بروست كان يدفع لنشر مراجعات تطري كتابه

> عبدالإله مجيد

> كشفت رسائل بقلم مارسيل بروست أن الكاتب الفرنسي كان يدفع مبالغ نقدية مقابل نشر مراجعات تغدق المديح على الجزء الأول من عمله الشهير “البحث عن الزمن المفقود”.
وكان بروست يكتب الآراء الإيجابية بيده ويرسلها إلى الناشر لطباعتها “كي لا يكون هناك أثر لخط يدي” والابتعاد “تمامًا عن المال الذي انتقل من يد إلى أخرى”، كما جاء في إحدى الرسائل.
كانت الرسائل موجودة مع نسخة نادرة من “جانب منازل سوان”، الجزء الأول من “البحث عن الزمن المفقود”، ستُعرض للبيع قريبًا في مزاد تقيمه دار سوذبي في باريس.
ويتضح من الرسائل أن بروست كان يدير العملية من فراشه واعداً محرر كتابه في دار غراسيه للنشر بأن “يدفع بالطبع ثمن أتعابه كاملا”.
ودفع الكاتب الثري 300 فرنك أو نحو 1200 دولار بأسعار اليوم مقابل إشارة إطرائية إلى “جانب منازل سوان” على الصفحة الأولى لجريدة لوفيغارو، التي كانت من كبرى الصحف الفرنسية اليومية حينذاك كما هي الآن. ودفع بروست 660 فرنك أخرى مقابل نشر مقتطفات وافية من مراجعة مفعمة بالمديح يكتبها أحد أصدقائه في الصفحة الأولى لجريدة جورنال دي ديبا التي توقفت عن الصدور في عام 1944.
وتبين رسائل بروست إلى محرره لوي برون أن الروائي الفرنسي لم يكن يعرف شيئاً عن فن المديح الإنشائي والتحرير الانتقائي. وكتب يقول “إن جانب منازل سوان تحفة صغيرة تكنس، مثل هبة ريح، الأبخرة المنوّمة” لكل شيء معروض الآن برسم البيع.
وكتب بروست مقارناً نفسه بالكاتب الإنكليزي تشارلس ديكنز “إن ما يراه مسيو بروست ويشعر به أصيل تماماً” بل إن كتابته “تكاد تعشي العين بنورها.. وهذا الكتاب يوحي بالبُعد الرابع تقريباً للتكعيبيين”. وكان بروست يطلب ممن يدفع لهم أن يكتبوا هذه العبارات عنه.
حاول بروست استدراج ثلاث مطبوعات أخرى إلى نشر أهم ما كتبه صديقه في مراجعة كتابه رغم أنه لم يكن مستعداً للدفع مقابل نشرها إلا لصحيفة واحدة هي “جيل بلا” اليومية.
كما تنقل الرسائل غضب بروست على صحيفة لوفيغارو التي كان يعمل معها أحياناً لحذفها إشارة إليه بوصفه “مارسيل بروست المتميز”.
وقال خبراء إن لهفة بروست على الدعاية لكتابه تعود، من بين أسباب أخرى، إلى تحمله تكاليف النشر من جيبه. وكانت سلسلة من دور النشر رفضت أن تطبع الكتاب قبل أن يقنع المحرر برون مديره برنار غراسيه بنشره في عام 1913، ولكن بشرط أن يغطي المؤلف نفسه كل التكاليف. ومع ذلك لم يكن غراسيه متفائلا بالكتاب، وقال لصديق أعطاه نسخه قبل نشره إنه كتاب “لا يُقرأ”.
ولكن في غضون أسابيع من نشر “جانب منازل سوان” اعتبره نقاد عملا فذاً رغم أن آخرين ظلوا حائرين إزاءه. وقال بينوا بوتمان من دار سوذبي إن الناشر غاستون غاليمار كتب لاحقاً إلى بروست يقول إن رفضه الكتاب كان أكبر خطأ في حياته.
ولفت بوتمان إلى أن دفع مبالغ مالية لشراء مراجعات إطرائية “كان ممارسة معروفة في ذلك الزمن وأن بروست كان يفعل ذلك بكبرياء ولم يكن مباشراً ذات مرة، بل كان يقوم بدور وكيل نفسه الصحفي يمرر مقالات قصيرة عنه كتبها بنفسه، ولكنه كان يريد الإيحاء بأن آخرين كتبوها عنه”.
وصرح بوتمان لوكالة فرانس برس أن بروست “كتب أن رساماً كبيراً كتب مقالة عن كتاب رائع موزعاً المدائح على الجميع خلال ذلك”. وأضاف “إن بروست كان يريد إرضاء الجميع”.
تقدر دار سوذبي أن النسخة التي ستعرضها للمزاد من "جانب منازل سوان" ستباع بسعر 400 إلى 600 ألف يورو.
* نقلًا عن موقع إيلاف

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى