العمارة الحجرية في يافع بين تـراث الماضي وجمال الحاضر ..قصور فخمة وحصون وقلاع منيعة شُيدت في رؤوسِ الجبال الشاهقة

> تقرير: قائد زيد ثابت

> يافع من المدنِ التاريخية القديمة المتميزة بفنِها المعماري الأصيل على مرِ العصور، فالقدماء من أهل يافع، وهم أحفاد يافع بن قاول بن زيد الحميري، برعوا في فنونِ العمارة، أبدعوا في نحتِ الصخور الصلبة، وبناء القصور الفخمة وتشييد الحصون والقلاع المنيعة في رؤوسِ وقمم الجبال الشاهقة.
فالحديثُ عن يافع طويل، نظراً لما تحويه وتكتنزه من مواقعَ أثرية ومعالم تاريخية وسياحية قد تفوق في جمالِها وحضارتِها وتعدد مفاتِنِها كل مدن العالم، فهي متحف مفتوح يسر الناظرين بعبقِ التاريخ التليد وجمال التراث المتنوع.
إن الزائر لمديرياتِ يافع الثمان، ولأول مرة، يستمتع بروعة العمارة الحجرية التقليدية ذات الطابع والنسق الحميري الفريد من نوعِه.
فالنمطُ المعماري في يافع يختلفُ كثيراً عن كلِ الأنماط المعمارية في اليمن والعالم أجمع.
ومن المناظرِ التي تهوي إليها افئدةُ الزائرين القلاع والحصون المنيعة المنتشرة وبكثرة في قممِ لجبال الشاهقة.
وقبل تدشين البناء يتم اختيار موقع إقامة الدار في الصخرُ الأصم.
تزين البنايات من الخارجِ بحزامٍ بين كلِ طابق وتشاريف تعلو أسطح الدار التي تزيد طوابقُها على ثلاثة
تزين البنايات من الخارجِ بحزامٍ بين كلِ طابق وتشاريف تعلو أسطح الدار التي تزيد طوابقُها على ثلاثة

حيث يتم مسح الأرضية التي تتراوح مساحتُها في الدار القديم ما بين عشرة إلى ثمانية امتار، بعدها يتم بناء أساس البيت، الذي يزيد عرض جداره الخارجي والداخلي عن مترٍ ونصف.
وكانَ يشترطُ في بناءِ الدار اليافعي القديم استخدام التراب المخلوط بالماء (الخلب) الذي يستخدم كمادة في تدعيم وتماسك وترابط البناء.
وتزين البنايات من الخارجِ بحزامٍ بين كلِ طابق، وتشاريف تعلو أسطح الدار التي تزيد طوابقُه عن ثلاثة أدوار تتوزع على جميعِ الأركان.
أحد أبراج المراقبة  مبانٍ من الحجر
أحد أبراج المراقبة مبانٍ من الحجر

ويتكون البيت القديم من غرفتين إحداهما كبيرة تسمى (مَفْرش) وتحتوي على سرير حجري للنوم يسمى (هدة) وتحتها مباشرة خزنة لحفظِ الأشياء الثمينة كالذهب والمال والسلاح تسمى (خلة)، وبجانبِ الهدة والخلة حمام من أصل المفرش، بينما الغرفة الثانية صغيرة تسمى المُجنّب.
وكانوا قديما يزينون واجهات المنازل من الخارج بالزخارف الحجرية والأقواس والعقود النصف دائرية على الأبواب.
كما زينت البيوت من الداخل بالزخارف الحجرية على الجدران، والنقوش المحفورة في أخشاب السقوف الجميلة.
وتسقف سقوف الطوابق بأخشابِ السدر وأحجار (الصلى) الصلبة التي تشبة الألواح الخشبية من حيث السماكة.
ولا تخلو أية منطقة في يافع من أبراج المراقبة (الحصون) ففي كل قرى وجبال يافع تنتشرُ أبراج المراقبة، وهي عبارةٌ عن مبانٍ من الحجر، وأكثرُ ما تبنى بشكلٍ دائري، ومزودةٌ بمدخلٍ واحد، وأغلب الأبراج تتوزعُ فوق التلال والآكام وقمم ورؤوس الجبال الشاهقة وبالقربِ من الحصونِ والقلاع والمساحات الزراعية وُسمى (النوبة). ويشترطُ في بناءِ تلك الأبراج بألّا يغيب برجٍ عن أخيه على مستوى يافع بأكملِها.
ويقالُ بأِنها كانت تمثل في الماضي القريب وسيلة اتصال وتواصل وهمزة وصل بين قبائل يافع المترامية الأطراف في إطارِ القبيلة الواحدة والمكتب والسلطنة.
كما برع أهل يافع في فنونِ العمارة أبدعوا في نحتِ الصخور الصلبة
كما برع أهل يافع في فنونِ العمارة أبدعوا في نحتِ الصخور الصلبة

ويقالُ إنهُ كانِ لكلِ حدثٍ إشارة عند قبائل يافع قديماً، فإشعال النيران مثلاً أعلى تلك الأبراج الحجرية أثناء الليل هو عبارةٌ عن نداء عاجل يراد فيه إعلان حالة الاستنفار والتَّأهب والنفير لمواجهةُ الخطر القادم.
وَتُزَوَّدُ تلكَ النُّوَبْ بالفتحات الصغيرة التي تتسعُ لمرورِ فوهة السلاح وتتوزعُ الفتحات في جميعِ الاتجاهات.
والهدف الذي بُنِيِتْ من أجلهِ تلك النوب هو حماية الممتلكات والحصون والقلاع من أي خطر.
تقرير: قائد زيد ثابت

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى