه وهو يبكي على أبيه فقالت له: أنت تبكي فماذا تفعل النساء؟! قم، القسطنطينية بانتظارك وأعداء أبيك في كل مكان.
قالوا عن الأم
وها هو الشاعر حافظ ابراهيم يصف الأم بالمدرسة:
الأُمُّ مَدْرَسَةٌ إِذَا أَعْدَدْتَهَـا
أَعْدَدْتَ شَعْبًا طَيِّبَ الأَعْرَاقِ
الأُمُّ رَوْضٌ إِنْ تَعَهَّدَهُ الحَيَا
بِالرِّيِّ أَوْرَقَ أَيَّمَا إِيْـرَاقِ
الأُمُّ أُسْتَاذُ الأَسَاتِذَةِ الأُلَـى
شَغَلَتْ مَآثِرُهُمْ مَدَى الآفَاق
وقال عنها أبو العلاء المعري:
العَيْشُ مَاضٍ فَأَكْرِمْ وَالِدَيْكَ
بِـهِ والأُمُّ أَوْلَى بِإِكْـرَامٍ وَإِحْسَـانِ
وَحَسْبُهَا الحَمْلُ وَالإِرْضَاعُ تُدْمِنُهُ
أَمْرَانِ بِالفَضْلِ نَالاَ كُلَّ إِنْسَـانِ
وقال عنها جميل الزهراني:
لَيْسَ يَرْقَى الأَبْنَاءُ فِي أُمَّةٍ
مَا لَمْ تَكُنْ قَدْ تَرَقَّـتْ الأُمَّهَـاتُ
وها هو المتنبي يحن ويقول:
أَحِنُّ إِلَى الكَأْسِ التِي شَرِبَتْ بِهَا
وأَهْوَى لِمَثْوَاهَا التُّرَابَ وَمَا ضَمَّا
ويصفها أمين سلام بأنها أنصع رمز ويقول: الأمومة أنصع رمز لنجاح المرأة في دنيا البقاء والوجود.
ويدين لينكولن بكل نجاحاته إلى أمه بالقول: إني مدينٌ بكل ما وصلت إليه وما أرجو أن أصل إليه من الرفعة إلى أمي الملاك.
ونقول أجمل الأمهات
التي انتظرت ابنها..
التي انتظرتهُ
وعادْ…
عادَ مستشهداً..
فبكتْ دمعتين ووردة
ولم تنزوِ في ثياب الحداد
لم تَنتهِ الحرب
لكنَّهُ عادَ
ذابلةٌ بندقيتُهُ
ويداهُ محايدتان….
كثيرة هي الأمهات التي تركت بصمتها على أطفالها وربتهما أيتاما أو في ظل أب غائب مشغول بالفتوحات والحروب، مشغول بتوفير لقمة العيش، فربين أبنائهن وكن لهم الأم والأب.
هكذا كانت أمهات زمان يربين أبنائهن على عزة الإسلام والكرامة والشجاعة والعلم فأنتجوا لنا قادة وعلماء وشهداء أناروا الدنيا بأقوالهم وأفعالهم.
عيدك سعيد يا أمي
أحن إلى عناقك ودفء أحضانك
أحن إلى صوتك وضحكتك
أحن إلى نصائحك
أحن إليك يا أمي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى