عدن والإرهاب السياسي الديني

> محسن علي حيدرة

>
محسن علي حيدرة
محسن علي حيدرة
إن ما يجري اليوم في عدن من اعتداءات واغتيالات وتفجيرات ليست خارجة عن القواعد القانونية والشرعية العامة فحسب، بل أيضا القواعد العرفية والدينية السائدة.
فإن هذه الأشكال المنظمة لأعمال العنف لترويع الناس وتخويفهم بأساليب إجرامية صارخة ضد الإنسان وحقوقه وحريته بطابع ديني لتحقيق أهداف وغايات سياسية مختلفة.
وقد ظهر ذلك واضحا وجليا من خلال الهجوم الغادر على إدارة البحث الجنائي لأمن عدن بخورمكسر، الذي كان يحمل شكل الإرهاب السياسي بطابع ديني في إطار المواجهة المباشرة باستخدام عناصر الإرهاب المغرر بهم من تجار الحروب ومستثمريها.
إن الإرهاب: هو عنف منظم وتهديد يسبب رعبا وفزعا من خلال القتل بالاغتيال والاختطاف والتفجير لخلق حالة من الفوضى والاضطراب لتحقيق هدف سياسي وفق مخطط جماعة ضد جماعة أخرى أو طرف سياسي آخر يرى في هذا الأسلوب زرع فتنة وصراعا، ليتطور بعدها إلى مستوى المواجهة المباشرة بين أطراف ليس لها علاقة بهذا العمل سوى هواجس وأوهام وشكوك كرد فعل فقط، لتظهر صراعا غير موجود أو مخفي أو تشكل وفقا لعوامل الشك المبنية على معلومات عناصر أو مصادر الطرف المخطط للتصعيد نحو صدام مسلح يكون ضحاياه دائما الأبرياء، مستغلة تفكك الوحدة الداخلية لتلك الجماعات المراد ضرب بعضها ببعض، وحالة اللادولة، وتنوع الجهات المسؤولة بدعم ومساندة من يرغب باستمرار حاله الانفلات والتمزق، ليسود المشهد السياسي إرباك وخلط الأوراق، لمنع الاستقرار سواء في الجانب الأمني أو الاقتصادي أو الاجتماعي والخدمي، الذي يتأثر منه بصورة مباشرة المواطن المغلوب على أمره.
تعدد جهات الاتصال المباشرة وغير المباشرة في الإدارة للأوضاع في أي بلد بقوة السلاح والإيمان بفرضية أمر واقع بهكذا وضع، والاستسلام له بشكله الفوضوي المليشياتي بفصائله المختلفة، يكون مدخلا رئيسيا لجهات معينة يهمها وجوده واستمراره، ليسهل عليهم توسيع الشرخ الاجتماعي والتنظيمي من خلال حملاتهم المكثفة والمتنوع بتنوع أهدافهم وغايتهم الدنيئة.
ومن هنا نستخلص بأن عدم توحيد المقاومة في عدن وتعدد فصائلها وتنوع مصادر دعمها، هو السبب في حالة اللا استقرار في مختلف المجالات بتعبئة خاطئة من تلك الأطراف المستفيدة من بقاء الأوضاع كما هي دون نماء وتحسن وتطور، لكي تنفذ غاياتها الخبيثة واستمرارها في فسادها وارتزاقها على حساب معاناة الناس وآلامهم ومآسيهم.
ومن هذا المنطلق أدعو كل فصائل المقاومة في عدن للتوحد والتماسك وتجاوز مخلفات الماضي بكل أشكاله وأنواعه المختلفة، باعتباره ماضيا أسود لا يستحق النظر أو التفكير فيه، والذي كان مصدر الهدم والتدمير لخيرة أبناء الجنوب.
يقول المولى عزّ وجلّ في محكم كتابه: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”، وذلك تعبيراً منه سبحانه وتعالى عن الدور الذي تلعبه الوحدة الوطنيّة والداخلية في بناء الأفراد، والجماعات، والمجتمعات، وكذلك الشعوب.
وفي مقالي هذا أدعو الجميع في عدن للوحدة الوطنية الداخلية التي تعتبر المصدر الرئيسي للنجاح والصمود والانتقال إلى مرحلة البناء والإعمار بروح وطنية واحدة، وعدم الانجرار وراء الإشاعات الهادفة إلى تفكيك وحدتكم الداخلية ولحمتكم الوطنية، التي جسدتموها في في ميدان المعركة، وكانت أساس انتصاركم وهزيمة عدوكم.
إن أيادي النظام السابق تعمل بمختلف الطرق لتفكيك وحدتكم وإضعافكم لإيصالكم لمرحلة الهزيمة من خلال إشاعة المناطقية والفتن لتحقيق أهدافها ومآربها السياسية المختلفة، مستغلة أي توجه نحو الإصلاح والبناء والإعمار ومحاربة الفساد والمفسدين وتجار الحروب، مصورة بذلك كأنه إجراء مقصود نحو أشخاص أو جماعات معينة لتحريضهم من أجل أن يحصل فعل ورد فعل لكي يستمر الصراع، والفوضة داخل عدن، وهو الهدف المطلوب والمنشود من قبلهم، كما حصل ويحصل الآن بعد قيام الحزام الأمني بالسيطرة على نقاط حماية ميناء الزيت بالبريقة، وتحويل مسؤولية حمايته إلى قوات الحزام الأمني والمعروف بانسجامه وتلاحمه مع قوات الأمن العام في عدن، فتم استغلاله بطريقة لا أخلاقية، والترويج له بشتى السبل والطرق المتاحة وغير المتاحة، والتخطيط والتنفيذ لعمليات انتحارية باسم داعش والقاعدة ضد أمن عدن والحزام الأمني.
أساليبهم متعددة ومتنوعة للوصول إلى غاياتهم وأهدافهم بغظ النظر عن أدوات التنفيذ المستخدمة تحت مسميات مختلفة، همهم النجاح في مؤامراتهم الدنيئة.
ولذلك ندعوكم رجالنا الأبطال في المقاومة الباسلة في عدن إلى تحصين أنفسكم بتوحيد قدراتكم وطاقاتكم ورص صفوفكم وتنظيمها نحو العدو المتربص بكم، الذي يجعل من كل حدث يجري في عدن فرصة بالنسبة لهم، يستغله كما يشاء، ليوجهه التوجيه المناسب في إطار حملته الشعواء ضدكم.
لا تدعوا لهم فرصة إطلاقا، وذلك من خلال تنظيم وحدتكم الوطنية والداخلية، ونستعين هنا بحديث رسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال: “مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمّى”.
كونوا جسدا وروحا واحدة، فلن تستطيع هذه القوى اختراقكم مهما تنوعت وتعددت أساليبها التآمرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى