طبيب متطوع يحول مدرسة القرية إلى محجر صحي لعلاج المصابين..حالتا وفاة و 1140 إصابة بالكوليرا بمنطقة الأحمدي بالأزارق

> تقرير/ بسام القاضي

> الطبيب ماجد العواسي، رجل ذو قلب رحيم، رأى أطفال قريته في مسقط رأسه بمديرية الأزارق بمحافظة الضالع تفتك بهم الكوليرا.
رفض الطبيب العواسي دنانير المنظمات وريالات المستوصفات التي كانت تطلبه حثيثا فحول مدرسة القرية إلى محجر صحي هو طبيبه وممرضه ومشرفه، بل ومنظفه وحارسه، يعمل فيها بصمت وإخلاص.
تلكم هي مهنة الطب الحقيقة التي تجسدت في ابن غيل الأزارق الأصيل، سليل أسرة الشهيد عواس الدكتور ماجد محمد أحمد عواس.
يقول الطبيب ماجد العواسي، طب بشري عام وجراحة - جامعة عدن في حديث خاص لـ«الأيام»: “أإن فكرة إنشاء محجر صحي بدأت كواجب إنساني ووطني تجاه مديرية الأزارق بشكل عام، ومنطقة الغيل بلاد الأحمدي بشكل خاص، لأنه مسقط الرأس وكل ما يمسها يمسنا جميعا، نحن تعلمنا الطب لأجل نخفف آلام الناس المحتاجة، ونكون سندا لهم وقت المهمات الصعبة، بعيدا عن مصالح شخصية ومناطقية، فالأزارق هي كالأم بالنسبة لنا.
اطفال مصابين بالكوليرا
اطفال مصابين بالكوليرا

يضيف العواسي: “حين حصلت حالتا وفاة في المنطقة تحركنا سويا أنا وزميلي ورفيق دربي الدكتور وائل الحازمي، بكالوريوس تمريض مستشفى الشرطة النموذجي صنعاء، وأنا حينها كنت أعمل في مستوصف الأمير التخصصي في مديرية قعطبة، وقمنا بالتواصل مع بعض الزملاء من أبنا المنطقة من ممرضين ومساعدين أطباء ومختبرات وصيادلة، وطرحنا عليهم فكرة إنشاء محجر صحي في منطقة (تورصة)، وتجاوب معنا جميع العاملين، جزاهم الله خيرا، ولهم مني كل التحية والتقدير على ما قاموا به”.
واستطرد بالقول: “عرقل عملنا وتحركنا عدم وجود مركز أو مبنى صحي بالمنطقة، لكننا قمنا باختيار ثانوية الشهيد محمد محمود عواس كمبنى لاستقبال الحالات، لأنه لا يوجد مركز صحي بالمنطقة، كما ذكرنا، وهذ كان عائقا لنا في البداية، لكن حين وجدنا تجاوب مشايخ وعقال البلاد وأعطونا الأذن باستخدام المدرسة كمحجر لاستقبال حالات الكوليرا”.
وزاد: “عقب فتح المدرسة كمحجر صحي بدأنا بالتواصل مع فاعلي خير في البداية واطلاعهم بحالة الناس في المنطقة، وأن هناك وباء، وظروف المنطقة والناس لا تسمح بنقل المرضى إلى المدينة، وأن المنطقة تبعد عن المحافظة بثلاث ساعات، وهي كفيلة بقتل مريض الكوليرا، لأن الوقت كثير بالنسبة للإسهالات، ثانيا لا ننسى الدور الذي لعبه الأخ عسكر صالح ناجي مدير الصحة بالمديرية حين نزل إلى المنطقة وقام بالتواصل بالجهات المختصة بالمحافظة”.

وقال: “إن مدير مكتب الصحة بالمديرية تحرك ـ مشكورا ـ وطرح مشكلة المحجر الصحي بالمنطقة على مكتب الصحة بالمحافظة، والحمد لله حين وجد جديتنا بالعمل الطوعي تجاوب معنا الأخ مدير مكتب الصحة بالمحافظة وقدم كمية كبيرة من الأدوية والمحاليل، وقمنا باستقبال الحالات من تاريخ 14 يونيو الماضي كمتطوعين، والحمد لله قدمنا خدمات للناس مجانية، وأنقذنا حياة أطفال وكبار، بعد فضل الله عز وجل، وذلك خلال 40 يوما الماضية من فتح المحجر”.
وأردف: “حالات الإصابة بالكوليرا كانت تزداد يوما بعد يوم وأغلب الحالات كانت توصل إلينا بحالة جفاف شديد، وفي حالة غيبوبة، وكنا نتعامل معهم بحذر شديد، لأنه لا توجد لدينا أية وسائل أخرى غير السوائل، حيث كنا نعاني من نقص شديد في الفراشات والبلاستر وحاملات المغذيات، فكنا نرقد المرضى تحت الشجر ونعلق المغذية على أغصان الشجر، وننقذ المرضى ونرسل صور حية ويومية عن الواقع المعاش في المحجر”.
وأضاف: “عملنا مناشدات عبر عدة مواقع إخبارية وعبر وسائل الإعلام ناشدنا العالم أجمع في بداية عملنا، وكنا لا نتلقي أي تجاوب، واجهنا متاعب قوية في البداية، حيث كنا نستقبل الحالات من 3 مديريات، وهي مديرية الأزارق نفسها، ومن مديرية الحشا ومديرية ماوية، التابعة لمحافظة تعز، ومن مديرية المسيمير، محافظة لحج، لكننا صبرنا وفتحنا قلوبنا لكل الناس، وخدمناهم بكل ما هو متوفر لدينا، وخففنا العبء على المواطن في هذ المنطقة المنسية”.
وزاد: “كنا نتواصل يوميا مع الجهات المختصة، وشرح لهم واقعنا، ولأن عملنا طوعي، وخالص لوجه الله دون أي مقابل، بل كنا أحيانا نقوم بتجميع مبالغ مالية منا نحن المتطوعون لشراء بعض النواقص وخدمة الناس هنا، لأن المواطن في هذ المناطق يستحق منا ذلك، ولأن ذلك واجب إنساني علينا شخصيا، بحكم أني أول طبيب عام في المنطقة، وواجب برضه على بقية العمال، الذين وقفوا إلى جانبي وصبروا صبرا مريرا، ليلا نهارا، حتى تم التواصل معنا من قبل منظمة الإنقاذ الدولية أنهم سوف يقومون بتبني المحجر”.
حالات الإصابة بالكوليرا
حالات الإصابة بالكوليرا

وحول الخدمات التي يقدمها المحجر أوضح الطبيب العواسي أن “المحجر يستقبل يوميا ما بين 40 إلى 50 حالة من مختلف المناطق والمديريات”، مضيفا بأن “عمل المحجر حاليا ليس مقصورا لمريض الكوليرا والإسهالات فقط، بل صرنا نستقبل حالات أخرى، مثل أمراض السكر والضغط والتهابات الجهاز التنفسي والملاريا وبقية الأمراض الشائعة، بعد أن قدم لنا الدكتور محمد الدبش، مدير الصحة بالمحافظة كمية من الأدوية لهذ الشأن بعد أن وجهنا رسالة رسمية بطلب هذ العلاجات، وجزاه الله خيرا لعب دورا كبيرا جدا بتخفيف معانات الناس”.
وحول عدد الحالات المصابة بالكوليرا قال العواسي: “إن عدد الحالات التي استقبلها المحجر منذ انطلاقه في 14 يونيو الماضي، وحتى 24 يوليو الجاري بلغ 1140 حالة مقسمة على أطفال ورجال ونساء، لكن أغلب الحالات المصابة كانت محصورة على الأطفال والنساء”.
ولفت العواسي إلى أن “عدد الحالات التي وصلت المحجر في حالة غيبوبة بلغت 209 حالة وعدد الحالات التي وصلت في حالة جفاف شديد 450 حالة، فيما بقية الحالات كانت تصلنا في حالة جفاف خفيف ومتوسط”.
وأوضح الطبيب العواسي بأن “طاقم المحجر الصحي الذي تحتضنه مدرسة الشهيد محمد محمود عواس يتكون من طبيب عام، واثنين بكالوريوس تمريض، وممرضين اثنين آخرين، وأربعة فني مختبرات، وخمس قابلات وعاملتي تنظيف”.
وعن الصعوبات التي واجهتم في عملهم رد العواسي بالقول: “في بداية عملنا كنا نعمل طوعيا، وعلى حسابنا الشخصي، إلى أن تدخل مدير الصحة بالمديرية والمحافظة وقدموا كمية من الأدوية والمحاليل، وقاموا بإيجاد داعم للمحجر”.
وتابع بالقول: “حاليا المحجر يفتقر لأشياء كثيرة جدا كالإضاءة، والمستلزمات الطبية كالأسرة وحاملات الدريبات والمختبر والمحاليل الخاصة به، وإيجاد داعم للطاقم الطبي، الذي يعمل ليلا ونهارا طواعية، دون أي مقابل، سوى الحافز المالي الذي تقدمه منظمة الإنقاذ، والذي لا يساوي شيئا أمام تلك الأعمال الشاقة والمتعبة التي يقوم بها العامل في المحجر”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى