د. ياسين نعمان: يجب تعبئة الجنوب لمعركة استكمال التحرير كي يقول الشعب الجنوبي كلمته بدون تكرار لقرارات النخب

> حاوره/ عامر الدميني

> أجرى "الموقع بوست" حوارا مع السياسي الجنوبي الدكتور ياسين سعيد نعمان، سفير اليمن ببريطانيا، تحدث خلاله عن كثير من القضايا الشائكة، منها قضية الجنوب، واستكمال التحرير، ودور الإمارات في عدن، وأهداف التحالف العربي، وأين وصل.
«الأيام» تعيد نشر الحوار:
*كيف تنظر لواقع اليمن اليوم؟ وأين يقف اليمنيون في هذه اللحظة؟
ـ واقع مفزع.. الانقلاب الذي قام به تحالف الحوثي عفاش أدخل اليمن في هذا النفق المظلم، بعد أن كان يضرب باليمن المثل في الثورة السلمية والحل السلمي والحوار والتوافق الوطني.
جاء مجلس الأمن بأكمله إلى اليمن ليجتمع، وليبارك ذلك التحول السياسي السلمي الذي انتظر العالم بأكمله أن يتحول إلى فعل على الأرض لاستكمال بناء الدولة الديمقراطية المدنية، فإذا بالمتربصين بهذه الدولة وبهذا التوافق يعملون على إفشاله بمؤتمرات صحفية، وأصوات عالية ترفض نتائج الحوار، وتوفر الأرضية لذلك الانقلاب المليشاوي الذي غير مجرى العملية كاملاً ليصل اليمن إلى ما وصل إليه.
أما أين يقف اليمنيون؟ فالوضع الطبيعي هو أن يقف اليمنيون إلى جانب استعادة دولتهم من الانقلاب، وإلى جانب السلام الذي يوفر لهم الاستقرار، وإلى جانب حقهم في تقرير خياراتهم السياسية، التي انتزعتها نخب لم تكن مؤهلة لبناء الدولة.
*هل نجح التحالف العربي في الانتصار للشرعية بعد ثلاث سنوات من إطلاق عاصفة الحزم؟
ـ التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، والدور الفاعل لدولة الإمارات العربية المتحدة، انتصر للشرعية، وقدم التضحيات الجسيمة.. وكان مدركاً أن المشروع الإيراني الذي يستهدف تفكيك الدولة الوطنية في المنطقة العربية ومنها اليمن، ليعيد بناءها على أسس طائفية لن يتوقف عند نقطة معينة، وكان لابد من مواجهة هذا المشروع التدميري باستعادة الدولة اليمنية التي تم التوافق على بنائها من منطلق أن أمن اليمن وغيرها من دول المنطقة واحد لا يتجزأ، وأن ضمان استقرار هذا الأمن في هذا الإطار مرهون بتقرير الطابع الاستراتيجي للعلاقة التي ينتظم في إطارها الشأن السياسي والاقتصادي إلى جانب الأمني.
*هناك من يقول إن اللقاء المشترك كتحالف سياسي لأبرز القوى السياسية اليمنية انتهى؟ كيف تنظرون للأمر؟ وهل اليمن بحاجة اليوم لتحالف سياسي جديد يتواءم مع المرحلة اليمنية الراهنة؟
ـ المشترك بصيغته القديمة تغير بكل تأكيد بتغير المهام التي استجدت في واقع الحياة السياسية، بالطبع لا تزال الحاجة إلى التحالفات السياسية قائمة، وهي لا تتم إلا بوجود المشتركات بين المتحالفين، اليوم تحددت المشتركات باستعادة الدولة من أيدي الانقلابيين كمهمة رئيسية، وقاعدة المشترك توسعت لتشمل قوى أخرى من ضمنها نصف المؤتمر الشعبي الذي تخلى عن النصف الآخر الذي تحالف مع الحوثيين بقيادة صالح، وستطرح الأيام القوى السياسية مهمات جديدة ومشتركات جديدة.
*كيف تنظر لتحالف المخلوع علي عبدالله صالح مع الحوثيين؟ وما الذي قدمه؟ وإلى أي مدى يمكن أن يصمد؟
ـ تحالف الحوثيين وصالح أفضى إلى تدمير اليمن، هذا كل ما أنجزه هذا التحالف، وعندما أنجز هذه المهمة دخل مرحلة التفكك، فلم يعد الحوثيون بحاجة إلى صالح ومؤتمره عسكرياً بعد أن انتزعوا منه مصادر القوة، وبقيت حاجتهم إليه في جانب التغطية السياسية لمشروعهم، أما صالح فبعد أن استكمل حلقات الانتقام لم يجد ما يعمله وتخبط كثيراً، وعندما بدأ يستجمع شيئا من الوعي كان الوقت قد تأخر.
*تتجه التطورات في الجنوب نحو التصعيد باتجاه الانفصال، كيف ينظر الدكتور ياسين لهذا الأمر؟ وما الخيارات الممكنة لاحتواء هذا التصعيد؟.
ـ الجنوب قضية، ومن لا يريد أن يعترف بأنه قضية فإنه يسهم في التصعيد بل ويقود إليه، يمكن المسئول الوحيد الذي تعامل مع قضية الجنوب بروية وحنكة هو الرئيس هادي، وخاصة منذ أن فجر الانقلاب الوضع في اليمن بصورة شاملة، لكن للأسف لم تترك له فرصة استكمال رؤيته في معالجة قضية الجنوب، وتصادمت الأطراف المختلفة بوطأة حسابات وصراعات عديدة.
أعتقد أن من تسرب إلى الشرعية بمفاهيم قديمة عن إدارة الشراكة السياسية بأدوات إدارية يتحملون مسئولية ما وصل إليه الوضع.
وبالنسبة للحراك السلمي والمجلس الانتقالي وهم يحملون قضية الجنوب لا بد أن يدركوا انه بدون استكمال استعادة الدولة من الانقلابيين فإن الجنوب سيظل مهدداً بمخاطر كثيرة، وقد قلت أكثر من مرة إن هذا الوضع يحتاج إلى معالجة بمستويين، المستوى الاول بناء العلاقة التي استهدفها الرئيس هادي برؤيا سياسية عميقة مع الجنوبيين وإدارتها بأدوات سياسية تعمق الشراكة، وأن يعاد تعبئة الجنوب في معركة استكمال التحرير على نحو يسمح للشعب في الجنوب أن يقول كلمته في المستقبل بمسئولية وبدون تكرار لقرارات النخب.
*كيف يمكن إيقاف الحرب في اليمن اليوم؟ ومن يمتلك قرار ايقافها اليوم؟
ـ نا أفرق دائماً بين وقف الحرب وإنهائها، وقدمت بشأن ذلك اكثر من مداخلة في فعاليات سياسية كثيرة كان آخرها الندوة التي عقدت في البرلمان منذ أيام.
وقف الحرب يمكن أن يتم بضغوط كثيرة منها الجانب الانساني ..الخ، لكن هل مثل هذا الإيقاف سيعالج مشاكل الخلاف الاساسية التي تثار بخصوص بناء الدولة وطبيعتها الوطنية غير الطائفية.
اليمن يحتاج إلى إنهاء الحرب بحسم المشكلات التي لن تكون سبباً في اعادة الحرب مرات ومرات، هذا لن يتحقق الا بعودة المرجعيات الثلاث التي تضمن إنهاء الحرب بصورة نهائية.
*هناك من يأخذ على الدكتور ياسين بصفته سفيرا لليمن في بريطانيا عدم تفاعله تجاه القضايا التي تهم اليمن وتفعيل الدبلوماسية اليمنية كما يجب؟
ـ من فين صادر هذا التقييم؟ إذا من وزارة الخارجية فخذ استقالتي من الان وسلمها لهم بيدك، واذا من الفيس بوك فالشرعية في نظرهم كلها فاشلة في أداء مهامها.
أدعي أنني قمت بعملي على أكمل وجه وفي ظروف صعبة، تمر علينا فيها أكثر من ستة أشهر دفعة واحدة بدون رواتب ولا مصاريف تشغيل، شخصياً أعتز بأنني أعيش على هذا الراتب الذي يأتي ولا يأتي ولا يتجاوز راتب أي سفير مبتدئ وليس لدي مصدر دخل آخر.
في هذه الظروف الصعبة أعدنا للعمل الدبلوماسي حيويته بجهود العاملين في السفارة وفي ظروفهم الصعبة، شاركنا في عشرات الفعاليات السياسية والدبلوماسية عن اليمن، واجهنا تحالف عفاش والحوثي المنتشر في بريطانيا، ولديه امكانيات كبيرة، عملنا في الجانب الانساني والسياسي والاعلامي بصورة حافظت على موقف ثابت من الشرعية في مواجهة كافة التحديات المعاكسة، زرنا الجاليات ووطنا معها علاقات طيبة بالرغم مما تواجهه من تفكك كانعكاس للوضع السياسي، حافظنا على ممتلكات الدولة التي سيطر الانقلابيون على وثائقها، رممنا مبنى السفارة التي كانت على وشك الانهيار، وفي هذا الجانب اتوجه بالشكر للأخ رئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر لمساعدتنا في ذلك.
لا أقول هذا دفاعاً عن النفس، فأنا لا يهمني المنصب فلو كنت اهتم بذلك لكنت قبلت ما هو أكبر منه، ولكن أقوله إنصافاً للعاملين ممن يعملون بصمت.
*هناك انتقادات توجه لدولة الإمارات العربية المتحدة إزاء تصرفاتها بالعاصمة عدن ومدن الجنوب، ويصفها البعض بالاحتلال بعد دعمها للمجلس الانتقالي والحزام الامني.. ومنعها عودة الرئيس هادي .. كيف ينظر الدكتور ياسين لهذا الامر؟
ـ لا أحد يستطيع أن ينكر دور الإمارات في عاصفة الحزم والتضحيات التي قدمتها من أجل اليمن واستعادة الدولة ودعم الشرعية ومواجهة المشروع الإيراني، مشكلتنا نحن اليمنيين إذا حبينا لا نترك فرصة للنقد، وإن كرهنا لا نترك فرصة للاعتراف بالجميل.
يجب أن نتخلص من هذه الحدية المطلقة، وهناك مشكلات كان بالإمكان تفاديها منذ اليوم الأول بتشكيل قيادة مشتركة على مستوى عالٍ بين الحكومة اليمنية والتحالف، غياب هذه القيادة المشتركة ترك الأمور للقيادات التي تشكلت رؤاها ومواقفها بفعل المشكلات اليومية بعيداً عن الرؤيا الاستراتيجية، ثم جاءت المشكلة الخليجية لتفعل فعلها في انحيازات تجاوزت حاجة اليمنيين للاحتفاظ بموقف يخدم قضيتهم.
ليس لديّ معلومات تفصيلية عن القضايا الأخرى ولا أسأل عنها، ولم نبلغ عنها، كل ما أتمناه هو أن لا نخسر فوق خسارتنا، وأن نفكر بجدية في تجاوز هذا الخلاف على أن تأتي المبادرة منا نحن أصحاب الشأن.
*تعز، تتعرض للخذلان في عملية تحريرها، ما جعلها عرضة للقصف المتواصل من قبل الانقلابيين.. لماذا هذا الخذلان؟
ـ نعم تعز تدفع الثمن نيابة عن الجميع، وهي الجرح الذي لن يندمل حتى بعد انتهاء الحرب إلا بتصحيح تركيبة الدولة التي من شأنها أن تعيد لهذا الجزء من اليمن مكانته في سلم دولة المواطنة الاتحادية ونظامها المدني، وهذا هو المعادل الموضوعي لنضال تعز التاريخي بِمَا فيه تضحياتها اليوم في مواجهة هيمنة المركزية البغيضة وحملتها العسكرية.
*ما تفسير حالة الصمود التي تحاول جماعة الحوثي الظهور بها اليوم بعد سنوات ثلاث من الحرب؟
ـ ما تسميه أنت صمودا أسميه أنا لا مبالاة، الانقلابيون عندما فقدوا إمكانية السيطرة الكاملة على اليمن وفقدوا الأمل في إقامة سلطتهم، تخلوا عن فكرة الدولة نهائياً، وفي هذا السياق تخلوا عن مسئولياتهم تجاه الناس في المناطق التي يسيطرون عليها، وأصبح جل همهم هو الاحتفاظ بجزء من الأرض كرهينة بأيديهم للمساومة من أجل مشروع الطائفية الذي يسعون إليه.
وفي هذا السياق أخذوا يراهنون على الجانب الإنساني الذي شكل ضغطاً على المجتمع الدولي لوقف الحرب والذي بدوره أخذ يضغط على الشرعية والتحالف، لذلك يريدون أن يستثمروا هذا الضغط بالظرف الانساني غير مبالين لا بالتفاوض الجاد ولا بالوضع المأساوي الذي وصل إليه البلد.
*هناك من يتهم الحزب الاشتراكي بالتماهي مع الانقلابيين وبالذات جماعة الحوثي خاصة مع استمرار بقائه في صنعاء وعدم تعرضه لأي انتهاكات كما فعلت الجماعة الحوثية مع باقي الأحزاب؟
ـ أولاً هذه الحملة على الحزب لا تتفق بالمطلق مع موقف الحزب من الانقلابيين عموماً سواءً الحوثيون أو صالح، نسبوا إلى الحزب وقياداته كلاماً مفبركاً لتغطية مواقف تدينهم قبل الحزب، وحرصنا إلى الآن ألا نفتح الدفاتر حتى لا يؤثر ذلك على تماسك الشرعية في مواجهة الانقلاب.. لدينا الكثير مما يمكن أن يقال عن هؤلاء جميعا،ً وكيف أداروا لعبة الاستسلام قبل دخول الحوثيين إلى صنعاء أو بعد ذلك.. والمضحك أنه حتى العفاشيون الآن ركبوا هذه الموجة وصاروا أيضاً يتهمون الحزب بأنه تماهى مع الحوثيين.
المشكلة الأكثر إثارة للاستغراب أن الذين شغلونا بالحديث عن الوحدة وتعميدها بالدم لم يتورعوا من اتهام كل جنوبي كان في السلطة بالتواطؤ مع الحوثيين من هادي منزل منزل، وآخر تسريب وزعوه عن دور بعض دول الخليج بما فيها التحالف لم يذكروا من المتواطئين غير جنوبيين فقط وقالوا إنهم اجتمعوا في سفارة فلان وعلان، عمل موجه وبلا مسئولية، متناسين أن من أخذ السلاح وترك القشيبي مكشوفاً ليس الاشتراكي ولا الجنوبيين، سأكتفي بهذا الآن، أما بقاء أعضاء الحزب في صنعاء فلا أدري أيش الذي يزعجهم في هذا، معذبين خلقة، ولا معاهم شيء لا شغلة ولا ممتلكات وتعبانين ومنهكين، وفوق هذا قل لي عن اشتراكي واحد متعاون مع الانقلابيين..
لا يريدون أن يشوفوا الاشتراكي إلا بمنظارهم، الذين يستشهدون كل يوم من الاشتراكي مَش محسوبين ولا يحسبوهم علشان ما يثقلوش عليهم بمصاريف الدفن مَش مشكلة، مئات المشردين من الاشتراكي في الخارج يعانون الجوع والمرض والتعب والتشرد لم يسأل عنهم أحد، يومياً توزع الوظائف ويحرم منها أعضاء الاشتراكي، هذا كله ما يشوفوه، كل هذه الحملة على الاشتراكي ليبرروا هذا الإقصاء الخائب.
*ماذا عن علاقة الحزب الاشتراكي اليمني اليوم بحزب التجمع اليمني للإصلاح؟
ـ ليس لديّ رصد لهذه العلاقة الان، مع أنني ممن يؤيدون بقاء علاقة تفاهم في إطار المشتركات التي تفرضها المرحلة.. في ميدان المواجهة في تعز هناك كما ألاحظ علاقة كفاحية طيبة، لكن في أماكن الفرغة والهدرة هناك كلام كثير، وما ألاحظه هو أن الذين يمتلكون الوسائل الإعلامية الممولة بإمكانيات كبيرة هم أصحاب السطوة في هذا الجانب.
*هل حقق الربيع العربي في اليمن أهدافه؟
ـ الربيع العربي في اليمن امتدت حباله إلى خارج أهدافه عند البعض، ومع ذلك فسيظل حجة اليمنيين في وجه تاريخ مليء بالصراعات، جمعهم الربيع على مائدة واحدة ليقولوا كلمتهم بشأن دولتهم، وهي الكلمة التي لن يتجاوزها الزمن ولا من يقفون خارج صيرورة الحياة لكبح مسارها.
حاوره/ عامر الدميني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى