محطات نضالية أفضت إلى الـ30 من نوفمبر 1967م (9).. المناضل/ عبدالرزاق شائف

> كتب / علي راوح

> في هذه الحلقة من «محطات نضالية..» نتناول الحديث مع الأستاذ المناضل عبدالرزاق شائف وكذا مع المناضل/ عبدالله عبده سالم.
*مقدمات الكفاح
بداية يقول الأستاذ المناضل/ عبدالرزاق شائف: فكرة الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني، هذا الكفاح الذي مر بمراحل عديدة ومتتابعة حتى توّج بيوم الـ 30 من نوفمبر 67م، فالفكرة لم تكن وليدة واقعة معينة بقدر ما كانت أحد الخيارات المطروحة للتحرر من الاستعمار، وقد عبرت عنها العديد من الانتفاضات المسلحة التي شهدتها ساحة الجنوب منذ الخمسينات.. وهيأت قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م مقومات النجاح لانتصار هذا الخيار الاستراتيجي للثورة، وهناك أمور هامة يغفلها البعض، وتتمثل في الآتي:
- دور حركة القوميين وتحالفها مع الحركة الناصرية بزعامة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
- دور قيادة حركة القوميين العرب في اليمن مع القوى السياسية في الجنوب.
- عقد مؤتمر الأعبوس لقيادة حركة القوميين العرب، وإقرار تشكيل الجبهة القومية لقيادة الكفاح المسلح في أغسطس 1963م من حركة القوميين العرب في إقليم اليمن، والتنظيمات التي انضمت لخيار الكفاح المسلح، ومنها تشكيل القبائل التي كانت إحدى التنظيمات المكونة للجبهة القومية.
- الأحزاب والتنظيمات التي لم تكن تفضل خيار الكفاح المسلح، وارتأت حينها أن خيار العمل السياسي لم يستنفد، وراحت تلهث وراء الحل السياسي أو مبدأ تقرير المصير، ولضمان مقاعد لها في المجلس الاتحادي لما سمي بـ(اتحاد الجنوب العربي).
إن مجمل هذه الأمور الهامة شكلت المقدمات للكفاح المسلح والإعداد والتحضير لثورة 14 أكتوبر عام 1963م، وما الإعداد وإدخال الأسلحة إلى ردفان إلا أحد تلك الترتيبات التي كانت تجري لإعداد الساحة لمعترك جديد تخوضه القوى السياسية ضد الاستعمار البريطاني.
*شخصيات مهمة
ويواصل الأستاذ/ عبدالرزاق شائف الحديث عن الشخصيات التي لعبت دوراً هاما في تلك الظروف.. فيقول: لا تفوتني الإشارة أيضاً إلى دور بعض الشخصيات المهمة التي لعبت دوراً هاماً في تلك الظروف الحرجة والخطيرة التي كان لها دور فعال، وأخص بالذكر المناضل قحطان محمد الشعبي الذي تبوأ منصباً رفيعاً في أول تشكيل وزاري لحكومة الثورة السبتمبرية، وكذا المناضل عبدالحافظ قائد، الذي تولى منصب وكيل وزارة الإعلام، والمناضل عبدالرحمن محد سعيد، وهم من قيادة الإقليم في حركة القوميين العرب، كما أن هناك قيادات فعالة أخرى أذكر منهم ليس على سبيل الحصر: المناضل ناصر السقاف وعبدالله المجعلي، وعوض الحامد، وهم أعضاء في حركة القوميين العرب، وقد تلقى هؤلاء تدريبات مسبقة على حرب العصابات في مصر قبل قيام ثورة سبتمبر. ولقد لعب هؤلاء وآخرون دور التنسيق في ظروف التهيئة والإعداد لثورة 14 أكتوبر مع مجلس قيادة الثورة ومع القيادة المصرية، ولم يكن هناك تنسيقا مفردا، وكان التنسيق على أعلى المستويات بين حركة القوميين العرب والرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
وأضاف شائف: كانت الجبهة القومية والشعب في الجنوب مهيئين لمواجهة أعباء الثورة المسلحة قبل اندلاعها، ولعل أبرز الظروف التي أدت إلى تفجير الثورة في الجنوب كانت اندلاع ثورة 26 سبتمبر، ووجود القوات المصرية.. وتأسست ثورة الجنوب من نوعية مدربة أسهمت في تدريبها الانتفاضات القبلية السابقة، وهم من الشباب المتحمسين.. وقد ساهمت مدينة عدن - بوصفها مركزاً ثقافياً - بدور بارز في إعدادهم، وأنها أصبحت تشمل أبناء معظم مناطق الجنوب. ولا شك أن الطبيعة الخاصة بالأرض في الجنوب قدمت ميزة للمقاتلين الذين واصلوا النضال بروح عالية وقدموا التضحيات حتى تحقق الهدف بنيل الاستقلال الوطني يوم الـ 30 من نوفمبر 1967م.
أما المناضل/ عبدالله عبده سالم فقد أوضح قائلاً: منذ أن وطئت أقدام المستعمر البريطاني أرض الجنوب كانت هناك محطات نضالية متتالية وصل أوجها في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، حينها بدأت الحركات الثورية والانتفاضات الشعبية وكذا أشكال النضال النقابي والنسوي والطلابي، كل تلك الأشكال والمحطات النضالية تحت هدف واحد وهو رفض الوجود الاستعماري والمطالبة والتطلع ليوم الاستقلال ونيل الحرية وتحقيق الكرامة للشعب. وعند قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م شكل هذا الحدث الأمل للجنوبيين الذين رأوا أن قيام هذه الثورة سيكون سنداً وعمقاً استراتيجياً لدعم قيام ثورة في الجنوب، فهب أبناء الجنوب لمناصرة ثورة سبتمبر والذين جاؤوا من ردفان وعدن والضالع ولحج والصبيحة ويافع وأبين ودثينة وشبوة وحضرموت، حيث استقبلت الراهدة وقعطبة والبيضاء ومأرب تلك الأعداد الكبيرة من أبناء الجنوب خلال الأشهر الأولى للثورة. وقد شارك الجميع في القتال ضد القوى الملكية وسقط العديد من الشهداء والجرحى حتى تم دحر فلول الملكيين والمرتزقة، وانتصار النظام الجمهوري.. وعندما استقرت الأمور بدأت اللقاءات والتشاورات والتخطيط للانتقال بالثورة إلى الجنوب، والذي كان أهمها اللقاء الذي جمع شخصيات من كافة القوى السياسية والتشكيلات القبلية الذي تم فيه الاتفاق على تشكيل إطار للنضال تحت مسمى جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل والذي تكون من أبناء اليمن قاطبة وكان الكل واحدا والهدف موحدا. وامتدت شرارة الثورة إلى كافة المناطق وتشكلت جبهات القتال، وعند انطلاق الشرارة من جبال ردفان واستشهاد المناضل راجح بن غالب لبوزة في الـ 14 من أكتوبر 1963م أعلنت الثورة وتحملت الجبهة القومية مسئولية قيادة النضال، وامتدت شرارة الثورة إلى كافة مناطق الجنوب، واشتدت ضربات الثوار ضد قوات الاحتلال البريطاني، وجعلت حياة المستعمر جحيماً. وتواصل نضال المقاتلين بغض النظر عن انتماءاتهم التنظيمية حتى 13 يناير 1967م، حين أعلن الدمج بين الجبهة القومية وجبهة التحرير والذي رفضته بعض القيادات والقواعد.. ونتيجة لذلك تم تعطيل النشاط الفدائي والعسكري ضد المستعمر، الأمر الذي حدا لفتح حوار بين القيادات العسكرية الميدانية أفضى إلى قيام التنظيم الشعبي للقوى الثورية كجناح عسكري لجبهة التحرير، والذي شكل من (8) فرق فدائية تضم في قوامها مناضلين من كافة القرى والمدن اليمنية، والذي تحصل على الدعم المادي والعسكري والإعلامي من مصر عبدالناصر.
ونتيجة للضربات المؤلمة والمكثفة التي تعرضت لها قوات الاحتلال، فقد اضطرت بريطانيا مرغمة إلى الرحيل من أرض الجنوب وتحديد يوم 30 نوفمبر 67م، يوما للاستقلال المجيد، وحينها أعلنت قيادة الجيش الاتحادي والشرطة اعترافها بالجبهة القومية، التي شكلت وفدها المفاوض للذهاب إلى جنيف لاستلام الاستقلال، وأقصيت جبهة التحرير والتنظيم الشعبي من الساحة العسكرية والسياسية، فانتقل المناضلون للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر، وخاصة أثناء حصار السبعين يوماً، حيث شارك مناضلو جبهة التحرير والتنظيم الشعبي وجيش التحرير في معارك فك الحصار الذي فرضته القوات الملكية على صنعاء، وسقط منهم ما يقرب من (70) شهيداً في نقيل يسلح وغيره من المناطق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى