حكايات جزء من اليوم

> يكتبها : علاء عادل حنش

>
علاء عادل حنش
علاء عادل حنش
الحُب يولد فجأة.! (2)
بعد أن قالت الفتاة للشاب (سأذهب لأصلي)، وأدارت ظهرها له، ظلّ الشاب ينتظرها لبرهة من الزمن، ولكن الفتاة تأخرت، وتأخرت كثيرًا.
خاف الشاب أن يكون قد جرى لها مكروه ما، فالمكان الذي يدرسان فيه غير مأمن بالكامل، وهما بالأغلب لأول مرة يدخلانه.
فكر الشاب أن يسأل المتواجدين بالقاعة عن الفتاة، ولكنهُ خاف أن يولِّد الشك فيهم، فيعرفوا أنهُ مهتم بالفتاة، ففضل المكوث لينتظرها، ولكن لا جدوى، فالفتاة لم تظهر بعد، حينها قرر الشاب مغادرة المكان، ولكن قلبهُ ظلّ هناك بالقاعة، فما غادر إلا جسده؟!!
وصل الشاب المنزل مع مغيب الشمس وهاجسه يئن عن حال الفتاة، وهل هي على ما يرام أم لا، وفكر بأن يرتاح قليلًا، فكلّ يوم خميس في الأسبوع إجازة الشاب من عمله، ولكنهُ لم يستطع تغافل أمر الفتاة، فرتب أموره سريعًا وهمّ فورًا نحو هاتفه يود التأكد عن حال الفتاة، وهل هي بخير أم ماذا؟؟
تذكر الشاب للتو بأنهُ تواعد معها حول موضوع يدخل ضمن عملهما، فكان هو سبيله الوحيد للدخول في حديث معها.
وعبر إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، وبجراءة غير مُعتادة من الشاب بدأ يحادثها وهي ترد عليه بكلّ براءة ولطف ورقّة، ولكن الشاب ظلّ يحمل في نفسه مثلما حمل يعقوب في نفسه؟!
استمر حديثهما وتبادلهما للرسائل، وكان بمجمله كلام عادي لا يدخل ضمن مخططات الشاب، وما يود إيصاله؛ فالشاب يود البوح بما في قلبه من حُب نحوها، ولكن التردد والخجل والخوف حالا دون ذلك..
بعد مرور ثلاثة أيام عن محادثتهما الآخيرة (فالدراسة التي كانا يدرسانها قد انتهت، ولا مجال للقاء بها أبدًا)، أرسل الشاب للفتاة برسالة تحوي الكثير والكثير من المقاصد، ولان الفتاة كانت ذكيةً وسريعة البديهة، فقد أوحت فحوى الرسالة بأشياء كثيرة، وأتضحت مغزى نظرات الشاب لها في قاعة الدرس قبل أيام، فكانت الفتاة جريئه، ودخلت في صلب الموضوع مباشرةً، ودون مقدمات تُذكر، فيما الشاب لم يكن مُتهيئًا للخوض في الحديث بهكذا طريقة، وبهكذا وضوح، وكلّ ما أراده التلميح فقط؛ ليقيس نبض الفتاة نحوه، ولكن وقع الفأس، وحانت ساعة المكاشفة، وهي فرصة ذهبية للشاب ﻹخراج ما في قلبه من مشاعر واحاسيس بدلًا من تخبئتها فلربما يفنيها إهمال الزمان؟!
لكن الصدمة التي تلقاها الشاب فور إتمام الفتاة لقرأة رسالته كانت قوية، بل كالصاعقة نزلت عليه، ولم يفكر الشاب بهذا الأمر قط، بل إنهُ لم يكن ضمن حساباته.
فالفتاة تقول للشاب -وبكل وضوح- عن رسالته التي أرسلها لها (هل هذا الكلام عني؟؟
إني مخطوبة، وخطوبتي قريبًا سوف تتم؟!!).
ماذا؟؟؟
الشاب يترنح من هول الخبر الذي نزل عليه كالصاعقة، فأفقدهُ تركيزه وأنتباهه، فهو لم يسمع قط إنها مخطوبة، أو حتى تحوم الشكوك بأنها مخطوبة، لكن ماذا جرى لحُبي، ولتلك الساعات الطويلة التي قضيتُها في التفكير بها، وبحلم زواج العمر ؟؟
هل أصبح كلّ شيئًا هبائًا منثورا ؟؟
ولماذا جعلت قلبي يتعلق بها ؟؟
لماذا لم أتأكد من إنها مخطوبة أم لا ؟؟
هل مات حُبي الذي ولد للتو؟؟ والذي لم يمر على ولادته إلا أيام؟؟
ما هذا الحظ العاثر؟؟
تلاطمت الأسئلة في عقل الشاب، وأصبح في وضعًا لا يُحسد عليه، لكن ماذا عساه يفعل، فقلبهُ تعلق بها حد الثمالة، حتى إنهُ لم يستطع الرد عليها ولو بكلمة إلا قوله بأن ذلك الكلام الذي أرسلهُ لها ليس موجهًا لها، وقد أُرسل بالخطأ.
لكن الفتاة لم تقتنع بهذا الكلام، فما أرسلهُ الشاب يوضح حُب الشاب لها، وإيماءات تُبين ماذا جرى بالقاعة الدراسية، وما سبب تلك النظرات القاتلة من الشاب نحوها، فأصرت أن الرسالة تتحدث عنها، لكن الشاب أجزم أن لا شيء من ذلك، وأراد أن يُبين لها إنها لا تهمه، وليس لها قيمة عنده، فكانت الفتاة ذكيةً فقالت للشاب (كما تريد، سميّ الرسالة بما شئت)، وكأنها توحي له بعدم مبالاتها بشيء، وانتهاء حوارهما في تلك الليلة الحمراء على الشاب، ولكن الشاب تحسر لرد الفتاة اللامُبالي، ووصفه بالإستهتار منها، لكن ما الجدوى من مبالات الفتاة بما أقوله وهي مخطوبة؟؟
هكذا كان الشاب يُفكر، ولكن ما يشغل تفكيره بالدرجة الأولى هو من ذا الذي خطبها؟ ومن أين هو؟ ومتى تمت الخطوبة؟ وكيف؟
في اليوم التالي.. نزلت على الشاب جرائه غير عادية، وقوة ليست معهودة له في مثل هكذا مواقف، وحادثها عبر الوسيلة نفسها، وسألها بكلّ تلك الأسئلة، ولكن الفتاة كانت ترد عليه بكلّ هدوء وكبرياء، وكأن الأمر لا يعنيها بشيء، فيما الشاب ينغلي بنار حُبه الذي ولد فجأة ذلك اليوم، وتمنى لو إنهُ لم يلتقي بها قط، وأن تظل علاقتهما القاسية السابقة كما كانت، علاقة الخصم للخصم، واختلاف الآراء فيما بينهما، وتنافس الآخر لينتصر على الآخر، العلاقة التي لا تقبل الحُب أبدًا.
ومع إلحاح الشاب على معرفة سر الخطوبة الذي ظهر فجأة - كما ظهر حُبه فجأة - اجابة الفتاة بأن الخطبة لم تتم بعد بشكل رسمي، ولكن جاء شاب وتحدث مع أهلها، وأن الخطبة ستتم في الأسابيع القادمة، حينها أخذ الشاب نفسًا عميقًا بسماعه بأن الخطبة لم تتم رسميًا، وبدى حُبه الذي ولد ما زال حيًا بعدما كان قد مات، ليصبح الآن في غرفة الإنعاش؟!!
لكن ما الذي سيفعله الشاب حيال ذلك؟؟
وهل سيستمر بحُبه للفتاة؟؟
أم سينساها نهائيًا ؟؟ أم ماذا؟؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى