جميل بثينة مات والدموع تذرف من عينيه

> محمد حسين الدباء

> قصة جميل وبثينة انتهت بالصدّ، فجميل بن معمر الذي عاش في العصر الأموي، وأحب بثينة وكلاهما من بني عذرة مع اختلاف الفرع، وقد تقابلا في مرابع الإبل في مشادة بسبب الهجن في البداية انتهت إلى هيام، لم ينل وطره من بثينة، إذ مانعه أهلها.
لكنه لم يقتل الحب، رغم أن محبوبته ذهبت لزواج رجل آخر بإملاء الأهل، وظلت في نفسها مع هواها الأول والأخير، ويقال إنهما كانا يتقابلان سراً أحياناً ليبلا الأشواق، ولكن في لقاء عفيف (بحسب المرويات).
ويشار إلى كلمة “الحب العذري” جاءت من هذه القبيلة “بني عذرة” وسياق قصة جميل وبثينة، أي ذلك الحب العفيف والطاهر.
بعد زواج بثينة ضاق الحال بجميل فسافر إلى اليمن لأخواله، ثم عاد إلى مرابع الأهل في وأدي القرى لاحقاً دون أن ينسى هواه، فوجد أن بثينة قد غادرت مع أهلها إلى الشام، فقرر أن يهاجر إلى مصر وظل هناك إلى أن مات يتذكر حبه القديم، وهناك أنشد في أيامه الأخيرة قبل رحيله:
أمنَ منزلٍ قفرٍ تعفتْ رسومهُ
شَمال تُغاديهِ ونَكباءُ حَرجَفُ
فأصبحَ قفراً بعدما كان آهِلاً
وجملُ المنى تشتوُ بهِ وتصيفُ
ظللتُ ومُستَنٌّ من الدمع هامِلٌ
من العين لما عجتُ بالدارِ ينزفُ
أمُنصِفَتي جُمْلٌ فتَعدِلَ بيننا
إذا حكَمَتْ والحاكمُ العَدلُ يُنصِفُ
تَعلّقتُها والجسمُ مني مُصَحَّحٌ فما زال ينمي حبُ جملٍ وأضعفُ
إلى اليوم حتى سلّ جسمي وشفنين وأنكرتُ من نفسي الذي كنت أعرفُ
قَناة ٌ من المُرّان ما فوقَ حَقوِها وما تحتَه منها نَقاً يتقصّفُ
لها مُقْلتا ريمٍ وجِيدُ جِدايَة ٍ
وكشحق كطيّ السابرية أهيفُ
ولستُ بناسٍ أهلها حين أقبلوا وجالوا علينا بالسيوفِ وطَوّفوا
وقالوا: جميلٌ بات في الحيّ عندها وقد جردوا أسافهم ثم وقفوا
وفي البيتِ ليْثُ الغاب لولا مخافة ٌ على نفس جملُ والإلهِ لأرعفوا
هممتُ وقد كادت مراراً تطلعتْ إلى حربهم نفسي وفي الكفْ مرهفُ
وما سرني غيرُ الذي كان منهمُ ومني وقد جاؤوا إليّ وأوجفوا
فكم مرتجٍ أمراً أتيحَ له الردى
ومن خائفٍ لم ينتقضهُ التخوفُ
أإن هَتَفَتْ وَرقاءُ ظِلتَ سَفاهَة ً
تبكي على جملٍ لورقاءَ تهتفُ؟
فلو كان لي بالصرم يا صاحِ طاقة ٌ صرمتُ ولكني عن الصرمِ أضعفُ
لها في سوادِ القلب بالحبَّ منعة ُ هي الموت، أو كادت على الموت تشرفُ
وما ذكرتكِ النفسُ يا بثنَ مرة ً من الدهر إلاّ كادت النفسُ تُتلَف
وإلاّ اعترتني زَفرة ٌ واستِكانَة ٌ
وجادَ لها سجلٌ من الدمع يذرفُ
وما استطرفتْ نفسي حديثاً لخلة أُسَرّ به إلاّ حديثُك أطرَفُ
وبين الصّفا والمَرْوَتَينِ ذكرتُكم بمختلفٍ والناس ساعٍ ومُوجِف
وعند طوافي قد ذكرتكِ مرة ً
هي الموتُ بل كادت على الموت تضعفُ
وقيل إن بثينة عرفت بالخبر ففجعت
وأنشدت شعراً في رثاء الحبيب المكلوم.
ويجب الإشارة إلى أن الرواة قد تفاوتوا في توصيف شخصية جميل، فثمة من رآه عفيفاً ومن قال إنه كان ماجناً، وفي نهاية الأمر فإن القصة أخذت طابعاً أسطورياً وجمالياً أكثر من عمقها الحقيقي، مثلها مثل كل قصص الحب عند العرب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى