محطات نضاليّة أفضت إلى الـ 30 من نوفمبر 1967م.. (12) 1- المناضل/ أحمد قاسم عبدالله 2- المناضل/ حسن حيدر علي

> كتب / علي راوح

> في هذه الحلقة من (محطات نضالية أفضت إلى الـ 30 من نوفمبر 1967م) نتناول حديث المناضلين/ أحمد قاسم عبدالله، وحسن حيدر علي.
الأخ المناضل أحمد قاسم عبدالله، تحدث قائلاً: جاء يوم الـ 30 من نوفمبر 67م، يوم الاستقلال المجيد لشعب الجنوب، بعد محطات متتابعة من النضال والكفاح المسلح، الذي قدم فيه شعبنا التضحيات والمآثر البطولية، واشترك الشعب بكل فئاته في تلك المواقف الشجاعة التي كانت الوقود والزاد للوصول إلى هذا اليوم الـ 30 من نوفمبر 1967م. وكان المنعطف السياسي والهام المتمثل في قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، هذه الثورة التي شكلت السند والعمق الاستراتيجي لقيام ثورة 14 أكتوبر 1963م، التي انطلقت شرارتها الأولى من على جبال ردفان الأبية، فعند قيام ثورة سبتمبر المجيدة استبشرت جماهير الشعب في الوطن الجنوبي خيرا، لأن قيام النظام الجمهوري في شمال الوطن هو السند والداعم لثوار الجنوب للانطلاق إلى مرحلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني، الذي جثم على صدر شعبنا نحو (129) عاماً. فما إن تم الإعلان عن قيام ثورة سبتمبر حتى هبّ أبناء الجنوب من ردفان والحواشب والضالع والصبيحة وأبين ويافع ومن عدن، الجميع هبّوا لمناصرة الثورة، هبّ المناضلون من كل مناطق الجنوب، وقدّموا الشهداء في المعارك الشرسة ضد القوات الملكية، وشوهدت قوافل الإمداد بالسلاح والمؤن والإسناد المادي والمعنوي، وقدم أبناء الجنوب وأظهروا البطولات في الدفاع عن هذه الثورة منذ بدايتها.
وفي حصار السبعين هب أبناء الجنوب وخاصة في جبهة نقيل يسلح الذي اقتحمته القوات القادمة من مناطق الجنوب، وقدموا خيرة الشهداء في تلك الملحمة البطولية حتى فتحوا طريق نقيل يسلح وطهّروا المنطقة من فلول الملكيين والمرتزقة، والتاريخ خير شاهد على حجم تلك المشاركات والتضحيات.
*عمليات نوعية عجّلت برحيل المستعمر
وبعد نحو عام من ثورة سبتمبر كان الشعب الجنوبي على موعد مع انبلاج فجر الثورة والحرية وبداية مرحلة الكفاح المسلح بقيام ثورة 14 أكتوبر المجيدة عام 63م، فامتدّ لهيب الثورة من ردفان، بعد عودة المقاتلين من الشمال بأسلحتهم وعتادهم ليعلنوها ثورة امتد لهيبها إلى كل مناطق الجنوب المحتل لمقاومة الاحتلال البريطاني، بالذات في عدن المعقل العسكري والسياسي للاحتلال والمقر الرئيسي لقاعدة الشرق الأوسط، وتحولت عدن إلى بركان هادر تحت أقدام قوات المستعمر البريطاني بفعل العمليات الفدائية النوعية التي نفذها أشجع الرجال من الذراع العسكري للحركة الوطنية المسماة بـ(القطاع الفدائي)، عمليات غير مسبوقة في تاريخ ثورات الشعوب التواقة للحرية، فقد فيها المحتل الكثير من الضباط والجنود، (نزيف حاد) أصاب المحتلين بالإرباك والخوف والذعر والانهيار، نظراً لحجم ونوعية تلك العمليات الفدائية، وما أحدثته من خسائر بشرية ومادية هزت عرش الأمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وهذه العمليات البطولية كان لها الأثر في التعجيل برحيل المستعمر ونيل الاستقلال في 30 نوفمبر 67م.
متظاهرون في شوارع عدن
متظاهرون في شوارع عدن

أما المناضل/ حسن حيدر علي حسن، فقد تحدث عن يوم الـ 30 من نوفمبر 67م، قائلاً: جاء هذا اليوم الوطني كثمرة نضال طويل خاضه شعب الجنوب على مدى مراحل ومحطات من النضال والبطولات خلال مرحلة الاحتلال البريطاني الذي بدأ منذ الـ 19 من يناير 1839م، فشعبنا الجنوبي الأبي لم يستكن ولم يهدأ طيلة فترة الاحتلال، فكانت الانتفاضات المسلحة في جميع مناطق الجنوب والتي بدأت منذ الأربعينيات، وجاءت فترة الخمسينيات فشهدت عدن أشكالا نضالية متعددة حزبية ونقابية وطلابية ونسوية، وكلها جاءت تعبيراً للرفض الشعبي لبقاء المستعمر في الوطن الجنوبي، وكان للمد الثوري العربي الذي تزعمه الرئيس الخالد جمال عبدالناصر كان له بالغ الأثر في إذكاء الروح الثورية لأبناء عدن وكل مناطق الجنوب التي كانت ترزح تحت وطأة المستعمر.
*هبَّ الجنوبيون لمناصرة ثورة سبتمبر
وعند الإعلان عن قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م هبّت جماهير الشعب من مختلف مناطق الجنوب اليمني المحتل من عدن وردفان والحواشب والضالع والصبيحة وأبين وحضرموت ومن كل المناطق، قوافل من المتطوعين تدفقت نحو تعز وقعطبة والبيضاء وغيرها، لأن أبناء الجنوب أدركوا بأن انتصار ثورة سبتمبر ستكون سنداً لهم في تفجير ثورة الجنوب للخلاص من المستعمر البريطاني ونيل الاستقلال وبناء دولة جنوبية مستقلة، ولذا فإن أبناء الجنوب كانوا في الصفوف الأولى لطلائع المدافعين عن ثورة سبتمبر، وقدموا العديد من الشهداء في بداية الثورة وفي حصار السبعين.
*كان لي شرف المشاركة
وكان لي شرف المشاركة في الدفاع عن ثورة سبتمبر كغيري من أبناء الجنوب، وبالذات أثناء حصار السبعين، فتوجهت مع عدد من زملائي في جبهة التحرير بقيادة المناضل سالم يسلم الهارش، وشاركنا ببسالة وذلك في مهمة غاية في الصعوبة والخطورة، إذ توجهنا من تعز ضمن مجاميع عديدة كانوا من عدن وردفان والصبيحة والضالع وغيرها، توجهنا إلى قاع جهران ثم إلى معبر بهدف تأمين نقيل يسلح وتطهيره من القوات الملكية، باعتباره المدخل الجنوبي إلى صنعاء، وهناك سطّرنا ملحمة بطولية غاية في الشجاعة والإقدام، وتعرضنا للقصف المدفعي من المناطق المجاورة التي كانت تتمركز فيها قوات الملكيين، ولديهم مختلف الأسلحة من دبابات ومدافع ثقيلة، بينما نحن لا نمتلك من السلاح الثقيل شيئاً عدا بنادقنا التشيكية، فقاتلنا بضراوة، واستشهد الكثيرون من زملائنا أمثال: سالم يسلم الهارش وهاشم عمر ونصر سيف وغيرهم، بينما تعرض العديد للإصابات الخطيرة، ولا أصدق نفسي إلى اليوم كيف نجوت من تلك المعارك وعدت سالماً، فالأعمار بيد الله.
*شاركتُ في العديد من العمليات ضد المستعمر البريطاني
ويواصل المناضل حسن حيدر حديثه عن مسيرته النضالية قائلاً: أما عن مشاركتي في ثورة جنوب الوطن، فإن ذكريات النضال في ثورة 14 أكتوبر لا تمحا من الذاكرة، ذكريات حلوة ومرة، فقد شاركت في العديد من المعارك في كل من ردفان والحبيلين والخطابية، والطريق إلى الضالع، ثم بعدها تحولت إلى جبهة عدن وتوليت قيادة الفدائيين في القاهرة بالشيخ عثمان، الذين تفرغوا للقصف على عدد من مراكز القوات البريطانية ومنها مركز الشرطة، ووضع كمائن في عدد من شوارع الشيخ عثمان، والمنصورة، ومن ثم تحولت إلى منطقة دار سعد فحررناها أنا وأفراد قوتي للمرة الأولى والثانية، أما في مدينة كريتر فقد تمركزت قيادتي في شارع أروى أمام معسكر (أرم بوليس) 20 يونيو حالياً، وكان التركيز على ضرب هذا المعسكر بدون هوادة، حيث كانت القوات البريطانية متمركزة فيه، وزرعنا مخابراتنا في كريتر، وتمكنا من رصد مشاة القوات البريطانية في شوارع كريتر، وكنا نواجه الموت حاملين رؤوسنا على أكفنا من أجل هدفنا الغالي في الحرية ونيل الاستقلال، ثم تحولت إلى خور مكسر وقمنا بتفجير معسكر (نورماندي)، وتعددت العمليات الفدائية التي قمنا بها رغم الصعوبات التي كانت تقف في طريقنا، وعلى الرغم من الضحايا في أفرادنا الذين استشهدوا في العديد من العمليات الفدائية، إلا أن هذا كله لم يؤثر على معنوياتنا بل زادنا صلابة وقوة، وكنا نشعر بالفخر والاعتزاز، وأنا بعد كل ما قدمته شعرت بارتياح الضمير لما قدمته لله أولا ثم لوطني.. وفي الحقيقة فقدت أشياء كثيرة وعزيزة ولا أودّ ذكرها، ولا أطلب أي جزاء أو شكرا، بل يكفيني شرفاً بأنني قدمت العمل الوطني بقوة وإرادة، وأحمد الله على ذلك.. وأخيراً دفعت ضريبة عملي الوطني بأن تعرضت للضرب المبرح وقضيت عشر سنوات من عمري معتقلاً سياسياً في سجون الحكم الشمولي بعدن من عام 67 - 1977م
وفي يونيو عام 1982م شاركت في الجهاد، وترأست العمل الفدائي للقتال ضد العدو الصهيوني عند اجتياح إسرائيل للبنان في ذلك العام، وكنت برتبة عقيد وعمري (55) سنة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى