إمام العاشقين.. العباس بن الأحنف !!

> محمد حسين الدباء

> العباس بن الأحنف بن الأسود الحنفي المكنى أبو الفضل هو شاعر رقيق الغزل، فقد خالف الشعراء في طريقتهم فلم يتكسب بالشعر، وكان أكثر شعره بالغزل والنسيب والوصف، ولم يتجاوزه إلى المديح والهجاء، وفي ذلك يقول الجاحظ.
ومن أجمل ما يرونه عنه أنه خرج مع الرشيد ذات يوم إلى خراسان، وكان الرشيد قد وعده أنه لن يغيب عن أهله في بغداد، لكن الغياب طال، فاشتد به الشوق إلى أهله، واحتال هو بأبيات تصل إلى سمع الرشيد لعله يأمر له بالعودة:
قالوا خُراسانُ أَقصى ما يُرادُ بِنا
ثُمَّ القُفولُ فَقَد جِئنا خُراسانا
مَتى يُكونُ الَّذي أَرجو وَآمُلُهُ
أَمّا الَّذي كُنتُ أَخشاهُ فَقَد كانا
ما أَقدَرَ اللَهَ أَن يُدني عَلى شَحَطٍ
جيرانَ دِجلَةَ مِن جيرانِ جَيجانا
عَينُ الزَمانِ أَصابَتنا فَلا نَظَرَت
وَعُذِّبَت بِفُنونِ الهَجرِ أَلوانا
يا لَيتَ مَن نَتَمَنّى عِندَ خَلوَتِنا
إِذا خَلا خَلوَةً يَوماً تَمنّانا
وتصل الأبيات إلى سمع الرشيد، فيتأثر بها غاية التأثر ويأذن لشاعره العباس بن الأحنف بالعودة إلى بغداد !!.
وهناك رواية أخرى طريفة حكاها المسعودي في كتابه (مروج الذهب) عن جماعة من أهل البصرة، قال: خرجنا نريد الحج، فلما كنا ببعض الطريق وإذا غلام واقف على المحجة وهو ينادي: أيها الناس، هل فيكم أحد من أهل البصرة ؟ قال فعدنا إليه وقلنا له: ما تريد ؟
قال: إن مولاي لما به يريد أن يوصيكم، فملنا معه، فإذا شخص ملقى على بعد تحت شجرة لا يحير جوابا، فجلسنا حوله فأحس بنا، فرفع رأسه وهو لا يكاد يرفعه ضعفا، وأنشأ يقول:
يا غريب الدار عن وطنه
مفردا يبكي على شَجَنِهْ
كلما جَدّ َالبكاء به
دَبَّتِ الأسقام في بدنه
ثم أغمي عليه طويلا، فبينما نحن جلوس حوله إذ أقبل طائر فوقع على الشجرة وجعل يغرد، ففتح عينيه وجعل يسمع تغريد الطائر ثم أنشأ يقول:
ولقد زاد الفؤاد شَجًا
طائر يبكي على فَنَنِهْ
شَفّه ما شَفِّنِي فبكى
كلنا يبكي على سَكَنِهْ
قال: ثم تنفـس نفسا فاضت نفسه منه، فلم نبرح من عنده حتى غسلناه وكفناه وتولينا الصلاة عليه، فلما فرغنا من دفنه سألنا الغلام عنه فقال هذا العباس بن الأحنف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى