بالعدل نبني الدولة

> مازن علي الشحيري

> إن تفعيل مراكز الشرطة والنيابة والمحاكم بعدن خاصة والجنوب عامة أصبح ضرورة ملحة، لما تمثله مراكز الشرطة والنيابات والمحاكم من أهمية كبيرة على كل المستويات بلا استثناء كانت اجتماعية أو سياسة أو اقتصادية فعدم تفعيلها يؤدى إلى عرقلة الحياة وتقدمها بشتى المجالات، بل يساهم في تأخرها بشكل متسارع.
ويعتبر نجاح الموسسة الأمنية والقضائية من أهم مؤشرات نجاح أي دولة بشكل عام، ويعكس مدى تقدمها وتطورها، ليس فقط على الصعيد الأمني، بل على كافة الأصعدة، ولاسيما الاقتصادية التي تحتاج إلى بيئة مستقرة، فكلما كان هناك أمن مجتمعي حقيقي وعدالة قضائية نزيهة كان هناك ازدهار اقتصادي واستقرار اجتماعي للمجتمع بشكل عام.
لذلك إن مرحلة البناء والإعمار وبناء دولة المؤسسات لن تدور عجلتها أبدا، ولن ترى النور من دون وجود أمن مجتمعي، الذي تمثله أقسام الشرطة، ودون وجود عدالة حقيقية تحافظ على كل حقوق المواطنين، التي تمثلها النيابات والمحاكم بكل تخصصاتها،
وفشل الموسسة الأمنية والقضائية يعتبر من أهم مؤشرات التي تقيس فشل أية دولة، ويعكس مدى تخلفها، مما يعني عدم خلق بيئة مناسبة للاستثمار والتنمية الاقتصادية، وبتالي انتشار الفقر وازدياد معدل الجريمة...إلخ من المشاكل المترتبة على ذلك، لذلك ليس غريبا أن تتحول قضية تفعيل مراكز الشرطة والنيابة والمحاكم إلى مطلب شعبي وقضية رأي عام.
فى ظل وجود مئات وربما آلالف القضايا المعلقة التى نسمعها ونشاهدها كل يوم تقريبا بسبب عدم تفعيل القضاء ووجود مئات، وربما آلالف المسجونين الذين ينتظرون المحاكم للفصل بقضايهم، لكن الغريب والمستغرب إهمال أو تقصير الجهات الحكومية بسرعة تفعيل تلك المراكز، وكأن الأمر لا يعنيها، رغم الاحتقان الشديد الذي تسببه هذه الحالة فى أوساط الشعب، وأيضا تمثل مادة خصبة يستغلها أعداء هذا الشعب لخلق حالة من الفوضى فى ظل صمت مطبق من الجهات الحكومية.
ولكن نحن هنا نود أن نلفت نظر كل من له علاقة بهذا الأمر إلى أن الشعب عندما يقول تفعيل مراكز الشرطة والنيابة والمحاكم لا يقصد فتح مباني ومنشآت فقط، وإنما يطلب عملا مؤسسيا، عملا يخدم الشعب، ولا تعمل تلك المراكز بنفس عقلية النظام السابق وتتحول إلى أداة ابتزاز وقمع وظلم للمواطنين.
فالشعب فى الجنوب لم يضحِ بالغالي والنفيس، ولا زال يضحي حتى هذه اللحظة من أجل شعارات لا يتم تطبيقها على أرض الواقع، لذلك نحن هنا نطالب بمطلب شعبي وحق من حقوق هذا الشعب، لن نفرط فيه تحت أي ظرف كان، فأمن دون عدالة لا توجد دولة.
وأختم هذا المقال بقصة صغيرة للعبرة:
(بالعدل نبني الدولة) جملة قالها لي خال صديقي الجنوبي، الأصل الدنماركي الجنسية منذ زمن بعيد في إحدى زياراته لعدن، قال لي هذه العبارة عندما سألته: ما هو سر تقدم الدولة الأوربية؟ وقلت له هل هذه الجملة من استنتاجك لما تشاهده فى الدنمارك؟
قال لي: لا، بل هذا شعار الدولة، وهو منحوت فوق مقر رئاسة الوزراء، وهو شعار عام للبلد، وهو سر النجاح فى أوربا بشكل عام، وسر تقدمها.
فتذكرت قصة سيدنا عمر ـ رضي الله عنه ـ عندما أتى له رسول كسرى ووجده نايما تحت شجرة فقال له: حكمت فعدلت، فأمنت فنمت.
فأدركت حينها أن العدل والأمن أساس نجاح أي دولة، كانت مسلمة أو كافرة،
هذا والله من وراء القصد..
مازن علي الشحيري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى