عن أي وطن ؟

> فهد البرشاء

> عن أي وطن تتحدثون؟ ولأي مستقبل تخططون؟ وأي أحلام تكتنفها صدوركم وتنسجونها من أشعة شمس الضحى؟ وعن أي (وطنية) زائفة تتشدقون؟ وعن أي دولة مستقلة تبحثون؟
واهما من يظن أننا سنحصل على وطننا (الجنوب) على طبق من (ذهب)، وأننا سنصل لذلك الحلم (المنشود)، وذلك الهدف المأمول، واهماً من يعتقد أن تلك الدولة (المستقلة) جغرافياً وثقافيا وفكرياً والتي حلم بها الصغير قبل الكبير ستعانقنا أو نعانقها يوما أو نقف على تخومها بزهو وفخر..
واهما من يظن أن تلك الشعارات (الجوفاء) التي ترددونها هي مقياس الحب والعشق لهذا (الوطن)، وأن تلك (المسيرات) هي ستضع أقدامكم على طريق التحرر والانعتاق من (عبودية) الشمال، وديكتاتورية المستبد الذي (تألمتم) منه كثيرا طوال حكمه..
أتدرون لماذا؟ لأن الوطن لم يعد في (قلوبكم) كما تدّعون، بل بات من أجل (جيوبكم)، ولم يعد (يسكنكم) كما تتشدقون، بل (أثخنتم) جراحه، وأسلتم (دماؤه)، ومزقتموه وبات أشلاء وأجزاء، نشرتم (ثقافة) الحقد والبغض والعداء، وأذكيتم (نار) المناطقية المقيتة، وأججتم صراع الجماعات والأحزاب والولاءات.
أضحى الوطن (منقسما) بين ثلة تدعي الحب، وأخرى تدعي الحرص، بين جماعة يدعون أحقية (الحكم)، وأخرى (تطعن) في أخلاقهم ووطنيتهم،بات الوطن على صفيح ساخن، وساحة صراع، وميدان لتصفية الحسابات، شبت نار الاحتراب والاقتتال والإنتقام، وتعاظم هاجس العودة إلى أيام الدمار والدماء والتصفية الجسدية.
بتنا منقسمين، متفرقين، أحزابا، جماعات، كل منا (يغرد) خارج السرب، ويغني على (ليلاه)، ويدعي الحب والوصل لهذا الوطن، وشتان بين ما يقول وما يفعل، شتان بين شعارات المنصات، والأفعال الرعناء والتصرفات الطائشة التي تصدر بين الفينة والأخرى.
أفبعد هذا التناحر، وبعد هذا التباغض، وبعد هذه الروائح النتنة التي (أزكمت) الأنوف، تحلمون بوطن، وتحلمون بدولة مستقلة الأركان والهوية والهوى، محال أن نصل لذلك طالما ونحن بهذه العقلية التي تتعامل مع الأمور والواقع بعدائية وبدونية وبمناطقية، وتثير البلابل هنا وهناك، وتشعل فتيل الأزمات، بل وباعت مبادئها وأخلاقها وضميرها للمال وأرباب نعمتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى