نازحو كرش بلحج.. العودة اضطراريا للعيش في دائرة الموت.. إسقاط شهداء وجرحى الجبهة من قائمة المستفيدين من كسوة وأضاحي العيد

> تقرير/ عبدالله مجيد

> بعد عامين ونصف العام من النزوح اضطراريا من منطقته بفعل الحرب التي تدور رحاها بكرش محافظة لحج بين أفراد المقاومة الجنوبية المسنودة بالجيش الوطني من جهة وقوات العدوان الحوثي وصالح، عاد المواطن أبو مهند محمد مجيد الصبيحي مجبرًا بمعية عائلته المكونة من سبعة أفراد إلى منزله بقرية الجُريبة الواقعة في قلب المعركة حيث تشهد مواجهات وقصف متبادل وعشوائي بالسلاح المتوسط والثقيل بشكل مستمر.
يقول أبو مهند لــ«الأيام» بينما يشير بيده إلى جهة الغرب من منزله: " هُناك في صدر جبل النبي شعيب والذي لا يبعد عنّا سوى اثنين كيلو متر يتمركز قناصة المليشيات وقواتها، وعلى ذات المسافة من جهة الشرق يتواجد أفراد المقاومة الجنوبية والجيش الوطني، ونحن هنا في الوسط، معرضون للخطورة من الجهتين.
لقد تعرض منزلنا في الفترة الماضية لوابل من الرصاص معظمها من السلاح المتوسط، وتركت فيه أضرارًا كبيرة .. إننا عودنا للبيت مضطرين ومجرين، عدنا ونحن نعلم مدى الخطورة التي تُهدد سلامتنا ومن قلبنا سلامة أطفالنا، فمنطقتنا منطقة حرب".
وأضطر كثير من الأهالي للعودة إلى منازلهم لأكثر من سبب منها: عدم قدرتهم على احتمال حياة النزوح والتشرد والعيش العراء في تحت الأشجار وسط تهديد الطبيعة من أفاعي وعقارب ورياح وأمطار .. أو أن خيار العودة كان هو الخيار الوحيد والمر بعد أن عاد أصحاب المنازل التي نزحوا إليها لسكنا فيها.
وبينما كان أبو مهند يسرد معاناته لــ«الأيام» دوت في المنطقة المجاورة أصوات لمدفع هاون متزامنًا بقصف لسلاح متوسط، سرعان ما ولى مهند (4 أعوام) هاربًا نحو باب المنزل، فيما قهقت أخته فاطمة (3 أعوام ) ضاحكةً لتصرف أخيها قائلة " مهند هذا البرطي الذي يضرب".
يقول أبو مهند موضحًا "إنها تقصد محمد منصور الصبيحي والمعروف بـ"البرطي" أحد أبرز أبطال المقاومة وأشهرهم بضرب السلاح المتوسط، لقد أشهرته بطولته حتى لدى الأطفال.
وتتكون منطقة الجُريبة من عدة قرى هي: هيجة المر، وحبيل عباد، والمقطار، والحبيل، والعقبة، والشعب الأسود، نزح منها جميع أهلها سوى من أضطروا في البقاء، قبل أن يُجبر أخرون للعودة إليها مؤخرًا.
وشهدت المنطقة منذ بداية الحرب وما زالت أقوى وأعنف المعارك في المديرية، حيث تتمتع بمواقع عسكرية مهمة جعلت العدو يستميت لاحتلالها، وهو ما كبده خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
*الاستماتة في السيطرة
وتُعد التبة الحمراء والتي أطلق عليها مؤخرا "تبة الشهيد عباد" من أكثر المواقع أهمية والمسيطر عليها هو من سيتحكم بمجريات الأحداث في المنطقة.
ففي هذه التبة شهدت ملاحم موجهات مباشرة سقط في سبيل السيطرة عليها خيرة الأبطال من شباب المقاومة والجيش الوطني أمثال الشهيد عبد عبدالله يوسف المعروف بـ" عباد" ولتي سميت التبة فيما بعد باسمه، والمقدم الزُغير زبر الجحيلي، وعادل الصبيحي المرافق الشخصي للعميد فضل حسن العمري( القائد الحالي للمنطقة العكرية الرابعة) وحبوب البكري، وعبدالله البحري، وعدد من الجرحى، فيها كُبد العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ومازال.
*قنص النساء
لجأت مليشيات الحوثي وقوات صالح بعد فشلها المستمر بالسيطرة على تبة الشهيد "عباد" إلى تعمد القصف العشوائي لبلدات المنطقة، وقنص النساء والأطفال ممن لم يُغادروا منازلهم.
تعرضت خلال الفترة الماضية خمس نساء وطفلة إلى القنص العمد من قناصة المليشيات المتمركزين في جبل النبي شعيب وهن في منازلهن.
وقال أحد السكان المحليون لــ«الأيام» إن لجوء المليشيات إلى استهداف النساء والأطفال إلى منازلهم أتى بعد فشلهم بالسيطرة على المنطقة ذات الموقع العسكري المهم، وانتقامًا وردة فعل للهزائم التي يتجرعونها بشكل دائم فيها".
*تراخٍ في التحرير
تشهد جبهات مديرية كرش بمحافظة لحج، إلى الحدود من محافظة تعز، منذ بدء احتلالها من مليشيات الحوثي وقوات صالح في 23 مارس 2015م تشهد مواجهات ومعارك متقطعة وقصف متبادل، حققت فيه المقاومة الجنوبية المسنود بالجيش الوطني كثيرا من الانتصارات، غير أنها لم ترقَ إلى المستوى المطلوب، كما يقول مختصون ومواطنون.
جبهه بكرش
جبهه بكرش

في الوقت الذي يتهم فيه البعض الجيش الوطني بعدم جديته بحسم المعركة لتحرير المنطقة لتمكين المواطنين من العودة إلى منازلهم، والاكتفاء بوضعية المدافع لا المهاجم.
ويرى آخرون أن التأخير في الحسم يندرج ضمن خطط الحكومة الشرعية ودول التحالف العربي والقائم على تحرير الأماكن حسب أهميتها العسكرية والاستراتيجية، فجبهات المناطق الحدودية كجبهة بيحان بمحافظة شبوة، ومكيراس بأبين، وجبهات الصبيحة الأخرى في طور الباحة والمضاربة ورأس العارة حتى مضيق باب المندب، لم تحسم فيها المعارك بعد لذلك السبب.
*شهداء وجرحى
تسببت الحرب الدائرة إلى سقوط شهداء وجرى كرش من أبطال المقاومة الجنوبية والجيش الوطني.
وبلغ عدد شهداء وجرحى جبهة كرش من أبناء المنطقة فقط من بدء الحرب بشهر مارس 2015م حتى اليوم وقفًا لرئيس دائرة الشهداء والجرحى لجبهات كرش والقبيطة علي حمود يزيد إن جبهة كرش قدمت 76 شهيدا من أبناء المنطقة وأكثر من 253 جريحا، تجاوز المعاقون منهم الــ50 معاقًا، وسُفِّر منهم 9 جرحى فقط.
وأضاف يزيد "هناك جرحى آخرون بجاحة إلى السفر لتلقي العلاج في الخارج ونعاني من تسفيرهم كما نُعاني من توفير مصاريف وعلاج لهم، وأخيرًا تم إسقاط أسماء شهداء وجرحى جبهة كرش من مكرمة "وصية الشيخ زايد بأهل اليمن"، والخاصة بأضاحي وكسوة العيد، على الرغم من استلامهم لمكرمة الملك سلمان والمقدرة بـ" 5000 ريال سعودي".
ووفقا لرئيس دائرة الشهداء والجرحى بكرش والقبيطة محافظة لحج، فقد قدمت جبهات القبيطة 65 شهيدًا وعع من الجرحى منهم 15 معاقا".
*وباء الكوليرا
وظهر وباء الكوليرا في منطقة كرش في شهر أبريل الماضي لأول مرة في قرية "القُرية" بمنطقة الضاحي شمال مديرية كرش، قبل أن ينتشر في أماكن أخرى في بلدات كرش والمناطق المجاورة في مديرية القبيطة.

وأفاد منسق الترصد الوبائي لمناطق كرش والقبيطة الدكتور منصور علي سيف لــ«الأيام» أن الجهات المعنية في المديرية ممثلة بمدير الصحة الدكتور محمد سعيد ومدير الصحة بالمحافظة الدكتور عبد الرزاق يحيى الشاطري ومدير الترصد في المحافظة نجوين محمد شيخ وكذا المؤسسة الطبية الميدانية، كان لهم دور بارز لاحتواء وباء الكوليرا منذ ظهوره.
موضحًا أن "عدد وفيات هذا الوباء بلغ - منذ ظهوره قبل ستة أشهر - 9 حالات، و550 حالة اشتباه، يتم معالجة الحالات البسيطة منها من خلال ستة مراكز صحة موزعة على مناطق: ثوجان، الرماء، دياش، سوق الخميس، غويل السدة بعيريم، وظمران.. فيما يتم إحالة المضطرة منها إلى (قسم العزل) بمستشفى ابن خلدون في عاصمة المحافظة".
ويقضي أبناء مناطق وبلدات كرش أيامهم بين نزوح وتشرد، وعيش في العراء، ووباء الكوليرا، وحرمان من المرتبات، منذ نحو ثلاث سنين.
*موقع استراتيجي
وتستميت مليشيات الحوثي وقوات صالح - منذ بدء حربها على المحافظات الجنوبية - للسيطرة على مناطق كرش، وذلك لما تتمتع به من موقع مهم، وقريب من قاعدة العند الاستراتيجية (16 كيلو متر).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى