نحو من أدب النحو

> د. سعيد العوادي

> يذهب الدارسو شواهد النحو إلى الوقوف عند المقصد النحوي من الشاهد.. وربما ذكروا منه شطرا أو جزءا.. ثم ينصرفون عنه.. وليس في هذا عجب فهذه سبيلهم في الدرس وغايتهم من الاستدلال به..
على أن تلك الأبيات المفردة أو الأشطار أو المزع الشعرية قد تخفي وراءها جمالا شعريا أخاذا.. وسحرا لا يدانى.
فلو قلبت النظر في كتاب سيبويه، سفر العربية الكبير، ومررت على شواهده متجاوزا النظرة النحوية العجلى إلى الاستشراف الأدبي المتأني لوقفت على طائفة من رائق الشعر ودرر القصيد.
جاء في كتاب سيبويه في باب ( الحروف التي لا تقدم فيها الأسماء الفعل) هذا الشطر ..
عاود هراة وإن معمورها خربا.
وهذا الشطر أخذ يتردد في معاني الأخفش، ومقتضب المبرد و أصول ابن السراج وغيرها من المصادر النحوية كلها تقف عند ما وقف عنده سيبويه.. ولا تزيد على هذا الشطر شيئا.
والحق إن هذا الشطر استوقفني، وشدني فيه هذه الحرقة الموطئة للفجيعة.. إذ هكذا بدا لي الأمر منذ القيد الحالي بالجملة الشرطية (وإن معمورها خربا)، فما هراة؟ و ما مناسبة القول فيها?
أما هراة فيقول عنها ياقوت الحموي إنها أعظم مدن خراسان.. محشوة بالعلماء وأهل الفضل.. حينها مر بخاطري علمان جليلان..أو عبيد القاسم بن سلام الهروي صاحب (الغريب المصنف)، وعلي بن محمد النحوي الهروي صاحب (الأزهية في علم الحروف).
وأما مناسبة القول فيها فقد ذكر ابن منظور والزبيدي أن الأبيات قالها رجل من ربيعة يرثي امرأته وهو يصف هراة ما آل اليه أمر (هراة) حين افتتحها عبدالله بن خازم سنة ست وستين ..
ثم ذكر ا خمسة أبيات تتمة للصدر النحوي المشهور المذكور آنفا..
والحق إنها أبيات خمسة بقصيدة كاملة..يقول شاعر هراة..
عاود هراة و إن معمورها خربا
وأسعد اليوم مشغوفا إذا طربا
وارجع بطرفك نحو الخندقين ترى
رزءا جليلا وأمرا مفضعا عجبا
هاما تزقى وأوصالا مفرقة
ومنزلا مقفرا من أهله خربا
لا تأمنن حدثا قيس وقد ظلمت
إن أحدث الدهر في تصريفه عقبا
مقتلون وقتالون قد علموا
أنا كذلك نلقى الحرب والحَرَبا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى