أمريكا والغرب.. ترتيب الأوراق ومراجعة الحسابات بحقوق الشعب الفلسطيني

> صالح عكبور

>
صالح عكبور
صالح عكبور
هل تتخطى إسرائيل أزمتها النفسية والعنصرية وتتجاوب مع دعوات السلام والانصياع لصوت العقل والاعتراف باغتصاب أرض فلسطين، بعد أن شرّدت شعبها ومارست ضده كل وسائل القتل والتنكيل، وفتحت كل أبواب السجون لاعتقال شبابه المقاوم الرافض لهذا الوجود الاستيطاني الغاشم لأكثر من ستين عاماً، دون أن تحرك المنظمات والدول والهيئات الدولية ساكناً أمام ما يقوم به اليهود بحق الشعب الفلسطيني.
إن المجتمع الغربي ساعد لفيفاً من مليشيات يهودية عرفت (بالهجانة) في تنفيذ فصول الجريمة في عام 1948 بعد الحرب العالمية الثانية بثلاث سنوات، ومن خلال فرق الإرهاب الصهيوني بالهجوم على القرى الفلسطينية وقتل وتشريد البشر وتدمير تلك القرى، ولم يفرقوا بين طفل وامرأة وشيخ، وكان هدف اليهود فرض التهجير القسري المخالف للقانون، وإفراغ فلسطين من أهلها تمهيداً لإقامة المشروع الاستيطاني الصهيوني بإقامة إسرائيل الكبرى من الماء إلى الماء، وتنفيذاً للإعلان البريطاني (بلفور) في عام 1917م بمنح اليهود وطنا قوميا في أرض فلسطين، وتغيير جغرافية وديمغرافية المنطقة العربية، واستباقاً للمتغيرات السياسية العسكرية للحرب العالمية الثانية في عرقلة الطموح العربي للتحرر من الاستعمار الذي كانت طلائعه بريطانيا والاتحاد السوفيتي وفرنسا وإيطاليا، والتمهيد لحقبة جديدة من الاستعمار الأمريكي.
وقد لعبت أمريكا، التي استولت هي وموسكو على مستعمرات الغرب ودول غربية، دورا كبيرا في تدعيم المشروع الصهيوني، ومدت إسرائيل بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية، وتمكينها من السلاح النووي وتحقيق التفوق في ميزان القوى لصالح هذا الكيان، الأمر الذي مكنها من شن حرب عدوانية في 5 يونيو 1967م على مصر وسوريا والأردن وفلسطين واحتلال سيناء والجولان والضفة والقطاع بهدف التوسع في الاستيلاء ولمقتضيات الأمن الإسرائيلي. وقد استفادت أمريكا بالمقابل من سياسة اسرائيل التوسعية في المنطقة، من خلال اعتقاد العرب أنها في حمايتهم من إسرائيل وأطماعها التوسعية، رغم معرفتهم بدعم أمريكا علنا لاسرائيل ونواياها.
ومن الواضح أنه بصراعنا مع العدو الصهيوني ودعم الغرب وأمريكا له طيلة أكثر من ستين عاماً فقدنا كثيرا من الإمكانيات والقدرات والفرص لإقامة مشروعنا القومي النهضوي وأمننا القومي، وتدمير وإفساد العديد من كوادرنا وملاحقة قياداتنا المخلصة، والاغتيالات وزرع الفتن والانقسامات والصراعات، وإنتاج المذاهب والطوائف في مجتمعاتنا لتعطيل جهود التنمية وإفشال مشاريعها لصالح العدو الصهيوني. إن إسرائيل تنظر إلى عملية السلام وقيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس وفقاً للقرار الاممي بأنه انتحار للكيان الصهيوني، وهو قلق يساور إسرائيل منذ إنشائها في 48م. ومهما عملت إسرائيل من إجراءات وتدابير أمنية لا يمكن لها أن تحقق الأمن والأمان وإنهاء ما تشعر به من خوف، حتى أنها تدرك بأن شعوب العالم غير راضية عما ترتكب من انتهاكات وجرائم يندى لها جبين الإنسانية.. لذا فإن الاسرائيليين يعيشون أزمة نفسية أكثر منها أمنية.
على إسرائيل أن تعي المتغيرات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، وأثر ذلك على موقف الغرب من وجودها، والذي عبرت عنه بريطانيا كأول موقف غربي، وقرار الرئيس الامريكي ترامب بشأن نقل سفارة واشنطن إلى القدس، ذلك أن دول الغرب وأمريكا ستكون مصالحها في خطر، بعد ما شهدته منطقة الشرق الأوسط من صراعات عنيفة تحت مسميات إسلامية عديدة، لاشك بأن لها أثرا في الجوانب الأمنية وعلى مصالح أمريكا والغرب.
و “طباخ السم لابد أن يتذوقه”، ولا مفر من أن تراجع إسرائيل وحلفاؤها (أمريكا والغرب) حساباتهم، وتعيد النظر في سياساتها تجاه مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى