رجــــال في ذاكــــرة التـاريـــخ.. 1- الحاج عبدالغفور محمد عوض: صاحب أممية مصغرة في عمله وعلاقاته.. 2- أ. محمد عبدالله العصار: فتح صدره لكرسي الأستاذية وأدار ظهره لكرسي المسؤولية

> نجيب محمد يابلي

> 1 - الحاج عبدالغفور محمد عوض
الميلاد والنشأة
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي

بحسب الكتاب المرجعي (أرضنا الطيبة.. هذا الجنوب) للخالد الذكر عبدالرحمن جرجرة (خال الزميلين هشام وتمام باشراحيل): تقع سلطنة يافع بني قاصد في الشمال الغربي من عدن، وتمتد شمالاً لتنتهي بحدود يافع العليا المتاخمة للحدود اليمنية.
تنقسم يافع بني قاصد إلى خمس مناطق وكل منطقة تعرف باسم (مكتب) وهي: مكتب كلد ومكتب يهر ومكتب أهل يزيد ومكتب أهل سعد ومكتب أهل ذي ناخب.
الحاج عبدالغفور محمد عبدالله عوض من مواليد 1900م في قرية «سلفة» (بيت آل عتيق) يافع وتتلمذ على يد المرحوم الفقيه عبدالرحمن الحريري في قرية المحجبة، حيث درس علوم الدين وحفظ القرآن وتوطدت علاقته بشيخه الحريري ولم ينقطع تواصلهما في الحل والترحال في كل من يافع وأبين وعدن.
كان الحاج عبدالغفور محمد عبدالله عوض، أو كما سماه الضابط الإنجليزي فرانك ادوارد في كتابه (The Gaysh) ص 29 و 54 «عبد الغفور محمد اليافعي» من أوائل الملتحقين بجيش محمية عدن Aden Proteetorates Levies APL عام 1928، والذي عرفته العامة بـ «جيش الليوي» وسمي فيما بعد بـ«الجيش الاتحادي النظامي» Federal Regular Army - FRAA ، وأرخ الكتاب المرجعي المذكور لتكوين الجيش فيما كان يسمى بـ«الجنوب العربي» Federation of South Arabia في المرحلتين: الأولى 1927 – 1961 والثانية 1961 – 1967م.
انتداب الحاج عبدالغفور إلى جيش البادية الحضري
بعد الحرب العالمية الثانية تم انتداب الضابط عبدالغفور محمد اليافعي للعمل في محمية عدن الشرقية Eastern Aden Protectorates (حضرموت) للمساهمة في إعداد وتدريب جيش البادية الحضري في الأربعينيات من القرن الماضي.
انتداب الضابط عبدالغفور للعمل نائباً لسلطنة الواحدي
انتدب الضابط عبدالغفور محمد اليافعي ومعه الحجعدار حسين ناصر شنظور ليكون نائبا لسلطنة الواحدي التي عاشت فترة صراعات وتمردات وكان الحجعدار حسين ناصر شنظور قائداً لجيش سلطنة الواحدي وفي بداية خمسينات القرن الماضي تم تكليف الحاج سعيد بن أحمد المطهافي ليكون نائباً لسلطنة الواحدي والذي بذل جهداً جباراً لإرساء دعائم الأمن والاستقرار منذ عام 1948 وعمل على الحد من الثأرات القبلية في السلطنة وعلى وجه الخصوص في الشقين الحميري والسعدي وتقاعد الحاج عبدالغفور حوالي عام 1952م.
الحاج عبدالغفور في حاضرة سلطنة العوالف السفلى
انتقل الحاج عبدالغفور محمد اليافعي إلى أحور، حاضرة سلطنة العوالق السفلى، حيث تم تعيينه حاكما عرفيا، وفي الحاضرة أحور تعرف الحاج عبدالغفور على العلامة علي بن أبي بكر المشهور ونشأت بينهما صداقة حميمية امتدت لسنوات، حيث برز شغف الحاج عبدالغفور بتوسيع معارفه في علوم الدين التي بدأها مع صديقه الحريري ولمس الحاج عبدالغفور جهود الحبيب المشهور للدعوة والإصلاح بين العباد والتي أفادت كثيرا في إرساء السلم الاجتماعي بين القبائل التي كانت أسيرة الجهل وضحية الفتن الطاحنة.
ذكر الحاج عبدالغفور في صحيفة «الأيام»
نشرت «الأيام» سلسلة تحقيقات عن سلطنة الواحدي في عددها الصادر يوم 22 يناير 2006 وورد فيها اسم الحاج عبدالغفور وكذلك في كتاب «قبسات من نور» للحبيب أبي بكر المشهور في الصفحتين 399 و 400 والذي خصصه لإيضاح حياة والده المرحوم العلامة الجليل الحبيب المشهور.
الحاج عبدالغفور يحظى بترحيب السلطان عيدروس العفيفي
تقاعد الحاج عبدالغفور محمد اليافعي عن الخدمة في العام 1956 وعاد إلى مدينة الحصن، حاضرة سلطنة يافع السفلى ومقر سلطانها، حيث استقر فيها وحظي بترحيب واهتمام السلطان عيدروس بن محسن العفيفي، سلطان يافع السفلى وقربه إليه وعينه حاكما لمحكمة الحصن العرفية ثم حاكما عرفيا لمحكمة جعار العرفية، وتزامن ذلك مع النمو والازدهار الكبيرين للسلطنة نتيجة جهود بذلها نائبه وابنه الأمير محمد بن عيدروس والرامية إلى تأسيس أجهزة سلطة مدنية حديثة وكذلك تحت قيادة خلفه النائب حيدرة بن منصور العلوي.
صاحب الأممية المصغرة يتفرغ لأرضه الزراعية
وفي العام 1960 قدم الحاج عبدالغفور محمد اليافعي استقالته وتفرغ للعمل في أرضه الزراعية، وكان رحمه الله رجل حكمة ودولة وقائداً عسكريا محنكا وعرفه الناس في يافع وحضرموت والواحدي والعوالق السفلى، وأحب الناس وأحبوه وخبروه رجلاً بسيطا في حياته ومتواضعا في سلوكه وخبر الناس انحيازه للحق والعدل ولا يخشى في ذلك لومة لائم.
كان الحاج عبدالغفور صاحب أممية مصغرة حيث خبر المسئولية وتعامل مع السكان والجنود في تلك المناطق من الجنوب: الواحدي ويافع والعوالق السفلى وحضرموت، ويكون بذلك قد تشبع بالنموذج الإسلامي في الأممية، حيث كان الإسلام أرقى نظام أممي في التاريخ وتجلى ذلك في الصحابة رضوان الله عليهم صهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي.
انتقل الحاج عبدالغفور محمد اليافعي إلى جوار ربه عام 1979م عن 79 عاماً بعد حياة زاخرة بالعطاء والوفاء.
2 - الأستاذ محمد عبدالله العصار
الميلاد والنشأة
أسرة عبدالله غالب العصار من الأسر العريقة في الشيخ عثمان (عدن)، ارتبط عميدها عبدالله غالب العصار بمعاصر زيت السمسم ودرت عليه مالاً وفيرا مكنه من احتلال موقعه بين ملاك العقارات وغالبها محلات تجارية ومقاهي شعبية في وسط المدينة..
محمد عبدالله غالب العصار من مواليد الفيحاء الشيخ عثمان (عدن) يوم 21 يونيو، 1935م، وتلقى قدرا يسيراً من التعليم في مدارس عدن، وبعد منتصف الأربعينات من القرن الماضي توفي والده فيسرت له والدته السفر إلى مملكة مصر قبل خمسينات القرن الماضي، وتلقى في القاهرة مرحلتي تعليمه الإعدادية والثانوية.
التحق محمد عبدالله العصار بكلية الاقتصاد بالقاهرة وحاز على بكالوريوس الاقتصاد تخصص محاسبة عام 1964م.
العصار وأول المشوار في إدارة الضرائب
فور تخرجه محاسباً من كلية الاقتصاد من إحدى جامعات القاهرة عام 1964 التحق محمد عبدالله غالب العصار بإدارة الضرائب بعدن وعمل محاسبا أيضا مع شركة جورج تايلور بعدن..
وفي العام 1969 وتحديداً في شهر أبريل التحق العصار بسلك التعليم وعين في إحدى الثانويات التجارية مدرسا واستمرت خدمته في هذا السلك المقدس حتى أواخر أبريل عام 1977م.
العصار ومشوار خصب في كلية الاقتصاد
صدر الكتاب الأول عن جمعية خريجي ومنتسبي كليتي الاقتصاد والعلوم الإدارية عام 2007م، وشارك في الكتاب الأستاذ محمد عبدالله العصار، أول نائب أكاديمي لكلية الاقتصاد والإدارة، أستاذ المحاسبة بالكلية، جاء فيه إنه في صيف 1971 اكتملت الإجراءات التأسيسية التي أخرجته الثانوية التجارية إلى حيز الوجود، وتحدث الأستاذ العصار عن الإجراءات اللاحقة لذلك والتي توجت في مارس 1974 بافتتاح كلية الاقتصاد، وكان الأستاذ الشناوي شيب أول عميد لها.
وفي ديسمبر 1977 عين الأستاذ محمد عبدالله العصار نائبا لعميد كلية الاقتصاد لشؤون الأكاديمية حتى عام 1982م.
العصار يفتح صدره لكرسي الأستاذية ويدير ظهره لكرسي المسؤولية
كان الأستاذ محمد عبدالله العصار مصمماً على إفناء حياته وبذل وقته من أجل التدريس وخدمة الطلاب، وكان يرى في كرسي المسؤولية حرجاً لأن التقاليد الأكاديمية لا وجود لها وكل ما هو موجود على السطح آفة التعيينات السياسية التي أفسدت الواقع العام، وأعاقت نمو البلاد عامة والتقاليد الأكاديمية على وجه الخصوص وما يتبع ذلك من ثمرات ونتائج تعيقك عن اللحاق بأفضل الجامعات على المستويين العربي والدولي في أفضل الجامعات.
العصار من ضمن الأعضاء المؤسسين لكلية الاقتصاد
كرمت قيادة جامعة عدن في عهد الأكاديمي المعتبر الدكتور عبدالوهاب راجح، رئيس الجامعة، الأعضاء المؤسسين لكلية الاقتصاد وفي مقدمتهم:
1 - الأستاذ عبدالمجيد عبدالله عراسي
2 - الأستاذ محمد عبدالله العصار
3 - الأستاذ عمر محسن الكثيري
4 - أ.د. خميس ربيع عميران
5 - د. محمد أبوبكر العماري
6 - د. حسن علي القفعي
7 - الأستاذ محمد عبدالقادر الحوثري
8 - د. محمد عوض السعدي
9 - د. سعاد عثمان يافعي
10- د. صباح أحمد شرف
وبلغ عدد المكرمين (29) مكرماً من ضمنهم د. علي محمد مجور و د. أحمد صالح منصر ود. عبدالله محسن طالب ود. محمد عبدالوارث ود. فؤاد راشد وأستاذ مصطفى راجمنار..
وداعاً أستاذ محمد عبدالله العصار
حرص الأستاذ محمد عبدالله غالب العصار على خدمة وطنه وشعبه حيث نشأ في بيئة وطنية فشقيقه الأكبر علي عبدالله غالب العصار وشقيقه الآخر فضل عبدالله غالب العصار وصهرهم المناضل الوطني المعروف عبدالله علي عبيد، كانوا معروفين في ساحة العمل الوطني والنقابي والاجتماعي، إلا أن دور محمد عبدالله العصار كان متواضعاً قياسا ومقارنة ببقية أفراد الأسرة لأنه قضى ردحاً من سنوات عمره في الدراسة خارج الوطن (في مصر)..
يحسب للفقيد العصار أنه يتفاعل مع قضايا تستحق مشاركته ومساهمته وحصل على شهادة تقديرية من قيادة نادي الوحدة الرياضي في الشيخ عثمان ممثلة بالدكتور حميد قباطي، رئيس النادي، لمساهمته الكريمة في رفع معاناة النادي المالية.
انتقل الأستاذ محمد عبدالله غالب العصار إلى رحمة الله تعالى يوم السبت 23 ديسمبر 2017 عن (82) عاماً بعد رحلة عطاء أكاديمية، وخلف وراءه خمسة أولاد هم: 1 - أمل، 2 - عبدالله، 3 - هاني، 4 - أسامة، 5 - هشام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى