عوض أحمد لـ«الأيام»: تكريمي بعد موتي يفقد قيمته الحقيقية ومعناه الكبير

> حاوره/ مختار مقطري

> بعض الفنانين تحبه وتحترمه، ليس لأنه فنان متميز بعطاء فني جميل، بل لأنه ذو قلب طيب وأخلاق رائعة وتواضع أنيق، ثم تحبه وتحترمه أكثر إذا جمع بين الفن الجميل والخلق الحسن، والفنان الكبير، كروان المثلث الذهبي، عوض أحمد، جمع بين الاثنين، مشوار فني طويل تكتب فصوله بماء الذهب وأغنيات رائعة جمعت بين الشعبي والطربي منها أغنيات مضيئة، تعد من الأغنيات الخالدات التي ستبقى ولن تموت، لتؤسس تراثا للمرحلة الفنية القادمة التي لم تبدأ بعد لأننا وإلى اليوم مازلنا نعيش مرحلة عوض أحمد الفنية، وغيره من الفنانين الكبار، ولم تتحول أغانيه بعد إلى تراث.
مشوار طويل فيه العطاء الفني الجميل، وفيه الدموع والضحكات والنجاحات والإخفاقات، لكنه استمر لأن صاحبه استمر وقد أيقن أنه ولد لكي يغني، وأنه يغني لكي يشعر بنعمة الحياة، حين يسعد من حوله بفنه الجميل.
مع عوض أحمد كان هذا اللقاء مع الكروان الذي غرد فوق غصن أخضر معلق على أيكة أبينية وارفة الظلال، ثم طار ليغرد مرفرفا على شجرة فل تعبق بالحب والعشق والهيام في خمائل الحسيني، قلب لحج النابض شعرا وموسيقى ودموعا وآهات، وناداه صوت الحياة المشرقة من عدن، فطار الكروان إليها، ليملأ سماءها تغريداً، وسواحلها نورا وجمالا في أمسيات العشاق والسهارى ومحبي الإفاقة الأولى للفجر، ثم طارت أغانيه لليمن كلها، وللبلاد العربية، دون أن يشكره أحد، فاكتفى بالرضا والصمت الجميل المدثر بروحه الحلوة ويبقى سؤال، هل نجحت في أن أحاور الكروان؟
* بدأت مشوارك الفني وأنت طفل، هل كنت تفهم حينها معاني الأغنية التي تغنيها؟
- لا، ولكني كنت أغني من روحي بتأثير انفعالي بالموسيقى.
* ماهي الأغنية التي كانت السبب في خطوتك الأولى، وماهي أغنيتك الأخيرة، وماذا تقول عن المسافة بينهما؟
- (ألا ليه ياهاجري) عام 1965 من كلمات أحمد سالم عبيد ولحن العطروش، الذي سبق وغناها في التلفزيون، أغنيتي الأخيرة لم أغنها بعد، والمسافة بينهما مشوار طويل من الكفاح والعرق والدموع والتعلم أيضا.
* عوض أحمد لم يبدأ مشواره الفني الحقيقي إلا بلقائه بالعطروش.. ما رأيك؟
- بدأت وأنا طفل مع عبدالقادر الكيلة، ومن أجمل ما قدمه لي أغنية (عاد شيء رحمة) كلمات نصر صالح غرامة، ولكن بداية الفنان الحقيقية كانت مع العطروش.
* كنت طفلا يتيما، هل كان الحرمان من الحنان سبباً في ميلاد موهبة الغناء لديك؟
- اخترت الغناء في سن مبكرة، رغم معارضة الأهل، وكنت أقول (بيجوا يوم وبايحترموا اختياري) وكان الغناء نوعا من التعويض عن أمور كثيرة.
* متى بدأت عشق أم كلثوم؟ وماذا استفدت منها؟
- بدأ حبي لأم كلثوم في سن مبكرة، أنا درست في معهد أم كلثوم، واستفدت منها سلامة النطق ووضوح اللفظ والغناء بإحساس صادق.
* أتخيل وجود عدة قصص عاطفية في حياة عوض أحمد لا قصة واحدة .. ما رأيك؟
- أنا إنسان وأيضا فنان، ولذلك عشت الحب في أسمى معانيه، وحياة الفنان لا تخلو من الحب، بل يجب ألا تخلو من الحب، ليكون أقرب إلى الناس وقادرا على التعبير عن مشاعرهم بإحساس مرهف.
* لو عدت للوراء. ماهي أخطاؤك الفنية التي ستحرص على تجاوزها؟
- من المستحيل الرجوع للوراء، تقول أم كلثوم: (وعايزنا نرجع زي زمان.. قول للزمان ارجع يازمان)، ولا شك أن هناك أخطاء فنية في مشوار كل فنان، المهم أن يستفيد منها ولا يكررها.
* هل حققت طموحاتك الفنية؟ وهل مازلت تحلم بتحقيق إنجازات جديدة؟
- غنية بدار الاوبرا بالقاهرة أمام جمهور كبير، لكني مازلت أحلم أن أغني على مسرح كبير وجمهور غفير من السميعة، يردد معي بعض فقرات الأغنية ويطالبني بالإعادة وهو يهتف ياسلام.
* هل ندمت على اختيارك للفن؟
- لا، لكن يراودني الندم أحيانا بسبب بعض أوضاع تمر بها البلاد، ولكن الحمد لله، مع إيماني أن الفن رسالة عظيمة.
* هل تشعر بأنك نلت حقك من التكريم؟
- لا .. ويمكن حدوث ذلك بعد ما أموت، ويفقد التكريم قيمته الحقيقية ومعناه الكبير
* ليس لأحد فضل على الفنان، موهبته فقط هي التي تحقق له النجاح .. ما رأيك؟
- نعم .. هذا صحيح إلى حد كبير.
* جاوبني بصدق.. من هو الشاعر الذي ترتاح لكلماته والملحن الذي تطربك ألحانه فتغنيها؟
- كلهم، فكل شاعر وملحن تعاملت معه ارتحت لأسلوبه، ولولا ذلك لما غنيت الأغنية.
* أشعر أن عوض أحمد رغم مشواره الفني الطويل وإنجازاته الفنية الكثيرة، لا يزال طفلا هاويا للغناء، مارأيك؟
- شعورك في محله، لأن الفن لا يكبر ولا يشيخ، والتعامل معه يحتاج لطفل يغني بصدق وليس هناك أصدق من الطفل في براءته والتعبير عن مشاعره.
* أريدك أن تختتم هذا الحوار بجزء من قصيدة غنيتها أو بالقصيدة كلها.
- الاختيار صعب، فكل أغنية هي قطعة من روحي.. ولكن أختار دون انحياز هذا المقطع من أغنية (أحبك دايماً) كلمات الشاعر الكبير صالح نصيب ولحن الموسيقار غلام علي (احبك دايما
حبك معي في القلب والوجدان
سكن في الروح واتعشبك
جرى في داخل الشريان
بدونه مستحيل احيا
ولا لي دنيا في الدنيا
سوى ليل اللقا الهتان)
* هل أنت حريص على نشر هذا الحوار؟
- مؤكد، فكل حوار يُجرى معي أتابع نشره باهتمام، لأنه نافذة أطل منها على جمهوري، فما بالك وهذا الحوار معك أنت أستاذ مختار، وسوف ينشر في صحيفة “الأيام” الغراء، أشكرك وأشكر كل القائمين على الصحيفة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى