مدينة الأمس

> إعتراف عثمان عبدالله / عدن

> في يوم وذات صباح كنت واقفة أمام نافذة غرفتي المطلة على إحدى الواجهات الجميلة لمدينتي، أطلقت العنان لنظري ليترحل بين تلك المجسمات الجمالية التي أبدعت فيها يد الخالق، لما حباها من بديع الصفات، ذلك الجمال الكوني الذي أسدل ستارته على تلك المدينة الرائعة مدينة عدن.
كنت أتأمل إلى الأفق البعيد حيث تكورت الشمس لترسل أشعتها الذهبية محتضنة الكون بمدفئها.
شعور ينم عن بداية يوم جديد، تأملت ذلك المنظر وأنا أحتسي كوباً من الشاي كنت قد أعددته لنفسي، كان هناك سرباً من الطيور قد اخترق مسار نظري متجهاً في مسار واحد، مخترقاً واجهة الشمس، وكأنها تضفي على المنظر لمسات لوحة فنية فريدة شعرت بنشوة عظيمة، أجتذبنتي إلى ذكريات راكدة انعشتها تلك المناظر، عندها أغمضت عيناي مسترجعة بعض الذكريات المكنونة التي طالما حرصت على ألا أنساها، تلك الذكريات لم يمر عليها سوى سنوات لأصفها بالزمن الطويل، كان صباحها يشبه هذا الصباح أيامها تسودها روح الحب والوئام الذي جسد بيئة إنسانية قوامها الأمن والاستقرار.
مدينتي في تلك الحقبة كانت منارة تهدي إلى المستقبل الأفضل وملاذا ومهدا لمن لا وطن له، ومرتع سعادة لكل قاصٍ ودانٍ، كم هي جميلة تلك الأيام التي لعبت بها يد الساحر الحاقد ليحولها إلى أحلام نلجأ إليها عندما نتوه في خضم الواقع المرير، في تلك اللحظة قررت أن أفتح عينيّ مفضلة أن أعود ليقظتي مسترسلة النظر من جديد لأرى تلك الطيور قد اقتربت، فإذا هي غربان سوداء تنعق بأصوات مخيفة كأنها تعزف سيمفونية للموت القادم، أزالت نشوة تلك اللحظات التي عايشتها نفسي، خفت وتحسرت قليلا لكنني سرعان ما تراجعت عن شعوري هذا لأنني مدركة أن تلك الطيور ليست حماماً أو نوارس، وأن مدينتي اليوم ليست كمدينتي بالأمس.
إعتراف عثمان عبدالله / عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى