الحل (جمهوريتان ووطن واحد)

> د. شهاب القاضي

>
د. شهاب القاضي
د. شهاب القاضي
استوحيت هذا العنوان من الشعار الذي أطلقه الزعيم الصيني الراحل دينج هسياو بنج عام 1984 (بلد واحد.. نظامان مختلفان)، أي صين واحدة فيها نظامان: اشتراكي ورأسمالي، وذلك للتمهيد للمفاوضات التي قادتها الصين الشعبية مع بريطانيا بشأن هوكنج كونج
ومع البرتغال بشأن مكاو، ولابأس إذا اقتنعت تايوان بهذا المبدأ.
من روح هذه المرونة السياسية تأملت ما يحدت في اليمن منذ كانت مشطرة إلى شطرين قبل 22 مايو 1990، حينما كانت هناك جمهوريتان مستقلتان في اليمن في شمالها والجنوب، كان التمايز والاختلاف بين نظامين سياسيين، أما العلاقات بين أبناء الشعب في الجنوب والشمال فلم تكدرها خلافات الأنظمة، ولم نلمس أو نرى مظاهر الشحناء والبغضاء بين أبناء الشطرين، بل بالعكس كنا نشهد تلاقيا على أكثر من جهة، على أكثر من صعيد، وفي المحافل الدولية يحرص أبناء الجمهوريتين في وفودهما المستقلة أن يبدوان، في شراكة وكانهما وفدا واحدا.
أما بعد الوحدة التي قامت بين الشطرين، وظهرت للوجود الجمهورية اليمنية مذوبة “الكيانين السياسيين للجمهوريتين (الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) في جمهورية واحدة، فقد جاءت وبالا” على شعب الجنوب، الذي تعرضت أرضه لحربين من النظام الحاكم في شمال الوطن غير المتحرر من عقلية الجمهورية العربية اليمنية بالرغم من مرور ربع قرن من يوم الوحدة، ناهيك عن حروب الإجراءات المختلفة، من تسريح العسكريين والمدنيين، إلى طرد عمال القطاع العام وخصصة المصانع، وتوزيع موارد الجنوب النفطية والسمكية والزراعية بين الطبقة السياسية الحاكمة والبيوت التجارية، والتي استأثرت بالتجارة والصناعة ومجالات التنمية المختلفة.
بعد هذا كله نسمع من النخبة المثقفةالسياسية الشمالية شعار (الوحدة أو الموت)، سواء بصوت عال من طرف الحوثيين وحزب الرئيس السابق أو بصوت غير مسموع من أطراف الشرعية، وبالذات حزب الإصلاح واللوبي الذي يتبعه في الحكومة، على هيئة إجراءات تنفيذية معرقلة لنشاط الجنوبيين وحركتهم في مناطقهم التي حرروها: عدن الكبرى وبقية مناطق الجنوب.
لن تعود اليمن موحدة، لن تبقى الجمهورية اليمنية كما كانت بنظام دولتها المركزي، وهذه ليست قناعة ذاتية أو وجهة نظر، إنها الحقيقة، بل قل حقائق ما بعد حرب 2015، غدا الجنوب متحررا وتحت سيطرة أبنائه، وحاليا المحافظات الشمالية تحت سيطرة أبنائها.. عدنا إلى الكيانين أو الشطرين وحتى تزول الإحنة بين أبناء الشمال والجنوب باتجاه إعلان الجمهوريتين، لابد من إعادة روح الثقة والمحبة والرغبة في التعايش المشترك، وذلك بالإصغاء إلى منطق الأشياء، والابتعاد عن تعسف الأمور والتخلي عن العنجهيات والغرور والطمع والوصول إلى حقيقة: إن الجنوب قد تحرر وأمست الوحدة من أحاديث الماضي أو من الذكريات الأليمة التي لا تروى إلا من بين حجب الدموع والدم.
كل شطر يبني نفسه على غراره، بما يمتلكه من قدرات وموارد بشرية ومادية ومن تاريخ متعين ومن خصوصيات اجتماعية وثقافية. على أن تقوم بين الشطرين روابط رافدة، وعلاقات مشتركة على قاعدة من التعاون المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية لكل شطر. وهذا هو الحل الذي نسعى إليه: جمهوريتان ووطن واحد.
*باحث وناقد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى