حوطة لحج.. فل ونغمٌ ودماء وغيابٌ للقانون.. المعلمة عبير البان التي قُتلت على يد زوجها.. متى تبدأ إجراءات العدالة؟!

> تقرير/ هشام عطيري

> لحج الخضيرة وحوطتها الجميلة لم تفحْ منها إلا نفحات الفل والكاذي والبخور، ولم يُسمع في حوافيها إلا أنغام ومعزوفات، فعلى مدى عقود من الزمن وتلك المدينة رمزٌ ومعلم أصيل للسلام والوئام والطرب.. غير أن عواصف الزمن صيّرت روائح الفل بارودا وعبق الكاذي دماء وجعلت الأنغام أزيز رصاص وتحولت الكمنجة إلى سكين والربابة إلى بندقية؛ فحل البؤس والخوف والشقاء بعد السلوى والمحبة.
فقد شكلت قضية مقتل المعلمة عبير الرحمن محمود عبد اللطيف البان (37 عاما) في نهاية شهر نوفمبر من العام الماضي 2016 على يد زوجها، طعنا بخنجر امام منزل والدها بإحدى حارات الحوطة العتيقة، صدمة للمواطنين والناشطين المجتمعيين، كونها الحادثة الاولى من هذا الحجم بالمدينة.
وأظهرت القضية حراكا مجتمعيا نشطا عقب القبض على الجاني وإيداعه السجن الاحتياطي في امن لحج انذاك.

وطالبت تلك التحركات المجتمعية المدنية بالقصاص من قاتل عبير، وشارك العشرات من النسوة بحملة مجتمعية وتظاهرة بعد حادثة القتل تحت شعار (حتى لا تكوني التالية) هدفت الى خلق وعي مجتمعي والضغط على الجهات المختصة للإسراع بتنفيذ القصاص من قاتل عبير.
خروج التظاهرة عقب الحادثة جاء هدفا لعشرات النسوة الناشطات في منظمات المجتمع المدني للفت الانظار تجاه ما تتعرض له النسوة والفتيات في لحج اللواتي ذهبن ضحايا في حوادث قتل وخطف او اغتصاب دون ان يتم أي تحرك مجتمعي لرفض او استنكار هذه الجرائم.
اجهزة الامن من جانبها كانت بدأت بعد الحادثة اجراءاتها وسماع اقوال الشهود والجاني ونقل المتهم الى سجن المنصورة وبدأت النيابة باستكمال الاجراءات حيال القضية التي كانت الهم الاساسي لأهالي لحج خاصة وان محكمة الحوطة في تلك الفترة لم تبدأ عملها نتيجة تضرر مكتبها وفقدان العديد من الوثائق.
الخنجر الذي ارنكب الجريمة فيه
الخنجر الذي ارنكب الجريمة فيه

النيابة العامة بعد استكمال التحقيقات وجهت للمتهم (ي س م ن) يبلغ من العمر 42 عاما، قرار اتهام بقتل نفس معصومة الدم عمدا وعدوانا، هي المجني عليها عبير عبدالرحمن البان وذلك بأن قام بطعنها بخنجر عدة طعنات في رقبتها وأنحاء متفرقة من جسمها مما ادى الى وفاتها، بحسب التقرير الطبي، والأوراق، الامر المعاقب عليه طبقا لأحكام الشريعة الاسلامية الغراء والمواد 16، 224 من قانون الجرائم والعقوبات الشرعية رقم 12 لعام 94م.
ولما كانت التهمة ثابتة من قبل المتهم المذكور واعترافاته في المحاضر وجمع الاستدلالات وبشهادة الشهود المبينة اسماؤهم وشهاداتهم في قائمة ادلة الاثبات المرفقة بالاوراق لذلك، وعملا بنص المادة 236 من قانون الاجراءات الجزائية رقم 13 لعام 94م قدمت النيابة العامة المتهم امام محكمة الحوطة الابتدائية وطالبت بمحاكمته والحكم عليه بالعقوبة المقرة شرعا وقانونا.
نيابة الاستئناف استكملت ملف القضية من قبل النيابة العامة ونيابة الحوطة وتم تسليم الملف الى محكمة الحوطة قبل عدة اشهر مضت، ولكن المحكمة ابوابها مغلقة.
صورة من التقرير الطبي
صورة من التقرير الطبي

أشار والد المجني عليها إلى انه بعد متابعات حثيثة من رئيس نيابة استئناف لحج القاضي مهدي قصيع «واطلاعه على شكوانا بخصوص القضية ومطالبته بتكليف قاضي محكمة الحوطة والحمد لله نجح في ذلك لفرض القانون والعدالة بهذه المدينة» وقال «نستبشر خيرا بعد تكليف القاضي لمباشرته في محكمه الحوطه الابتدائية في المبنى المؤقت بأن يتم عقد جلسات محاكمة لقاتل ابنتي بجريمته النكراء».
عقال ومشايخ الحوطة وفي مذكرة حديثة اعلنوا تضامنهم مع اسرة المجني عليها عبير وطالبوا ببدء محاكمة المتهم محاكمة علنية خاصة وان القضية قد مر عليها عام.
وشكلت التحركات المجتمعية بالمدينة نداء للسلطة القضائية بان تعمل على بدء محاكمة القاتل حتى يكون عبرة لمن لم يعتبر.
وكان الطبيب الشرعي عقب الكشف على جثة المجني عليها في ثلاجة مستشفى ابن خلدون قد بين وجود جرح طعني بأعلى الترقوة اليمنى اضافة الى جرح طعني مشابه يقع متوسط مقدم الرقبة وجرح اخر يقع بوسط مقدم البطن من الناحية اليمنى لجرح عميق غائر يمتد حتى تجويف البطن مع بروز الامعاء من خلال فتحة الجرح، كما شوهدت تمزقات وقطوع على مقدم العباية التي كانت ترتديها الضحية.

وفي تقرير صادر عن الاطباء في قسم الطوارئ بمستشفى ابن خلدون عقب وصول جثمان الضحية من خلال الفحص الطبي الاولى أوضح انها وصلت الى المستشفى جثة هامدة، وتبين من خلال الاثار الجسمانية الخارجية وجود جروح قطعية ثلاثة في مقدمة الرقبة مختلفة الطول والعمق، اضافة الى جروح قطعية في البطن مصحوبة بخروج لأحشاء البطن.
روح عبير التي قُتلت ظلما على يد زوجها تنتظر عدالة السماء يوم يقف الخلق بين يدي جبار السماوات والأرض، غير أن أباها وذويها والمتعاطفين والمهتمين مازالوا يكثفون نشاطهم المجتمعي للضغط على السلطات الأمنية والقضائية لاستكمال محاكمة الجاني والاقتصاص منه حتى تسود هيبة القانون ويحل النظام في المدينة التي تشهد حوادث مماثلة دون أن يكون للقانون قوته ولا للدماء حرمتها.
تقرير / هشام عطيري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى